نشرت صحيفة "فيلت" الألمانيةتقريرا تحدثت فيه عن عثور باحثين صينيين على أدوات حجرية وعظام حيوانات يعودتاريخها إلى ملايين السنين.
وقالت الصحيفة، فيتقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه كل 300 ألف سنة تطرأ تغيرات علىالمجموعات الصخرية، وهي المدة اللازمة لقياس تاريخ البشرية. وفي الصين، وتحديدا فيمدينة شانغ تشين في محافظة شنشي، تم اكتشاف مجموعة من الأدوات الحجرية وعظامالحيوانات ما يشير إلى أن البشر الأوائل سكنوا هذه المنطقة قبل 2.1 مليون سنة مضت.
وأفادت الصحيفة بأنالحفريات الصينية الجديدة تعتبر الدليل الأقدم على وجود البشر الأوائل خارج قارةأفريقيا. وقبل هذا الاكتشاف، كانت حفريات منطقة دمانيسي في جورجيا تعد أقدم دليلعلى وجود رئيسيات الهومو خارج قارة أفريقيا. وقد أثير جدل واسع حول حفريات دمانيسيوتم تصنيفها تحت آثار "الإنسان المنتصب".
نشر فريق منالباحثين برئاسة الباحث زهاو يو زهو، من الأكاديمية الصينية للعلوم،بالاشتراك مع الباحث من جامعة إكزتر الإنجليزية روبن دينيل، في مجلة"نايتشور" العلمية، بحثا كشفوا فيه أن الحفريات التي عُثر عليها فيالصين تشير إلى أن جنس الهومو هاجر من أفريقيا في وقت مبكر عما كان يعتقده العلماء.
وأوردت الصحيفة أنه منالمعروف لدى الباحثين أن كافة أجناس البشر الأوائل اتخذت من أفريقيا موطنا أصليالها. وفي تعليقه على نتائج البحث المنشور في مجلة نايتشور، أكد الباحث في جامعةتكساس جون كابلمان، أن أشباه البشر سكنوا أفريقيا قبل ستة ملايين سنة. وتشير أقدمالنتائج إلى أن الإنسان العاقل كان يقطن أفريقيا قبل 300 ألف سنة، وكان يعيش فيالمغرب، بينما هجر الإنسان الحديث قارة أفريقيا قبل 100 ألف سنة.
وأوضحتالصحيفة أن أسلاف الإنسان البدائي هاجروا من أفريقيا بالفعل. وكشف الباحثون أنهمنذ مئات آلاف السنين، تنقلت كافة الأصناف البشرية داخل قارة أفريقيا وخارجها، إلاأن هذه الأصناف انقرضت جميعها ولم يتبقى سوى الإنسان العاقل. في الأثناء، أعلنالفريق البحثي أنه اكتشف قرابة 96 أداة حجرية على منحدرات هضبة اللوس الصينية.
وبينتالصحيفة أن الأدوات التي عُثر عليها كانت أدوات مخصصة للعمل، بينما كانت أخرىمخصصة للقطع وحرث الأرض والحفر. كما عثروا على أحجار كبيرة من المرجح أنها كانتتستخدم كمطرقة. وتقريبا، صنعت كافة هذه الأدوات من أحجار الكوارتز والكوارتزيت،ومن المحتمل أنه تم استخراجها من تلال جبال كوين لينغ، التي تبعد عنها مسافة خمسةإلى عشرة كيلومترات جنوبا.
ومنبين تلك الاكتشافات، وجد الباحثون عظام غزلان من نوع "الأيل"، ونوعالأبقار التي يطلق عليه "البقريات"، وقد تم تسجيل النتائج حسب الطريقة"الباليومغناطيسية". وقد قارن فريق البحث اتجاه المعادن المغناطيسية فيالطبقات الأثرية مع القطبية القديمة للمجال المغناطيسي للأرض، التي تغيرت باستمرارعلى مدار السنين وانعكست خلال فترات معينة من عمر الأرض.
وذكرتالصحيفة أن النتائج تؤكد أن هذه المعادن حافظت على اتجاه المجال المغناطيسي للأرضفي أوقات محددة، وترجع أحدث الطبقات الأثرية إلى 1.3 مليون سنة وأقدمها يعود إلى2.1 مليون سنة. وكتب فريق البحث في دراسته أن "كل تلك النتائج تشير إلى أنهمن الضروري إعادة التفكير في تأريخ الانتشار الأول للبشر الأوائل".
وأبرزتالصحيفة أن عالم السلالات البشرية كابلمان، ذكر في تعليقه في مجلة"نايتشور" أنه متقنع بفكرة التأريخ، خاصة أن الأدوات الحجرية المكتشفةتشابه إلى حد كبير تلك التي تم اكتشافها في قارة أفريقيا، كما أنها تعود لنفسالحقبة الزمنية. ويعتقد كابلمان أن مستخدمي هذه الأدوات كانوا من جنس الهومو. وبينكابلمان أن المسافة الفاصلة بين المنطقة الصينية في شرق آسيا وشرق أفريقيا تصل إلى14 ألف كيلومتر، ما يشير إلى أن البشر الأوائل انتشروا وعاشوا في مساحة كبيرة.
وذكرتالصحيفة أن رئيس معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية، جان جاك هوبلين، يرى أنهذا الاكتشاف حساس للغاية. فقبل سنة، نشر هوبلين مع فريقه البحثي دراسة في مجلة"نايتشور" تؤكد أن الإنسان المنتصب ظهر لأول مرة منذ 1.9 مليون سنة فيقارة أفريقيا، وذلك أقدم أثر وجد له حتى الآن.
ونوهتالصحيفة بأن هوبلين يعارض فكرة التأريخ، نظرا لأنه سيُكتب من وجهة نظر مجموعةبحثية واحدة. ولهذا السبب، يجب إعادة فحص ومسح المنطقة الصينية، لأن الأدلة غيرقاطعة بسبب طبيعة المنحدرات في هضبة اللوس الصينية. وأضاف هوبلين أن الأثر يجب أنيكون منتشرا على نطاق واسع وليس في منطقة واحدة. ولكن يبدو أن الفريق البحثي قامبمسح سطح الهضبة فحسب.
وفيالختام، قالت الصحيفة إن التأريخ الباليومغناطيسي قد يخطئ خاصة أنه لا يشير إلىعمر مطلق للأثر؛ فطريقة الحساب تتم من خلال قياس اتجاه المجال المغناطيسي، الذي لايعطي نتائج مؤكدة. ومن جهته، قال هوبلين إن "هذا الاكتشاف مهم للغاية، وفيحال ثبتت صحته، سيُحدث ثورة في مجال دراسة توزيع سكان العالم قديما".
مزيد من التفاصيل