شهد قطاع غزة مؤخرا افتتاح عدد من مراكز تعلم اللغةالعبرية، في صورة تعكس اهتمام الشارع الفلسطيني لمعرفة ما يدور من أحداث سياسية وميدانيةداخل الكيان الإسرائيلي.
وفي جولة ميدانية أجرتها "عربي21" في مدينةغزة، ظهرت العديد من لوحات الإعلانات التي تعلن استعدادها لتقديم دورات في اللغة العبريةبأسعار تنافسية لا تتجاوز قيمتها 150 دولارا لمنح دبلومة اللغة العبرية، وهو عبارةعن 6 مستويات يتم اجتيازها من قبل الطالب خلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر.
معاهد خاصة
ويدير هذه المراكز أسرى محررون، أتقنوا اللغة العبريةخلال فترة اعتقالهم في السجون الإسرائيلية، وبات لديهم القدرة على تدريسها للطلاب بمختلفمستوياتهم.
مركز نفحة لدراسات الأسرى، وهو أول المراكز التي افتتحتفي غزة لتعلم اللغة العبرية، يستقطب شهريا نحو 20 طالبا وطالبة من مختلف الفئات وفقالما أشار إليه مدير المركز أحمد الفليت، وهو أسير محرر قضى 20 عاما في الأسر وأفرجعنه في صفقة وفاء الأحرار في العام 2011.
ويضيف الفليت لـ"عربي21" "واجهتنا الكثيرمن التحديات في بداية مشوار المركز لتعليم اللغة العبرية، حيث لم يكن من السهل تغييرقناعات الكثير من المواطنين بشأن تعلم اللغة العبرية خشية وقوعهم في شرك المخابراتالصهيونية، ولكن سرعان ما تغيرت هذه القناعات، وأصبحوا يدركون أن تعلمهم للغة العدوستجنبهم الكثير من الثغرات التي قد تستغلها المخابرات الإسرائيلية ضدهم".
وتابع "هدفنا في افتتاح المركز إيجاد شريحة منالمثقفين تتقن اللغة العبرية، لتفهم جيدا طبيعة المجتمع الإسرائيلي بكل مكوناته، وتكونقادرة على التعامل مع هذا المجتمع وفهم ما يخططون له".
فئات مختلفة
أسماء سلام (26 عاما) طبيبة في مستشفى ناصر بمدينةخانيونس التحقت مؤخرا في مركز نفحة للحصول على دبلومة اللغة العبرية تقول لـ"عربي21":"الهدف الذي دفعني لتعلم اللغة العبرية هو إيجاد طريقة للتعامل مع المرضى الذينيتم تحويلهم للعلاج في مستشفيات الداخل، حيث تصل الكثير من الملاحظات لأطباء إسرائيليينمكتوبة باللغة العبرية لا نستطيع فهمها بسبب عدم اتقاننا للغة".
في حين أشار التاجر مصطفى وهو مندوب مبيعات لدى إحدىشركات التجارة العامة في غزة، رفض الكشف عن اسم عائلته، لـ"عربي21" أن الدافعالذي كان وراء تعلمه للغة العبرية هو "تسهيل المعاملات وشروط التجارة التي تتمبين شركته والشركات الإسرائيلية، حيث أن بعض العقود تكون مكتوبة باللغة العبرية خصوصاالتي يتم إبرامها وتسجيلها لدى المحامين داخل إسرائيل".
لم تقتصر نشاطات تعلم اللغة العبرية في قطاع غزة علىالمعاهد التي أنشئت في السنوات الأخيرة، بل امتدت لتشمل تخصيص الجامعات لمساقات تعليماللغة العبرية كما هو الحال في الجامعة الإسلامية التابعة لحماس، أما وزارة التربيةوالتعليم في غزة فقد أنشأت في العام 2014 معهدا خاصا لاستقطاب من يرغب في تعلم اللغةالعبرية، بعيدا عن القطاع التعليمي الرسمي.
وعلى جانب آخر استخدمت حركة حماس اللغة العبرية فيأكثر من مناسبة لإرسال رسائل تهديد إلى الجمهور الإسرائيلي، من بينها أناشيد غنائيةباللغة العبرية من أشهرها "زلزل أمن إسرائيل".
فهم المجتمع الإسرائيلي
إلى ذلك أشار مدير مركز أطلس للدراسات الإسرائيلية،عبد الرحمن شهاب، أن "تعلم اللغة العبرية بالنسبة للشباب الفلسطيني هو أمر فيغاية الأهمية، من باب إدراك أهمية فهم المجتمع والحكومة الإسرائيلية بما يسعون إليهمن مخططات ضد الفلسطينيين".
وأضاف شهاب لـ"عربي21" أن "أبواب الصراعالقائمة بيننا وبين دولة الاحتلال متعددة وهي في حال تطور مستمر، واللغة هي أداة يمكنتوظيفها في إيصال رسائل سياسية أو عسكرية، أو الاستفادة منها في مخاطبة المجتمع الإسرائيليمن القوى اليسارية التي تؤمن بحقوق الفلسطينيين".
مزيد من التفاصيل