أعاد الرفض التركي للربط بين إبعاد رجل الدين فتح الله غولن المتهملدى أنقرة بتدبر محاولة الانقلاب الفاشلة وتخفيف حدة تحقيقاتها في قضية اغتيالالصحفي جمال خاشقجي تأكيد مواقف سابقة للأتراك بمنح القضية الأخيرة أولوية كبرىبالنظر لارتباطاتها الإقليمية التي تتعدى السعودية المتهم الأول فيها.
وقبل أيام نقلت شبكة "أن بي سي" الأمريكية عن مصادر أنالإدارة الأمريكية تدرس خيارات لإخراج غولن المقيم في ولاية بنسلفانيا إلى دولةأخرى مقابل إقناع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتخفيف الضغط على الرياض بشأنقضية خاشقجي.
إقرأ أيضا: تركيا ترفض ربط مصير غولن بقضية جمال خاشقجي
وصدرت مواقف من كافة الأطراف المعنية بالأمر فعبرت أنقرة على لسان أحدمسؤوليها لوكالة "رويترز" عن رفضها لهذا الحديث وقالت إنهما "أمرانمنفصلان" في حين وصف البيت الأبيض حديث الشبكة بأنه "غير دقيقة".
بل إن المسؤول التركي قال إن بلاده:"لم تعرض في أي وقت تحجيم التحقيق بشأن خاشقجي مقابل ترحيل فتح الله غولن ،"ليست لدينا نية التدخل في تحقيق خاشقجي مقابل أي مكسب سياسي أوقانوني".
فات الأوان
الكاتب والصحفي التركي إسماعيل ياشا قال إن تركيا لا ترغب بربط الملفببعضهما لأن المفترض على الولايات المتحدة وفق القوانين أن تسلم فتح الله غولنلدوره بإدارة "منظمة إرهابية".
وأوضح ياشا لـ"عربي21" أن تركيا في حال قبولها بهذا النوعمن الصفقات ستفقد احترام نفسها في الداخل وأمام المجتمع الدولي ولو كانت تسعى لعقدصفقة مع السعودية لإنهاء قضية خاشقجي لفعلت في ملفات أخرى لكن الأمر غير قابلللمساومة.
ولفت إلى أن أنقرة "لديها إصرار على كشف كافة ملابسات اغتيالخاشقجي ومعاقبة المسؤول المباشر عنها لأنها أولا جريمة كبرى وقعت على أرض تركيةوثانيا لأنها تمس سيادة وهيبة الدولة وهي رسالة لكل دول العالم أننا لسنا مزرعةلأجهزة الاستخبارات لتلعب كما تشاء".
وأضاف ياشا: "كان يمكن الوصول إلى صفقة لو كان بوارد تركيا فيوقت مبكر قبل كشف كل هذه التفاصيل البشعة للجريمة لكن الآن لم يعد مجالللصفقات".
ورأى في الوقت ذاته أن ملف اغتيال خاشقجي ربما يكون أكثر أهمية منغولن بالنسبة لتركيا وقال: "هذه الجريمة تتعلق بالتحالف الإماراتي السعودي معترامب ونتنياهو في المنطقة وخطر غولن لا يقارن بما يحيكه هؤلاء ضد تركيا" وفقوصفه.
وتابع: "منظمة غولن قطعت تركيا شوطا كبيرا في القضاء عليهاوتطهير أجهزة الدولة منها وتسليمه لتركيا مسألة رمزية لأن كل أتباعه في الداخل تحتالسيطرة".
جس نبض
من جانبه قال الباحث والمحلل السياسي الدكتور وسام الكبيسي إن الطرحالأمريكي الذي جاء على لسان شبكة "أن بي سي" كان بمثابة جس نبض منالولايات المتحدة لتركيا لمعرفة مدى تقبلها لهكذا مقايضة.
وأشار الكبيسي لـ"عربي21" إلى أن تركيا ما زالت "تغلبحتى الآن البعد الجنائي والإنساني في القضية أكثر من البعد السياسي لها الذي يطالدولا".
ورأى أن تركيا على الرغم من إنسانية وجنائية القضية إلا أنها فيالنهاية دولة لها مصالح وتتحرك من خلال تلك القضايا سواء على الصعيد الإقليميبقضية جمال خاشقجي أو على الصعيد الداخلي التركي بقضية فتح الله غولن.
إقرأ أيضا.. NBC: واشنطن تدرس "مقايضة" ملف غولن بقضية خاشقجي
واعتبر أن تركيا معنية بتقليل الضغوط الخارجية عليها عبر تحركات غولنوجماعته بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة لكن في الوقت تؤكد على الحفاظ علىهيبة وسمعة الدولة من التراجع بوقوع جريمة على أرضها دون كشف ملابساتها.
وعلى صعيد رفض ربط ملفي غولن وخاشقجي ببعضهما قال الكبيسي:"المشهد أصبح متشابك والقضايا مترابطة ومن الصعب فكها عن بعضها وشكل تركيايعتمد الآن على أمرين هامين الأول السياحة وثانيا التجارة الدولية التي تتطلب سمعةعالية وثقة كبيرة وهو ما يصعب مقايضة هذا بذاك".
وشدد على أن أمريكا باتت اليوم تنظر إلى تركيا كفاعل كبير في المنطقةوتسعى لفكفكة عدد من الإشكاليات معها بسبب دورها في رسم المشهد الإقليمي وربماتشهد الفترة المقبلة إنتهاء ملف "بنك هالك" الذي تسبب بتوتر بين البلدينفضلا عن قضية فتح الله غولن والذي بدأ بالبحث عن مقرات بديلة سواء في وسط آسيا أوبجنوب إفريقيا ضمن صفقة دولية لإنهاء التوتر.
مزيد من التفاصيل