يدافع أنصار استمرار الحرب في اليمن بأن المطالبة بوقفهاتصب في مصلحة إيران بشكل مباشر، لأنه يمكن جماعة أنصار الله (الحوثيين)، ذراعإيران في اليمن من الاحتفاظ بكامل قوتهم وسيطرتهم على العاصمة صنعاء، ومحافظاتيمنية أخرى.
ويشار إلى أن الدعوات الغربية المطالبة بوقف الحرب فياليمن تكثفت في الأسابيع الأخيرة، حيث دعا كل من وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس،ووزير الخارجية الأمريكي، مايك بامبيو أواخر الشهر الماضي إلى وقف الحرب في اليمن.
ووفقا للكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي فإن "الجدل الدائر حاليا بخصوص وقف الحربفي اليمن، يرجع إلى عدم اليقين بشأن الأهداف الحقيقية لوقف إطلاق النار في وقت لمتحسم فيه الغاية من الحرب، وفي مقدمتها إنهاء الانقلاب، وتمكين السلطةالشرعية".
وأضاف التميمي في حديث لـ"عربي21": "هناكمخاوف حقيقية من إمكانية أن يساهم وقف النار في تثبيت الوقائع على الأرض كما هي،بما في ذلك بقاء الحوثيين على ما هم عليه من قوة وسيطرة على مساحة مهمة من البلاد،وقدرتهم الذاتية على استعادة النفوذ والحسم".
وتابع "يأتي ذلك في وقت أظهر فيه التحالف العربيسلوكا ساهم من خلاله في تكريس ضعف السلطة الشرعية، وتحريض قوى وتشكيلات عسكريةجديدة بأهداف انفصالية تعمل على تقويض نفوذ السلطة الشرعية، الأمر الذي جعلالتحالف يتساوى في الخطورة على حاضر اليمن ومستقبله، مع الانقلابيين المدعومين منإيران" على حد قوله.
ورأى التميمي أن "أي وقف لإطلاق النار بدون رؤيةواضحة للسلام الذي ينهي مسببات الحرب، ويعيد للشعب اليمني دولته، وقراره، ويحفظالحد الأدنى من استقرار الدولة اليمنية الاتحادية فإنه سيلقي باليمن في أتونالمجهول".
وواصل التميمي حديثه بالقول "وفي الوقت نفسه سيكرساليمن ساحة للصراع بين الأطراف الإقليمية النافذة بما فيها إيران، التي ستكونفرصتها أكبر في خلط الأوراق والتأثير على مصير اليمن السياسي والعسكري".
من جهته قال الناشط السياسي اليمني، سعيد القليصي إن "الحوثيين يخوضون حربا بالوكالة حسب كل المعطيات على الأرض، فالمطالبةبإيقافها الآن بدون أي انكسار للحوثي عسكريا سيصب بالتأكيد في مصلحة إيران".
وردا على سؤال "عربي21" حول ماذا سيفضياستمرار الحرب بحسب التصور السعودي، ذكر القليصي أنه "سيفضي إلى تأمين الحدودالجنوبية السعودية تماما من أي تهديد حوثي، أو أي تمرد، فالسعودية لا تثق بالطرفينبدليل تسليح الشرعية في الحدود".
وعن مدى قدرة السعودية وحلفائها على الحسم العسكري، أكد القليصي "أنهم قادرون على ذلك، لكنهم لايريدون لعدة أسباب، لعل من أبرزها عدم وجود بديل موثوق، فالقوة الفاعلة الآن تميلللإصلاح (الإخوان)، وهذا ما لا تريده المملكة والإمارات".
وأشار القليصي إلى أن ما يمنع التوصل إلى وقف إطلاقالنار، وفتح الباب لمصالحة وطنية بين مختلف المكونات السياسية والفكرية اليمنيةيرجع في أهم أسبابه إلى "وجود الانتهازيين وتجار الحروب" من غير أن يسميقوى بعينها.
بدوره أوضح الأكاديمي السعودي، الدكتور محمد السعيدي أن"السعودية بقرارها دخول الحرب في اليمن إنما كانت تهدف إلى وأد المخططالإيراني في الجهة الأخطر بالنسبة لها، وهي اليمن، حيث صبرت كثيرا وحاولت القضاءعلى هذا المخطط بطرق غير الحرب، وكلها تعطلت لأسباب مختلفة".
وأضاف "وكان قرارها صائبا، ولا زال استمرارها فيالحرب قرارا صائبا كذلك، لأنه لا يوجد بديل أفضل منه في الوقت الحاضر".
وأشار السعيدي إلى أن "دول مجلس الأمن دائمةالعضوية، وغير دائمة العضوية حينما وافقت على هذا التدخل لم تكن تساعد السعودية فيمشروعها الرامي إلى القضاء على المخطط الإيراني، بل كانت لها - ولا زالت – غاياتأخرى، منها فتح باب استنزاف السعودية".
ولفت الأكاديمي السعودي السعيدي في تصريحاتهلـ"عربي21" إلى أن استنزاف السعودية هو بالضبط سر العراقيل التي توضع كلفترة أمام السعودية كالضغط الإعلامي والحقوقي، والمطالبات المستمرة بالتهدئةوالتفاوض، وكان آخرها زيارة وزير الخارجية البريطاني السريعة للسعوديةوالإمارات".
وتابع "السعودية تعرف ذلك كله، لكنها تعمل على أنتنهي الحرب بأسرع وقت ممكن كما تعمل على تطوير بنيتها في صناعة المعدات والذخيرةالعسكرية بحيث تصبح فكرة الاستنزاف أقل تأثيرا عليها"، مضيفا أن"السعودية ترى في كل الأحوال أن الاستنزاف في أسوأ حالاته أهون كثيرا عليهامن نجاح المخطط الإيراني".
وبحسب ناشط سياسي يمني، فضل عدم ذكر اسمه، فإن كثيرا مناليمنيين الذين استبشروا بالحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية علىالانقلابيين من أجل استعادة الشرعية، باتوا يرونها جحيما لا يطاق، دمرت البلادوأهلكت العباد، وهجرتهم من مدنهم وقراهم، وبات الكثيرون منهم مشردين بلا مأوى.
وانتقد الناشط السياسي اليمني ما أسماه بـ"الأخطاءالكثيرة والخطيرة التي صاحبت الحرب، والأهداف المنحرفة، والأجندات المشبوهة التيتخالف ما يتمناه كثير من اليمنيين".
وختم حديثه لـ"عربي21" بالتأكيد على أن"المطالبة بإيقاف الحرب في اليمن تصب في مصلحة الشعب اليمني، وتبعد عنه شبحالحرب وويلاتها وشرورها، مع ضرورة فتح باب المصالحة الوطنية لتشمل جميع الأطراف،فاليمن لجميع اليمنيين، بعيدا عن نزعة الاستئثار بالسلطة التي قوضت أركان الدولةاليمنية، وأدخلت البلاد في حرب أهلية مدمرة".
اقرأ أيضا: WP: قادة الكونغرس يضغطون لوقف الحرب في اليمن
مزيد من التفاصيل