تعاني أسرالمعتقلين السياسين بمصر أزمات إنسانية واقتصادية وأمنية، لغياب ذويهم لسنوات داخلالسجون، وهي الأزمات التي تبدأ بالبحث عن مكان احتجاز ذويهم، ثم الحصول على تصريح لزيارتهم،وبعدها ترتيبات الزيارة، ثم الزيارة نفسها التي تكون مباراة أخرى بين الأهاليوإدارة السجن، وتزداد المعاناة إذا كان للأسرة أكثر من معتقل، وبسجون مختلفة.
وحسبشهادات استمعت إليها "عربي21"، فإن الأوضاع المادية تمثل وسيلة ضغط كبيرةعليهم، نتيجة ارتفاع الأسعار والتضييقات الأمنية التي يواجهونها، ومصادرة أموال عدد كبيرمنهم، وفصل المعتقلين من عملهم طول مدة الحبس، وتقلص المساعدات التي كانت تصل إلى بعضهم من المتعاطفين معهم.
"خيالزوجي"
وفي رصدهاللمشكلات التي تواجهها، تؤكد "أم خالد" زوجة المعتقل أحمد عبد الوهابالمسجون على ذمة قضية الهروب من سجن وادي النطرون، أن زوجها محروم من الزيارةلأكثر من عام، دون إبداء أسباب.
وتضيفزوجة عبد الوهاب لـ"عربي21" أن الوسيلة الوحيدة لرؤيته تكون في جلساتمحاكمته، ومن مسافة 25 مترا تقريبا، حيث يكون في قفص مغلف بزجاج عازل للصوت وقضبانحديدية لا تساعد على الرؤية، ولكنها في النهاية تشعر بالسعادة عندما ترى خيالزوجها، لأنها تتأكد وقتها أنه مازال على قيد الحياة.
وتوضح"أم خالد" أن السجن منع زوجها من الاحتفال بزواج ثلاثة من أبنائه، كماأنه لم ير أحفاده من أبنائه وبناته، لاقتصار الزيارة في أثناء السماح بها، على اثنينمن أقارب الدرجة الأولى فقط.
وتشيرزوجة عبد الوهاب إلى أنها حصلت مع غيرها من زوجات المعتقلين بسجن العقرب على عدة أحكامقضائية لفتح الزيارة، ولكن السلطات المسؤولة ترفض تنفيذها، وحتى المجلس القوميلحقوق الإنسان يرفض مقابلتهم أو حتى استقبال شكاويهم.
الضغوط الحياتية
وعنالمشكلات الأخرى التي تعاني منها أسر المعتقلين، تؤكد رضا جمال زوجة الصحفي إبراهيمالدراوي المعتقل منذ 2013، على ذمة قضية التخابر مع حماس، أن راتب زوجها متوقف منذاعتقاله، وهو ما دفعها للاعتماد على مستحقات زوجها لدى أسرته، وعلى عمل ولديها،رغم كونهما طالبين بالمرحلة الثانوية.
وتوضحزوجة الدراوي لـ"عربي21" أن الأوضاع المادية لأسر المعتقلين سيئة جدا،وقد لجأ عدد منهم لبيع بعض أثاث منزله للإنفاق على أنفسهم وعلى عائلهم المعتقل،مشيرة إلى أنها قامت مثل كثير منهم، بتخفيض مرات الزيارة لزوجها لمرتين بالشهر بدلامن أربعة، وتقليل ما تحمله معها من احتياجات لزوجها المحبوس، من أدوية وطعام وكذلكالأمانات التي تتركها له بالسجن.
وطبقالرضا جمال، فإن ضبابية المشهد السياسي يزيد من العبء النفسي والاجتماعي لأسرالمعتقلين، الذين بات عليهم تعويض الدور التربوي الذي كان يقوم به الأب أو الزوجفي الأسرة، كما يجب عليهم تحمل التكلفة المادية التي تحتاجها أحوالهم المعيشية، فيظل حالة الإرهاب السياسي والأمني والإعلامي والاقتصادي الذي يمارسه النظام ضدهم.
مأساة حبارة وإسلام
وفي رصدهالمشكلات أسر المعتقلين، تؤكد الباحثة الاجتماعية ماجدة إسماعيل لـ"عربي21"أن هناك مشكلات جماعية وأخرى خاصة، ويندرج تحت الأولى الأزمات المالية وغيابالمعتقل عن تطور حياة أسرته، خاصة إذا كان الأبناء بمراحل التعليم أو الزواج، وهيالأزمة التي تعانيها بنات المعتقلين أكثر من الأولاد.
وحولالمشكلات الخاصة، تشير الباحثة الاجتماعية إلى أنها متعلقة بأسر المعتقلين بالسجونالمغلقة، أو القضايا الممنوع عنها الزيارة بالسجون المفتوحة، حيث تغيب كل أشكالالتواصل بين المعتقلين وذويهم، كما هو الوضع منذ سنوات بسجن العقرب المغلق في وجهالزيارة بشكل تام لأكثر من عام، بالإضافة للمتهمين بقضايا النائب العام والنائبالعام المساعد وقضايا التنظيمات النوعية المنسوبة لحركة حسم، وبعض قضايا أنصارالشريعة وأجناد مصر.
وترويإسماعيل قصة والدة المعتقل عادل حبارة الذي تم إعدامه في كانون الأول/ ديسمبر2016، حيث رفضت إدارة سجن العقرب التصريح لها بزيارته منذ اعتقاله في أيلول/سبتمبر 2013، وقبل إعدامه بيوم ذهبت لزيارته، ولكن إدارة السجن رفضت ذلك وتم نهرهاوشتمها وتهديدها بالاعتقال، حتى علمت في اليوم التالي من الإعلام بخبر إعدامه،مضيفة أن هذا ما جرى أيضا لوالدة إسلام سيد أحمد الذي تم إعدامه في أيار/ مايو2015 ضمن مجموعة عرب شركس.
وتضيفالباحثة الاجتماعية أن الأسر التي لديها أكثر من معتقل تعاني أزمات إضافية، إذاكان أفراد الأسرة بسجون في محافظات مختلفة، لأنه يمثل عبئا ماليا وبشريا إضافياعليهم، في ظل رفض مصلحة السجون تنفيذ لائحة ضم الأسر على معظم السياسين، في حينتنفذها بشكل طبيعي للجنائيين.
اقرأ أيضا: معتقلون مصريون سابقون يتحدثون لـ"عربي21" عن السجون الأسوأ
مزيد من التفاصيل