أثارت تحذيرات قائد الانقلاب، عبدالفتاحالسيسي، المتكررة من انهيار الدولة المصرية من الداخل وليس من الخارج، تساؤلات حولمن هم أعداء الداخل الذين يحذر منهم باستمرار، ومن هم هؤلاء الذين بالخارج ولا ينزعجأو يقلق منهم.
وكرر السيسي تحذيره مرتين متتاليتين في مناسبتين مختلفتينفي الآونة الأخيرة، الأولى أثناء زيارته للسودان نهاية الأسبوع الماضي، ولقائه بعددمن المفكرين السودانيين، والمرة الثانية خلال الاحتفال بتخريج دفعة جديدة من طلبة الكلياتالعسكرية، حيث روج لما قال إنها نظرية انهيار الدول من الداخل، في إشارة إلى "الثوراتالشعبية".
وفي المرة الأولى، قال إن "الجديد في الصراعبين الدول ليس مبنيا على صدام مباشر بين الدولة ودولة أخرى، الجديد في الموضوع النهارده أنه يتم تفكيك الدول من الداخل، وهو أصعب إجراء؛ لأن من يقوم به هم شعوب تلك الدول"،مؤكدا أن مصر نجت من هذه التجربة "بنجاح".
وفي المرة الثانية، قال إن "الخطر الحقيقي الذييمر ببلادنا وبالمنطقة التي نوجد فيها هو خطر واحد، وهو تدمير الدول من الداخل، عبرالضغط، والشائعات، والأعمال الإرهابية، وفقد الأمل، والإحساس بالإحباط، كل هذه الأمورتعمل بمنظومة رهيبة للغاية، الهدف منها هو تحريك الناس لتدمير بلدها، لا بد أن ننتبهتماما لما يحاك لنا".
أعداء الداخل والخارج
وعلق مؤسس تيار الأمة، زعيم حزب الفضيلة، محمود فتحي،بالقول إن "كل نظام عسكري عادة ما يصطنع عدوا داخليا؛ كي يشغل الناس به، وغالباما تكون تلك الأنظمة المستبدة عميلة للخارج، من أجل أن يستتب لها الحكم في ظل عمالتهاللغرب".
وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن "الوضعالآن في مصر مختلف، ولا يسمح للنظام العسكري أن يتخذ عدوا خارجيا، كما حدث في خمسينياتوستينيات القرن الماضي؛ بسبب قرب عهد الناس بحركات التحرر، والقضية الفلسطينية، ولكنالسيسي وزمرته لا يريدون عدوا خارجيا؛ لأنهم غيروا المعادلة القديمة، وبدلوا من عقيدة السياسة الخارجية للبلاد، وبات العدوالإسرائيلي صديقا وحليفا".
وبشأن العدو الداخلي، أوضح أن "العدو الموجودبالداخل بالنسبة لنظام السيسي هم كل من يعارض السلطة العسكرية، وفي مقدمتهم التيارالإسلامي، والتيارات المدنية الأخرى، حتى وإن كانت أقل عددا وحشدا وإمكانيات، إلا أنهاعدوة لهذا النظام، وبالتالي فالجميع أعداء، ولكن وفق سلم عداوة خاص بالنظام".
وذهب إلى القول إن "كل ما يمارسه النظام من فشليعلقه على شماعة الأعداء الداخليين، على عكس عبد الناصر، الذي تبنى مصطلح الأعداء الخارجيين،وهذه العداوة لحشد هذا الشعب، بالتدليس والكذب، وتسمح له بجميع أنواع الفشل المقصودوغير المقصود، واستخدامه مبررا لفشله، وأعداء الداخل هم من شاركوا في ثورة يناير، وفيالقلب منهم التيار الإسلامي".
نموذج الفشل ونموذج العمالة
من جهته، قال النائب السابق، والسياسي المصري، طارقمرسي، لـ"عربي21"، إنه "منذ الانقلاب وحتى اليوم تأكد أن السيسي يمثلنموذجين في وقت واحد، نموذج الفشل الكامل في إدارة الدولة، والنموذج الآخر هو العمالةالكاملة لإسرائيل، وهذان النموذجان لم يتركا لمصر السيسي أعداء في الخارج؛ لأن أشدأعداء مصر لا يتمنى لها أكثر من الاستمرار تحت حكم هذا العميل الفاشل".
وفيما يتعلق بأعداء الداخل، أوضح أن "ما يخشاهالسيسي فعلا هو الداخل، ويقصد بذلك الشعب المصري أو أي قوى سياسية، أو حتى أي إنسان وطنيحر، إذ إن أبجديات الوطنية والحرية والكرامة تأبى أن تظل مصر الكبيرة تحت حكم هذا العميلوعصابته بعد التفريط في جزيرتي تيران وصنافير، والتنازل عن ثروات الغاز في البحر المتوسط،وإهدار حقوق مصر التاريخية في نهر النيل".
مضيفا: "ولا يزال هناك الكثير من الكوارث تنتظرالمصريين على يد السيسي فيما يسمى صفقة القرن، التي تقضي بتنازل مصر عن جزء من سيناءلصالح الكيان الإسرائيلي؛ لتصفية القضية الفلسطينية".
واختتم حديثه بالقول: "تخوف السيسي من الداخل هو التخوف من أي هبة شعبية أو حراك، وهو ما تنذر به الأحداث ويشي به الغضب المتراكموالاحتقان الشعبي منه ومن طغمته وعصابته، ويبدو أن أجهزة مخابراته ترصد ذلك؛ لأن الواقعربما يبشر بثورة شعبية عارمة عما قريب"، على حد قوله.
مزيد من التفاصيل