بحلول الذكرى الخامسة لجريمةفض اعتصامي "رابعة العدوية" و"النهضة" بمصر، والتي تحل الثلاثاء14 آب/أغسطس الجاري؛ يثار التساؤل حول الموقف القانوني لمرتكبي "مذبحة القرن"-حسب توصيف منظمات حقوقية دولية- بعد مرور 5 سنوات.
وإلى جانب "القائمةالسوداء" التي وضعها ناشطون بأسماء المشاركين بالجريمة من قيادات الجش والشرطة؛اتهمت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في آب/أغسطس 2014، قيادات عسكرية وشرطية ومدنية بالتخطيط وتنفيذ مجزرةفض "رابعة" التي راح ضحيتها بأقلتقدير 670 معتصما حسب وزارة الصحة المصرية، بينما تحدثت تقديرات جماعة الإخوان المسلمينعن 3 آلاف "شهيد".
وباستثناء قائد الانقلابعبدالفتاح السيسي، ووزير دفاعه الحالي محمد زكي، أصبح معظم المتهمين خارج النظام، حيثتمت إحالة الكثير منهم للاستيداع أو فقدوا مناصبهم المدنية عبر التغييرات الوزاريةللسيسي، وذلك قبل أن يقر البرلمان في 3 تموز/يوليو الماضي، قانون "معاملة كبارقادة القوات المسلحة" ليحصن به القادة العسكريين الذين تولوا مناصب قيادية منذثورة 2011 وحتى اليوم، وبينهم مرتكبي مذبحة "رابعة".
وفي 14 حزيران/يونيو الماضي،عزل السيسي، الفريق صبحي صدقي رئيس أركان الجيش وقت فض رابعة، وذلك قبل أن يعزل صهرهرئيس المخابرات الحربية حينها محمود حجازي في تشرين الأول/أكتوبر 2017، وأقال وزيرالداخلية وقت الفض محمد إبراهيم، في 5 آذار/مارس 2015، ومدير المخابرات العامة اللواءفريد التهامي في كانون الأول/ديسمبر 2014، وحازم البيبلاوي، أول رئيس وزارء عقب الانقلابفي شباط/فبراير 2014.
وتخلص قائد الانقلاب من قياداتالأمن المشاركين بالتخطيط والتنفيذ للمجزرة تباعا؛ ومنهم مساعد وزير الداخلية للأمنالمركزى، قائد قوات الفض اللواء مدحت المنشاوي، ومساعد وزير الداخلية لأمن الدولة اللواءخالد ثروت في شباط/فبراير 2017، ومدير أمن القاهرة اللواء أسامة الصغير في كانون الأول/ديسمبر2015، ومساعد وزير الداخلية للأمن المركزي اللواء أشرف عبد الله في آب/أغسطس 2014،ومدير أمن الجيزة اللواء حسين القاضي في آب/أغسطس 2013.
تواطؤ دولي وتباطؤ المعارضة
وفي تعليقه يرى المحلل السياسيعزت النمر، أن "رابعة تعد أسوأ مجازر التاريخ الإنساني الحديث، كما أنها تمت علىمرأى ومسمع من العالم بأسره، وعليه فهي جريمة لا تسقط بالتقادم".
النمر قال لـ"عربي21"،إنه "يجب أن يطال سيف الملاحقة القانونيةوالعار الأخلاقي كل من شارك فيها سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة"، مضيفا"لكن موازين القوى وانعدام الضمير الإنساني وغياب الوازع الإخلاقي فضلا عن الحساباتالسياسية هو ما منح غطاء قذرا لمرتكبي كل المجازر التي نفذها الانقلاب بدم بارد ولايزال".
ويعتقد الباحث السياسي، أن"أهالي الشهداء لم ولن ينسوا ثأرهم ومازالت جذوة الأمل بقصاص عادل مشتعلة بنفوسهمعلى الرغم من طول الوقت والدعم المحيط بمجرمي الداخل من محيط إقليمي ودولي شارك بالجريمةوأشرف عليها".
وحول ملف محاسبة المسؤولينعن تلك الجريمة؛ يعتقد النمر "أنه لا جديد فيه؛ وهذا يرجع لسببين: أولهما التواطؤالدولي على الربيع العربي بعامة والملف المصري بخاصة لمكانة مصر من الأمة وحساسيتهابالقضية الفلسطينية"، مضيفا "أما السبب الثاني فيتعلق بضعف أداء النخبة المصريةعامة وثغرات بالأداء الحقوقي والقانوني بادية بمحيط المعارضة".
على خطا دكتاتور شيلي والبوسنة
وقالت الأكاديمية المصريةالمعارضة بأمريكا سارة عطيفي: إن "ما حدث بمصر ورابعة والنهضة ورمسيس وغيرها جرائمضد الإنسانية"، مؤكدة أن "الجريمة الإنسانية لا تسقط بالتقادم أو بالتحصين".
أستاذة العلوم السياسية،أوضحت لـ"عربي21"، أن "هناك أمثلة كثيرة منها ديكتاتور تشيلي أوغستوبينوشيه الذي تمت محاكمته ومن معه بعد عشرات الأعوام من جرائمه، وأيضا مرتكبا المجازربحق المسلمين بالبوسنة، الصربيين راتكو ملاديتش، ورادوفان كراديتش، الذين تمت محاكمتهمابتهم الجرائم ضد الإنسانية".
وقالت إن "ملف محاسبةكبار المجرمين في حق المعتصمين وكل ما حدث ونتائجه يُسأل عنها المجلس الثوري المصريالمستشار وليد شرابي، وجماعة الإخوان المسلمين لأنهم على رأس الهرم الثوري".
طغيان السياسة على العدالة
وبالعودة لنائب رئيس المجلسالثوري المستشار وليد شرابي، وسؤاله حول ما تم من خطوات بملف محاكمة قادة الانقلابدوليا طبقا لما أعلنه المجلس الثوري في 2014، أوضح لـ"عربي21"، أنه"لم يصدر حكم ضد أحد ولكن هناك إجراءات تمت كثيرة ومعلقة بعدة محاكم وننتظر اتخاذخطوات إيجابية من تلك المحاكم".
وأضاف أن "كل ما يمكنأن يقال الآن بصورة عامة بهذا الملف، أن النظام السوري ارتكب جرائم ضد شعبه أكثر بكثيرمن جرائم عسكر مصر؛ وبالرغم من ذلك فإنه لدى المجتمع الدولي رغبة بتأمين الأنظمة المجرمةبمنطقتنا من أية محاكمة حقيقية"، معلنا أسفه بأن "الرغبة السياسية ما زالتطاغية على العدالة الجنائية الدولية".
مزيد من التفاصيل