صادق رئيس سلطة الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسيعلى قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات"، الذي يعطي لجهات التحقيقسلطة حجب المواقع من داخل الدولة وخارجها، إذا ثبت وضعها أية عبارات أو صور أوأفلام، أو مواد دعائية، تشكل تهديدا للأمن القومي المصري.
القانون رقم 175 لسنة 2018، المكون من 45 مادة، وبه33 حدثا مجرما، حدد الأمن القومي بكل ما يمس استقلال واستقرار وأمن الوطن ووحدتهوسلامة أراضيه، وكل ما يخص جهات الأمن القومي التي حددها في "رئاسةالجمهورية، ووزارتي الدفاع، والداخلية، والمخابرات العامة، وهيئة الرقابة الإدارية".
وحول حجب المواقع المهددة للأمن القومي، تساءلالكاتب الصحفي جمال نافع، بمقال له بـ"الأهرام"، عن "الذي يحدد أنهذه المادة أو الصور تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومي للخطر"، مضيفا: "أليست مادة مطاطة؟ فهل لو نشرت خبرا عن ارتفاع أسعار الكهرباء أو الارتفاعالمحتمل لأسعار البنزين، أليس هذا يمكن أن يعتبر مساسا بأمن البلاد واقتصادها؟".
اقرأ أيضا: كيف سخر المصريون من استبدال "فيسبوك" بموقع محلي؟
ويفرض القانون أيضا عقوبات بالسجن، والغرامة الماليةبملايين الجنيهات بحق مستخدمي الإنترنت والشركات مقدمة الخدمة لمخالفة أحكامه،فيما تعاقب (المادة 25) بالسجن سنة وغرامة 50 ألف جنيه كل من دخل عمدا أو بخطأموقعا أو نظاما معلوماتيا محظور دخوله، في الوقت الذي يحظر فيه النظام عشراتالمواقع المصرية والتي تبث من الخارج.
وكان قد أقر مجلس النواب بنوده في 14 أيار/ مايوالماضي، كأول تشريع مصري بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، إلا أنه أثار مخاوفالصحفيين والمعارضين من استغلال النظام القانون للبطش بهم وغلق صفحاتهم ومواقعهم،إلى جانب المخاوف من تسريب معلومات الأفراد بعد إلزام القانون مقدمي خدماتالإنترنت بالاحتفاظ ببيانات العملاء لمدة 180 يوما.
أين نقابة الصحفيين؟
وترى الكاتبة والناشطة السياسية منى إبراهيم، أن تطبيقهذا القانون "يعتبر اعتداء صريحا على حرية الصحافة وعلى حق المواطنبالمعرفة"، مبينة أن "مرجعية هذه القرارات كما تبررها الحكومة أن قانونالإرهاب بالمادة 29 يُجرم استخدام شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لبثمعلومات مُضللة وتضر بالأمن القومي".
وأضافت لـ"عربي21"، أنه بحسب نص القانونوفي المادة 49 فإن من حق النيابة اتخاذ قرار بغلق المواقع أو حجبها إذا رأت ذلك،موضحة أن الأمر أصبح يرجع لتقدير النيابة العامة، مشيرة إلى أن النظام قامبحظر نحو 496 موقعا في الفترة من 24 أيار/ مايو2017 وحتى الأول من شباط/ فبراير 2018.
المعارضة المصرية، ترى أن هذا القانون "يقفحائلا أمام حرية الرأي والتعبير"، معتبرة أن "هذه خطوة من سلسلة إجراءاتاتخذها النظام لتقييد الحريات ومنها البطش بالصحفيين والمصورين واعتقالهم".
وأضافت أنه "في الوقت الذي تستغل فيه الحكومةنصوص قانون لتقيد بها حرية تبادل المعلومات؛ فإن (نقابة الصحفيين) و(المجلس الأعلىللإعلام) ليس بإمكانهما التصدي لهذا الاعتداء، لأنهما يخضعان لتوجيهات المخابراتوأوامر أصحاب المناصب الرفيعة"، وفق قولها.
وأكدت الناشطة المصرية أنه "سيظل صاحب الرأيالحر يبحث دائم عن وسيلة يعبر بها عن رأيه دون قيود، ومن حق كل مواطن الوصولللمعلومات بكل الطرق"، متوقعة "ألا تمنعهم هذه الإجراءات من الوصولللحقائق ولن يقبل أحد الوصاية على عقل المصريين واتخاذ قرار في ما يقرأون وما يمنع عنهم".
كتالوج السيسي
من جانبه، قال الناشط السياسي الدكتور مصطفى جاويش،إن "هذا القانون هو ترسيخ للاستبداد السياسي والثقافي والاجتماعي والفكري"،مؤكدا أن "السيسي يتبع كتالوجا واضحا لترسيخ الاستعباد للمصريين، بقوله بشكلمتكرر (انتوا يا مصريين)، وكأنه ليس منا"، على حد قوله.
وأوضح جاويش لـ"عربي21" أن "هذاالكتالوج أعلنه السيسي بموقفين عندما قال أولا: إن الجيش قادر على الانتشار بربوعمصر خلال 6 ساعات"، مضيفا أنه "فعلها وسيطر على الداخل المصري بالقمعالمسلح".
وتابع بقوله: "ثانيا: عندما قال إنه قادر علىمواجهة حروب الجيل الرابع باستخدام كتيبة جاهزة لديه"، مضيفا: "وعلى ما يبدوأنه فشل بمواجهة آليات ووسائل عصر المعلومات، فأعلن بعدها بغضب شديد وقال: (اسمعواكلامي أنا وبس)".
وقال جاويش، إنه "على ما يبدو أن السيسي فشلأيضا، وأصبحت كلماته مثار سخرية واستخفاف مواقع التواصل الاجتماعي"، مضيفاأنه "لم يعد أمامه سوى الحجر على المصريين وغلق المواقع والصفحات".
اقرأ أيضا: ترسانة قوانين بالبرلمان المصري لتطويق "فيسبوك وتويتر"
وحول كيفية تحكم النظام بالمواقع والصفحات المعارضةوإمكانية أن ينهي السيسي عصر الإنترنت بمصر، بين جاويش، أن "السيرفر الرئيسيللإنترنت موجود بمركز معلومات مجلس الوزراء، وأنه تحت السيطرة الكاملةللنظام"، مؤكدا أن "الكابل البحري للإنترنت أيضا تحت سيطرة الجيش".
ويرى الكاتب الصحفي محمد منير، أن هناك خطورة معتطبيق هذا القانون على المواقع والصفحات والشخصيات المعارضة عبر مواقع التواصلالاجتماعي، مستدركا بقوله إن "هذه الخطورة لن تنهي عصر الإنترنت في مصر".
ورأى منير في حديث لـ"عربي21" أنه"لا يوجد أي نظام في العالم قادر على إنهاء عصر الإنترنت"، مشددا على أن"الخطورة على مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، في ظل سياسة البطشمن سلطة فاشية وحاكم ظالم"، بحسب تعبيره.
مزيد من التفاصيل