أثار تسليم السلطة الفلسطينية سمسار عقارات، والمتهم بتسريببيوت وأراضٍ فلسطينية في القدس المحتلة للمستوطنين، لأمريكا غضبا شعبيا عارما فيفلسطين، وأعاد هذا الحدث قضية تسريب العقارات للواجهة مرة أخرى.
وزاد من قلق المقدسيين الأنباء المتواترة عن دور عربي فيعملية تسريب العقارات، حيث اتهم الشيخ كمال الخطيب الأمير الإماراتي طحنون بن زايدبالطلب من رجل أعمال مقدسي شراء بيت محاذ للأقصى.
لجان شعبية
وبررت السلطة تسليمها للسمسار عصام عقل لواشنطن بأنهاتعرضت لضغوط أمريكية وإسرائيلية، وهذا التبرير يدفع للسؤال عن الخيارات الفلسطينيةالشعبية لمواجهة عمليات تسريب العقارات.
وأشار الباحث المختص في شؤون القدس، جمال عمرو، إلى أنتسليم سمسار العقارات المتهم بالتسريب لواشنطن "هو أمر مؤسف وخطير، خاصة أنهيمنح الضوء الأخضر للشخص نفسه ولمن يرغب بفعل ذلك من بعده".
وتابع عمرو في حديث لـ"عربي21": "يجب أنيدفع هذا الحدث الشعب الفلسطيني لإعادة حساباته، وألّا يرتكن على السلطة، خاصة أنهذه الحادثة أظهرت ضعف السلطة، وأيضا بأن من حق العملاء تسريب العقارات طالما لايوجد عقاب لهم".
وعن خيارات الشعب الفلسطيني لوقف عمليات التسريب، أكد عمرو "أنه يجب على الشعب الفلسطيني العودةللأصول وأخذ حقه بيده، وتشكيل لجان مكونة من علماء دين ووجهاء الأحياء الفلسطينية،ويتم من خلالها معاقبة المسربين بدرجات متفاوتة".
وأضاف: "إذا وجدت هذه اللجان أن هناك شخصا تم إثباتتسريبه عقارا للمستوطنين بالشهود والوثائق، فيجب أن يتم إعدامه فورا كأي خائن، وإنلم يقم بعد بالتسريب وإنما كان في بداية الطريق لفعل ذلك، تقوم هذه اللجان بفضحهوالتشهير به؛ حتى لا يستطيع إكمال عملية التسريب".
من جهته، اتهم رئيس دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربيةبالقدس، خليل التفكجي، السلطة الفلسطينية بالتآمر، مضيفا: "المناكفات السياسيةبين بعض الأشخاص أدت لتسريب العقارات".
وأكد التفكجي في حديث لـ"عربي21" أن "عددالبيوت التي تم تسريبها منذ عام 1967 وحتى الآن هو 70 بيتا فقط"، مشيرا إلىأن "سبب ذلك هو اصطدام اسرائيل بالنواة الصلبة داخل المجتمع الفلسطيني وهيالأسرة، التي سعى الاحتلال لتفكيكها لتسهيل عملية تسريب العقارات".
وأضاف: "الخيار المتاح هو تشكيل لجان داخل الأحياء الفلسطينية؛ لمراقبة عمليات التسريب، خاصة أن هناك قوى وطنية ودينية تقوم على الأقل بضبط ما يحدثفي البلدة القديمة بالذات".
وأشار إلى أن "40 في المئة من الأملاك في البلدةالقديمة خاصة، و22 في المئة مملوكة للكنائس، منها 56 في المئة تملكها الكنيسة الأرثوذكسية".
وأكمل التفكجي: "بالتالي يجب دراسة الـ40 في المئةمن العقارات، وتشكيل لجان وطنية وإسلامية؛ لجعل الملك الخاص وقف عائلي، وبذلك لايمكن بيعه إلا عبر موافقة القاضي الشرعي؛ لأنه في حالة بقائه ملكا شخصيا يمكن بيعهدون العودة لأحد".
التنسيق الأمني
وحول إمكانية معاقبة المسربين عبر العنف أو الإعدام، أوضحالتفكجي أن الشعب الفلسطيني "لا يمكنه فعل ذلك نتيجة للتنسيق الأمني بينالسلطة الفلسطينية وإسرائيل"، مبينا أنه في "إحدى الحالات التي تم فيهامعاقبة المسربين، قامت السلطة بعمل مشاكل للمواطنين".
الدور العربي
وعن الدور الذي يجب أن تلعبه الدول العربية لمنع تسريبالعقارات، قال التفكجي: "الدول العربية لا علاقة وسلطة لها في البلدة القديمة،لكن مع ذلك يمكنهم دعم المؤسسات داخلها من الناحية المادية، لمساعدتها على ترميمالمنازل وجعلها قابلة للسكن".
من جهته، قال أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأردنيةحسن البراري لـ"عربي21": "الأردن بعد قرار فك الارتباط لا يملكسيادة قانونية على القدس، فقط الوصاية على المقدسات".
وتابع البراري: "كان القانون الأردني قبل فكالارتباط يجرم ويعاقب أي شخص يبيع عقارات للمستوطنين".
وحول الدور العربي، قال: "كل ما يستطيع العرب فعلههو الضغط على السلطة الفلسطينية لتجريم ومعاقبة المسربين، وأما حجة الضغط الأمريكيوالإسرائيلي عليها فهي غير منطقية، خاصة أن علاقاتها مع واشنطن مقطوعة، بل الضغطالحقيقي والذي تشارك فيه السلطة هو على حماس، ويجب معقابة السلطة لامتثالهالإسرائيل وتهاونها مع مسربي العقارات".
وختم حديثه بالقول: "يجب على الدول العربية الإعلانبأنهم لا يعترفون بأي عملية بيع أو تغيير في الوضع القائم".
بدوره، قال الباحث المختص في شؤون القدس، جمال عمرو:"يجب على العرب تفعيل قرارات الجامعة العربية فيما يخص القدس، وإن لم يكن باستطاعتهمحماية ممتلكات الشعب الفلسطيني هناك، يجب عليهم رفع يدهم عن الأمر، وترك الشعبالفلسطيني ليتحرك ويدبر أمره بالطريقة المناسبة".
وأكد أن الوصاية الأردنية "يجب أن تكون عملية، وذلكعبر اعتقال كل من سرب عقارا للإسرائيليين إذا جاء إلى الأردن، والتحقيق معه، وإجراءمحاكمة علنية له، والتشهير به؛ حتى يكون عبرة لغيره".
اقرأ أيضا: هكذا تفاعل النشطاء مع إفراج السلطة عن "سمسار عقارات"
مزيد من التفاصيل