حذر خبراء اقتصاديون ورجال أعمال وقيادات عماليةمن الدور "المشبوه" الذي تلعبه وزارة قطاع الأعمال في الحكومة المصرية منخلال تصفية شركات ومصانع القطاع العام المملوكة للشعب، والتي أكدت، في إطار خطتها لإعادةهيكلة الشركات الخاسرة، أن الأولوية لسداد الديون، وليس الاحتفاظ بأصول وأراضي الشركات.
وفندوا في تصريحات لـ"عربي21" خطةالوزارة التي وافق عليها السيسي، وتعتمد على عدة مراحل تنتهي المرحلة الأولى فى 30حزيران/ يونيو 2019 ، وتستهدف الشركات التي تحقق خسائر، والشركات التي ستطرح فى البورصةوالشركات التى تحقق أرباحا محدودة بجانب حصر الأصول غير المستغلة لبيعها لسداد الديون.
الربح والخسارة
ووفق وزارة قطاع الأعمال، يضم القطاع العام121 شركة، و ثماني شركات قابضة، يعمل بها نحو 300 ألف عامل، من بينها 73 شركة تحققأرباحا بنحو 15 مليار جنيه، و48 شركة تحقق خسائر بنحو 7.5 مليار جنيه.
ومن بين الشركات الخاسرة 26 شركة فقط تتسبب فى 90% من إجمالي خسائر القطاع بنحو 6.7 مليارجنيه، وتتركز فى أربعة قطاعات صناعية هي الغزل والنسيج، والصناعات المعدنية، والصناعاتالكيماوية، والأدوية.
وتبرر الحكومة خطتها في إعادة الهيكلةبأن شركات القطاع العام تعاني من المديونيات المتراكمة، لصالح بنك الاستثمار القومي،ووزارتي الكهرباء والبترول البالغة نحو 45 مليار جنيه.
ونشطت الحكومة في الآونة الأخيرة في تصفية الشركاتالعامة وبيع أراضيها وأصولها، من أجل تسوية ديونها التي ترفض الحكومة سدادها، كان آخرهاإغلاق وتصفية شركة القومية للأسمنت التابعة للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، إحدىشركات قطاع الأعمال العام مطلع الشهر الجاري.
"نعم للتشغيل لا البيع"
القيادي العمالي في شركة المحلة للغزل والنسيجإحدى قلاع مصر الصناعية سابقا، فيصل لقوشة، أكد لـ"عربي21": أن "الشركةلا تعمل بالشكل المطلوب، ولا تعمل بكامل طاقتها، وهناك قطاعات معطلة داخل المصنع"،مضيفا أن "الديون المتراكمة على الشركات هي بسبب سوء الإدارة، واختيار الحكومةالخاطئ، فالحكومة هي التي دمرت صناعة الغزل والنسيج، وليس العمال".
وأنحى باللائمة على الحكومة "التي لديهاالأصول والأراضي والمعدات، ولا تستغلها في إعادة تشغيلها، واستثمارها بدلا من بيها،وإعادة فتح مصانع أخرى"، محذرا من أن "هناك توجه لدمج الشركات ثم بيعها،وتسريح العمال الذين يعملون بها".
مؤكدا أن "التعيين متوقف في المصانع منذ6 سنوات ما يهدد بانقراض الخبرات، كما أن هناك توجه من الدولة لرفع يدها عن القطاعالعام وترك البلد للقطاع الخاص، وهذا أكبر خطأ ترتكبه، لا بد أن يكون هناك توزان، ولكنالحكومة تريد التفرغ لفرض رسوم، وجمع الضرائب".
وفيما يتعلق بمستقبل العمال في الشركات التيتم تصفيتها في قطاع الغزل والنسيج أكد القيادي العمالي أنه "لا يوجد أحد من الموظفينأو العمال قد استلم كامل حقوقه، ما أدى إلى تشريد آلاف الأسر من ناحية، وتصفية الصناعةوإفراغها من الخبراء والمتدربين من ناحية أخرى".
"إخلاء الساحة للجيش"
وأعرب أحد أصحاب الشركات الزراعية العاملة فيأفريقيا، والخبير الزراعي، د.شابون عبدالعزيز، عن اعتقاده بأن "قرار بيع وتصفيةشركات القطاعين العام وقطاع الأعمال، هو قرار يصدر من قائد الانقلاب وينفذه الوزير،ولا أعتقد أن في مصر وزراء بصلاحيات استراتيجية، أو لهم حق اتخاذ القرار، وإنما منفذونلقرارات مغتصب السلطة عبدالفتاح السيسي".
مضيفا لـ"عربي21" أن "عملية تصفيةوبيع شركات القطاع العام والأعمال بدأ منذ حكومة عاطف عبيد أيام المخلوع مبارك، وهاهو يعود مرة أخرى ليدلل على الفشل الذريع في إدارة هذه المؤسسات؛ بسبب الفساد الماليوالاداري، ولإخلاء الساحة الاقتصادية لمؤسسات القوات المسلحة".
ولكنه استدرك قائلا: "لكن الخطر المتوقعوالمخيف أن يتم البيع لشخصيات ومؤسسات غير وطنية ضمن مخطط الهيمنة الصهيونية على المنطقة،ويأتي يوم يقال فيه أن المصريين هم من باعوا بلدهم، أيضا تكمن الخطورة ويظهر الفسادفي التقييم غير العادل لهذه الشركات فتباع بأبخس الأثمان".
"رشاوى وفساد"
وقال القيادي العمالي وعضو لجنة القوي العاملةبالبرلمان المصري سابقا طارق المرسي لـ"عربي21": "أعتقد أن وزارة قطاعالأعمال تقوم بدور قذر إذ تمثل يد السيسي وذراعه التي تبطش بالشركات القومية الكبرىوتصفيتها من خلال تعمد خسارتها".
مضيفا أن "الأمثلة كثيرة على الدور المشبوهلعصابة قطاع الأعمال، ولعل ما حدث مع الشركة القومية للأسمنت أظهر مثال على ذلك ؛ فالقراريتضمن تصفية لأصل من أصول الاقتصاد المصري، ويعصف بحقوق العمال، وينسف مستقبلهم ويضيفأعداد غفيرة لطوابير البطالة والعاطلين".
وكشف أن "القرار يشوبه فساد فج من خلالاختفاء أكثر من مليار ومائتين مليون جنيه تحت مسمى تطوير الشركة، والاستيلاء على855 فدان بمنطقة حلوان، حقيقة أخرى من قرار التصفية هي إخلاء السوق لشركة أسمنت بنيسويف التابعة للجيش التى تم إنشاؤها على أراضي الدولة بالمجان، وبدون ضرائب أو رسومخدمات، وهي صورة أخرى من نهب مقدرات الوطن"، محذرا في الوقت نفسه "من التخطيطلتصفية شركة الحديد والصلب الفترة القادمة ".
مزيد من التفاصيل