قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلالاحتفال البيت الأبيض بعيد الشكر أمس، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان"قد يكون من الوارد جدا أنه كان لديه علم بمقتل خاشقجي".
ولكنه أشار بنفس الوقت إلى أن الولايات المتحدةتعتزم الإبقاء على الشراكة الراسخة مع السعودية فهي تتعامل مع الدولة وليسالأشخاص، وذلك لضمان مصالح واشنطن وإسرائيل الإقليميين، وأن إلغاء أمريكا العقودالدفاعية مع السعودية سيفيد روسيا والصين.
ترك الباب مفتوحا
وأثار تصريح ترامب تساؤلات حول إمكانية رفعهالغطاء عن ولي العهد السعودي والإقرار بأن له دورا رئيسيا في عميلة اغتيال الصحفي جمالخاشقجي.
ويرى المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكيخالد الترعاني أنه "على ما يبدو فإن المعسكر المؤيد لرفع الغطاء عن ابنسلمان في ادارة ترامب والمتمثل بعضوي مجلس الشيوخ ماركو روبيو و ليندسيغراهام قد انتصر، وهذا المعسكر الذي كانينادي بأن يُحاسب محمد بن سلمان وأنه لا يمكن إلا أن يكون متورطا بالجريمة، تفوقعلى معسكر رفض معاقبة ولي العهد والمتمثل بصهر ترامب جاريد كوشنر وغيره".
وتابع الترعاني في حديث لـ"عربي21":"الوضع يختلف هذه المرة لأن الإدارة الأمريكية لم يكن عندها أي موقف رسمي حقيقيمن موضوع اغتيال جمال خاشقجي، وكانت تقول إنها تنتظر المعلومات والتقارير، وكانترامب صرح قبل يومين بأنه سيصرح بالموقف الأمريكي قريبا، وبالتالي تصريحات اليومهي موقف أمريكا وليس مجرد تصريحات صحفية".
وأردف مستدركا بالقول: "ولكن لا نريد أننكون مفرطين في التفاؤل مع رجل معروف عنه أنه لا يمكن التنبؤ بتذبذبات مزاجه، ولكننقول إن هذا يعد مؤشرا قويا باتجاه رفع الغطاء عن ابن سلمان".
وأوضح الترعاني أن ترامب ترك الباب مفتوحا بعضالشيء وترك كثيرا من المناورة لنفسه ليتراجع عن هذا القرار أو ذاك، وبرأيي فإن الأربعةوالعشرين ساعة القادمة قد تكون مفصلية في مستقبل السعودية وابن سلمان تحديدا".
من جهته أوضح المحلل السياسي والمختص بالشأنالأمريكي جو معكرون أن "هناك تباينا في المواقف بين البيت الأبيض وبين الكونغرسوالاستخبارات الأمريكية، ومن الواضح أن البيت الأبيض غير جاهز بعد لهذا الموقفالواضح وتغيير أسس دعمه وعلاقته بالسعودية وخاصة ولي العهد".
وتابع معكرون في حديث لـ"عربي21":"تصريح ترامب بأنه من المحتمل معرفة ابن سلمان بعملية الاغتيال، يعني أنه ليسهناك موقف أمريكي واضح من هذا الموضوع، وعلى الأرجح ستبقى الأمور كما هي حتى تتحركالإدارة، بالتالي فإن من المبكر جدا القول بأن الرئيس الأمريكي سيرفع الغطاء عن ابنسلمان".
وأكد "أن الملعب الآن بين الكونغرسوالرئيس، وسنرى الآن كيف ستتطور الأمور وكيف سيكون موقف الكونغرس الجديد خاصة معوجود مجلس نواب ديمقراطي، وسننتظر الضغط السياسي المتوقع من الكونغرس".
بدوره اعتبر أستاذ الإدارة والسياسة العامة فيجامعة القدس، صلاح الحنيني أن "تصريح ترامب الأخير هو اعتراف ضمني بأن ابن سلمانهو المسؤول عن قتل خاشقجي".
وتابع الحنيني في حديث لـ"عربي21":"لكن بنفس الوقت هو لم يرفع الغطاء عن ابن سلمان ولم يبقه أيضا، وإنما تركالأمر بيد العائلة، لترتيب البيت الداخلي السعودي أو أن يتصرفوا بشفافية وذلكلحفظ قوتهم وصورتهم أمام المجتمع الدولي وكحليف لأمريكا".
واردف: "أيضا ترك الأمر للكونغرس الأمريكيليقرر رفع الغطاء عن ابن سلمان أم لا، فهو لا يستطيع اتخاذ مثل هذا القرار حاليافي ظل ضغوط أعضاء الكونغرس عليه في قضية خاشقجي أو تلاعب الروس بالانتخابات وغيرهامن القضايا".
عقوبات
وحول امكانية فرض عقوبات أمريكية على السعوديةوعلى أبن سلمان، أشار الحنيني إلى أنه من المبكر الحديث عن العقوبات، ويجبالانتظار لحين تبلور الصورة من خلال مواقف الكونجرس الامريكي وبعض الساسةالامريكيين المؤيدين لفرض هذه العقوبات وأيضا كيف سيتصرفون".
وختم حديثه بالقول: "باعتقادي بأن الصورةكاملة ستتبلور خلال الايام القادمة، وقد يكون هناك خطوات أمريكية عبر قانونيماغنتيسكي وجاستا".
من ناحيته قال المحلل السياسي خالد الترعاني:"لا يمكن لأمريكا أن تفرض عقوبات علىالسعودية في الوقت الذي ما زال بن سلمان على راس الهرم السياسي عمليا، وإنما حينمايتم تجريده منصبه، وهذا الأمر هو أكبر عقوبة له، بأن يتم تجريده من منصبه وحرمانهمن طموحه وحلمه بالحكم".
وعند ذكر حالات مشابهة تم فيها فرض عقوباتأمريكية على رؤساء وهم على كرسي الحكم كالرئيس السودان عمر البشير، أوضح الترعاني"بأن الحالة هنا مختلفة، فالعلاقة بين أمريكا والسعودية تختلف عن العلاقة معالسودان، إضافة لأهمية الرياض الاستراتيجية لواشنطن".
وأشار إلى أن "العلاقة بين امريكاوالسعودية لا تحتمل فرض واشنطن عقوبات على الرياض كالعقوبات المفروضة على السودانأو ايران".
بدوره أكد المحلل السياسي جو معكرون على أنالحديث عن فرض عقوبات هو تصور كبير، ويعني الدخول في نوع من المواجهة، مضيفا"يجب أن لا ننسى أن موضوع ثبوت مسؤولية ولي ألعهد عن قتل خاشقجي ما زال غير واضح امريكيا، حيث يبدو أنترامب لن يكتفي بتقرير الاستخبارات، وهي بالمقابل مصرة على تقريرها بالنهاية البيتالابيض هو من يضع السياسة الخارجية".
وختم حديثه بالقول: "برأيي الان لا يمكنالحديث عن عقوبات، وإنما علينا انتظار الكونجرس الجديد وماذا سيقرر، والذي يمكن أنيفرض على الرئيس مقاربة اخرى للسعودية".
دعم البديل
ومع ازدياد الحديث عن احتمالية استلام الأميرأحمد بن عبد العزيز ولاية العهد، وبعد تصريح ترامب الأخير يبقى السؤال هل ستدعمالادارة الأمريكية طرح بديل لأبن سلمان؟
يرد الترعاني على هذا التساؤل بالقول: "فيحال رفعت أمريكا الغطاء عن أبن سلمان، ستدعم شخص يخلفه وسيكون له المكانة الجديدةوسيأخذ المباركة الأمريكية".
واضاف: "ولا تنسى بأن بقاء بعض هذهالانظمة هو مرتبط بالإمدادات المعلوماتية والاستبخارتية التي تمدها بها واشنطن وهيلا تستطيع الاستمرار بدون دعمها".
وخلص بالقول: "بأن الدعم لا يكون بأن تعينواشنطن بديلا لولي للعهد، وإنما ستقوم بإعطاء مؤشرات للعائلة الحاكمة بأن تتفق علىشخص مقبول، وعلى الاغلب بأن احمد بن عبد العزيز هو هذا الشخص، ويجب التأكيد على أنتغيير بن سلمان لا يعني تغيير جوهري في سياسات السعودية وتوجهاتها، هو فقط التخلصمن شخص اهوج يفتقد للحكمة والخبرة ويتصرف بتصرفات لا تليق برجل دولته تقبع على ربعاحتياطي العالم من النفط".
مزيد من التفاصيل