استهل رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، زيارته الخارجية الأولى إلى السعودية والإمارات، الأمر الذي يعد لافتا لا سيما أنه معروف بعلاقته الوطيدة مع الإيرانيين.
وتأتي زيارة خان إلى البلدين الخليجيين، وسط معارضته الشديدة لأي مشاركة من القوات الباكستانية لأي عمليات خارج بلاده، وفق قوله، ما يتضمن ذلك التحالف العربي الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات.
وتثار التساؤلات حول ماهية الزيارة، التي تأتي تلبية لدعوة السعودية، التي تتوجس من التقارب الباكستاني الإيراني على حسابها.
وبحسب محللين مطلعين على ملف العلاقات بين باكستان والسعودية، فإن الأخيرة تريد إبعاد باكستان عن إيران، في وقت تمر فيه كابول بأزمة اقتصادية، تدفعها إلى البحث عن خيارات مواجهة أزمتها بعيدا عن سلطة النقد الدولي، ما دفع خان لتكون زيارته الأولى لكل من الرياض وأبو ظبي.
أزمة اقتصادية
وفي هذا الصدد قال الإعلامي الباكستاني فؤاد أحمد، إن السعودية تربطها علاقة قوية مع باكستان منذ القدم، وتعد الدولة الداعمة الأولى للصندوق الباكستاني.
اقرأ أيضا: رئيس الوزراء الباكستاني يزور السعودية في أول رحلة خارجية
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن كابول تمر في مأزق اقتصادي خطير، والخزانة الباكستانية والاحتياط من العملة الصعبة "قاب قوسين أو أدنى من الانهيار"، ناهيك عن مشاكل في الحصول على قرض من بنك النقد الدولي.
وأوضح أن باكستان تسعى للتواصل مع السعودية والإمارات من أجل انقاذ الاقتصاد المنهار، وقد اعتادت في السابق للجوء إلى السعودية في أزماتها الاقتصادية، بالإضافة لدعوات إماراتية لتنمية استثماراتها فيها.
ومن جهته، أفاد المختص في الشأن الباكستاني محمد البلعاوي، بأنه جرت العادة من الزعماء الباكستانيين، أن يستهلوا زياراتهم الخارجية الأولى إلى السعودية، مشيرا إلى أن كابول اعتادت على الحصول على الدعم المالي من الرياض، وكثيرا ما وفرت لها مساعدات وقروض ومنح نفطية.
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن العلاقة بين البلدين مبنية على المنفعة المتبادلة بينهما، "فباكستان تقدم الحماية والدعم العسكري والأمني للسعودية، والأخيرة تقدم الدعم المالي والمشروعية الدينية".
لا معارك خارج الحدود
وحول الملف اليمني، قال أحمد، أن السعودية مارست ضغوطا على بلاده للمشاركة الميدانية في حرب اليمن، مضيفا أن موقف بلاده واضحا بأنها لن تشارك بجنودها ميدانيا، وإنما تكتفي فقط بإرسال نخبة من الجيش تقتصر مهامها على التدريب والتوجيه للجيش السعودي.
وأوضح أن رئيس الوزراء، عمران خان، يرفض قطعيا أي معركة للجيش الباكستاني خارج حدوده، وقد أكد على ذلك أكثر من مرة.
اقرأ أيضا: قناة سعودية سألت عمران خان عن اليمن.. وهكذا أجاب (شاهد)
وفي السياق ذاته، نوّه البلعاوي، إلى إن السعودية طلبت من رئيس الوزراء السابق ، نواز شريف، أن يرسل قوات باكستانية للمشاركة المباشرة في حرب اليمن، لكن البرلمان أحبط ذلك، والموقف السائد لدى الجيش الباكستاني ، أنه لا يريد أن يتورط في صراعات عسكرية تضر باكستان.
العلاقة مع إيران
وعن مدى قدرة السعودية على إقناع عمران خان، بالابتعاد عن إيران، لفت الإعلامي أحمد، إلى أن كابول تربطها علاقة خاصة مع طهران، سواء على مستوى المؤسسات العسكرية أو المدنية، موضحا أن في باكستان أقلية شيعية ما يقارب 40 مليون شيعي، ويشكل هذا العدد 20 في المئة من إجمالي الباكستانيين البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة.
وأضاف أن العلاقات بين البلدين تزعج السعودية، مبينا أن باكستان تشكل متنفسا خلفيا لإيران، والسعودية تريد منها أن تضغط على إيران بكافة الاتجاهات من أجل إخضاعها للمطالب الأمريكية.
ولفت أحمد، إلى أن موقف باكستان من إيران مبني على روابط الصداقة والجوار، ومصالح باكستان مع إيران تفوق أضعاف مضاعفة من المصالح المشتركة بينها وبين السعودية.
اقرأ أيضا: خان بعد لقاء الملك سلمان: باكستان تقف مع السعودية دائما
وزاد بأن باكستان لا تجني من السعودية إلا "حزم الدولارات" فقط، بينما مع إيران، فيوجد شريط حدودي طويل معها، وهناك عرقيات مشتركة على الحدود، وتبادل تجاري ضخم بين البلدين، وتشابه إلى حد كبير في الثقافة والعادات والتقاليد، وقد يتضاعف التعاون التجاري والاستثماري وتبادل السلعي بين البلدين في عهد عمران خان أكثر مما كانت عليه سابقا مع الحكومات السابقة.
وأشار الإعلامي أحمد، إلى أن " باكستان تستفيد بشكل كبير من الطاقة الإيرانية سواء الغاز الطبيعي أو الكهرباء، وهناك مشروع مصيري بالنسبة لها، وهو مد الغاز من إيران إلى الهند متوسطا باكستان، وبالتالي قد تجني من خلاله ضرائب بمليارات الدولارات في كل عام ، وهو مشروع اقتصادي مربح لها ولن تتركه.
لا تحالف إلا في سلام
وتابع بأن، عمران خان، بادر بأن يكون وسيطا بين إيران والسعودية بناءا على شعاره " لاتحالف إلا في سلام"، والذي يعد الركيزة الأساسية له في مباحثاته مع السعودية.
من جهته أضاف، البلعاوي، أن عمران خان قال أنه سيقوم بدور وساطة بين الدول في إشارة للسعودية وإيران، إلا أن السلوك السعودي يرفض المصالحة، وينطلق من منطق مع أو ضد.
ورأى أن " إيران تعد دولة مهمة لباكستان تاريخيا وجغرافيا، مشيرا إلى أنه في سنوات سبقت، حدثت أعمال عنف دامية فيها، و مازالت تحت تهديد "الإرهاب"، وتخشى من موجات عنف بين المتشددين الشيعة والسنة، لذلك هي غير معنية بأي مشاكل طائفية، تؤدي لتقويض الأمن".
مزيد من التفاصيل