رغم إعلان النظام المصري الاكتفاء الذاتي من الغاز بالاكتشافات الجديدةمنه بالبلاد؛ نقلت صحيفة "المال" المحلية المتخصصة بالاقتصاد عن مصادر مطلعة، أن شركة "روسنفت الروسية" بدأت الإجراءات القانونية لتوريد الغاز الطبيعي والمسال للسوق المصرية، ما أثار التساؤلات حول حقيقة دعاية النظام بملف الغاز.
وتأتي خطوة الشركة الروسية، بعد توقيع شركة دولفينوس القابضة في آذار/مارس 2018، اتفاقات مدتها 10 سنوات لاستيراد غاز بقيمة 15 مليار دولار من إسرائيل،بعقد أثار الجدل وبررته الحكومة بأنه خطوة لتحويل مصر لمركز لتصدير الغاز لأوروبا.
وهي الخطوة التي علق عليها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، حينهابقوله: "مصر جابت جون بتحويلها لمركز إقليمي للطاقة، وهذا الموضوع له إيجابياتكثيرة"، فيما يسمح قانون "تنظيم سوق الغاز الطبيعي" الذي أقره البرلمانفي 2017، للشركات الخاصة بمصر باستيراد الغاز وإعادة تصديره.
والغريب أن الحديث عن استيراد مصر للغاز الروسي يأتي بعد 3 أشهر منإعلان وزارة البترول 29 أيلول/ سبتمبر 2018، اكتفاء مصر الذاتي من الغاز بزيادة إنتاجحقل "ظهر" بداية 2018، بحوالي 6 أضعاف، معلنة وقف استيراد الغاز.
وأوضحت الوزارة حينها أن إنتاج ظهر أصبح ملياري قدم مكعبة يوميا، ومعدخول حقول أخرى على الإنتاج، وصل إنتاج مصر 6 مليارات قدم مكعبة غاز يوميا، فيما بلغمتوسط الاستهلاك اليومي من5.7 إلى 6 مليارات قدم مكعب يوميا، 2.1 تريليون قدم مكعبسنويا.
ويطرح مراقبون تساؤلات عن حقيقة الاكتشافات المصرية في ضوء استيرادالغاز الإسرائيلي والروسي.
وفي رده يقول الخبير الاقتصادي المصري إبراهيم نوار: "منذ البدايةحصلت شركة إيني والشركات الشريكة بحقل ظهر على أسعار مجزية، مضمونة من الحكومة لتصديرالغاز للسوق المحلي بسعر يبلغ على الأقل 5 دولارات للمليون وحدة حرارية"، موضحاأن "هذا السعر يضمن للشركات سوقا كما يضمن عائدا كافيا لاسترداد قيمة الاستثماراتخلال سنوات قليلة".
الخبير الأممي أوضح لـ"عربي21"، أن "تصدير الغاز عاليالتكلفة من حقل ظهر لأسواق أوروبا وشرق آسيا غير مجد تجاريا؛ لذلك فالسوق الطبيعيلغاز حقل ظهر هو السوق المصري"، ناسفا نظرية النظام المصري بتحويل مصر مركزا لتسييلالغاز وتصديره إلى أوروبا.
وأكد أن "إسالة الغاز بمصر تزيد تكلفته مع النقل بنسبة لا تقلعن 50 بالمئة، ومن الصعب جدا تصدير الغاز المسال دون وجود بنية أساسية كاملة للتصديروبأسعار مقبولة بالأسواق الخارجية، مبينا أنه "لذلك تم تحرير سوق الغاز بمصر مبكراللسماح للقطاع الخاص وللأجانب العمل فيها تصديرا واستيرادا".
وتابع : "أظن أن (روسنفت) الروسية ربما تتفق مع شركات محلية تقومبتوريد الغاز لمحطات صغيرة أو متوسطة لتوليد الكهرباء خارج الشبكة القومية، للوفاء باحتياجاتبعض الصناعات خصوصا السيراميك والأسمدة والإسمنت والزجاج".
ويقول الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجيةمجدي صبحي، "في الحقيقة لا أفهم تماما الداعي لاستيراد الغاز الروسي لمصر؛ وهلهو لمصانع أسمدة مثلا، أو لمصانع بتروكيماويات؟"، مضيفا: "القصة غير مكتملةبصورتها الحالية"، مشيرا إلى أن المعلومات شحيحة وتدعو للخلط وتثير المخاوف وتشككبالبيانات الحكومية.
وبسؤاله هل هذا الاستيراد للغاز ينسف نظرية الاكتفاء من الغاز بمصر؟أوضح صبحي لـ"عربي21" أنه "ليس بالضرورة، لأنه ربما يقرر أحد مصانعالقطاع الخاص التوسع بصناعة الأسمدة مثلا، وتسمح الحكومة للقطاع الخاص بالاستيراد بهذهالحالة"، معتقدا أن "هناك اكتفاء ذاتيا بمعنى تغطية الحاجات الحالية، أماالتوسعات التي يقررها القطاع الخاص فلا تشملها هذه الحالة".
وأشار نائب مدير مركز الأهرام، إلى أن احتمال أن يكون الغاز الروسيالمستورد ضمن خطة الدولة مع الغاز الإسرائيلي لتحويل مصر كمركز إقليمي لتصدير الغاز،غير دقيق، قائلا: "لن يكون هناك أي معنى لاستيراد الغاز ثم إعادة تصديره؛ ومنالأوفر لأوروبا استيراده مباشرة من روسيا وهي بالفعل تستورد الغاز المسال إلى جانبالأنابيب من روسيا".
وفي توقعاته لمستقبل الغاز بمصر ما بين الاستيراد والاستكشافات، قالصبحي: "ليس هناك مشكلة خلال السنوات القليلة المقبلة، فاكتشاف حقل ظهر كان أكبرمن أي خيال قبلها بقليل، وربما يكون التعويل على اكتشافات أخرى، خاصة أن هيئة المسحالجيولوجي الأمريكي تقدر الاحتياطيات الموجودة بشرق البحر المتوسط بنحو 5 أمثال ماتم اكتشافة للآن".
وأضاف أنه "ليس هذا بالقطع معناه اكتشاف هذه الكمية، لكن هذا ربمايشير لوجود كميات أخرى، وبالتالي فربما يكون هناك حلم باكتشاف (ظهر) آخر، ربما يفي بحاجةمصر لفترة طويلة قادمة وربما يمكنها من التصدير".
من جانبه يرى المحلل السياسي، محمدحامد، أن "حقول الغاز ليست ملكا لمصر التي بذلت جهدا كبيرا لاستكشافها مبكرا وتنازلتعن حصتها للاستكشاف السريع، لذا فحقول الغاز ليست ملكا لها بل ملكا للشركات الأجنبية،والاستكشافات ليست ملكا لمصر ولكن إنجازاتها ملك لها"، موضحا أن "القاهرةكانت تبحث عن إنجازات أمام الرأي العام".
حامد، أوضح لـ"عربي21"، أن "قضية الغاز شائكة، والقاهرةأصبحت ضمن مجموعة دولية متخصصة بملف تصدير الغاز لأوروبا عبر أماكن تسييله بالقاهرة وموانيها، أما عن استيرادمصر للغاز، فهناك تصريح لوزير البترول طارق الملا، أكد أنها لن تستورده بعد 2020، فلننتظرونرى".
اقرأ أيضا: MEE: شراء أنبوب الغاز تمهيدا لتصدير الغاز الإسرائيلي لمصر
مزيد من التفاصيل