أكد خبراء سياسيونوتربويون مصريون، أن النصحية التي قدمها رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسيلوزيرة الصحة والسكان هالة زايد، والتي كشفت عنها خلال مقابلة تليفزيونية،"بأن تهتم بأولادها ولا تبخل عليهم بشيء، وأن تقوم بتسفيرهم لخارج مصرلاستكمال تعليمهم"، هو اعتراف واضح منه بفشل سياسة التعليم التي ينتهجها.
وأكد الخبراء الذينتحدثوا لـ "عربي21" أنه لو صح ما كشفته الوزيرة، فإن تهمة جديدة تضافللسجل الإجرامي للسيسي، بتدمير مستقبل أبناء مصر، وممارسة التفرقة العنصريةوالطبقية بين أبناء المسئولين وأبناء عامة الشعب.
وتتزامن تصريحاتالوزيرة، مع آخر تقرير لمجلة تايمز البريطانية عن أفضل الجامعات الناشئة حولالعالم، والذي جاءت فيه جامعة المنصورة الحكومية ضمن حزمة الترتيب قبل الأخيرة من601 -800، بينما كشف التقرير النهائي لجودة التعليم لعام 2018 الذي يصدره المنتدىالاقتصادي العالمي أن مصر مازالت في الترتيب قبل الأخير دوليا، محافظة على المركز139 من بين 140 دولة.
كما لم تستطيع مصرالحصول على أي مركز أقل من 100 من بين 138 في معظم المؤشرات العالمية المتعلقةبالتنمية لعام 2018، حيث احتلت المركز 100 بمؤشر التنافسية العالمي، والمركز 122بمؤشر عوامل الابتكار والتطور، والمركز 112 بمؤشر التعليم العالى والتدريب.
من جانبها كشفت هيئةجودة التعليم المصرية، أن نسبة المدارس الحاصلة على جودة التعليم لا تزيد عن 13%من إجمالي المدارس العامة والخاصة، وأن مصر أمامها 55 عاما حتى تصل للتطبيق الكامللجودة التعليم.
تدليس
وفي تعليقه علىتصريحات الوزيرة المصرية يؤكد الباحث السياسي أسامة أمجد لـ "عربي21" إننصحية السيسي تشير لنظرته الحقيقية للواقع المصري، الذي يسير من سيء إلى أسوأ، كماأنها تشير إلي الطبقية التي يتعامل بها رئيس الإنقلاب مع المصريين، فأولادالمسؤولين والأغنياء من حقهم الحصول على التعليم المتميز بالخارج، بينما أبناءعامة الشعب لا يستحقون إلا أن يكونوا حقل تجارب لنظام تعليمي فاشل.
ويضيف أمجد أن السيسيبهذه النصيحة يجب محاكمته بتهمة الخيانة والتدليس وتدمير مستقبل أبناء مصر، ففيالوقت الذي يمنح فيه الحرية الكاملة لوزير التعليم من أجل تخريب وتدمير التعليم،ينصح المسئولين بتعليم أبنائهم بالخارج لعدم ثقته بالتعليم المصري الذي يعد السيسيالمسئول الأول عنه باعتباره رأس النظام الحاكم.
إقرأ أيضا: مصر.. معتقلون في طي النسيان و"عربي21" ترصد معاناتهم
ويضيف الباحث السياسيأن الأنظمة العسكرية دائما تقف ضد نهضة التعليم، لأن التعليم يقف في الزاويةالمغايرة لتوجهاتهم، وفي الوقت الذي يكون فيه التعليم حقيقيا، فإن حركة الشعبستكون ضد الحكم العسكري، وسياساته وأهدافه، وهو ما لا تريده هذه الأنظمة بدءا منجمال عبد الناصر حتى السيسي.
ويري أمجد أن خطة الدولة في ظل السيسي لا ترغبفي تطوير المنظومة التعليمية، خاصة وأن اهتمامها ينصب على التجارة والربح العاجل،وهو ما لا يتوفر في قطاع التعليم الذي يعد استثمارا طويل الأجل، مشيرا إلى أنالسيسي يتباهي ببناء أكبر مسجد بأفريقيا وأكبر كنيسة بالشرق الأوسط، وأكبر برج فيالمنطقة، وأكبر حديقة حيوان، وأكبر مدينة سكنية في الصحراء، بينما لم نرى في كلهذه المشروعات، مشروع تعليمي واحد يمكن أن يكون مقدمة لتطوير التعليم.
طبقية قاتلة
وفي إطار متصل يؤكدالخبير بشؤون التعليم معوض صالحي لـ"عربي21" أن التعليم الحكومي أصبحمرادفا لتعليم الفقراء، سواء كان في المرحلة الجامعية أو ما قبل الجامعي، بينماالجامعات الخاصة التي لها صفة دولية مثل الجامعة الأمريكية والكندية والبريطانيةوالألمانية، تعد القبلة المفضلة لأبناء الأغنياء والمسئولين، وهو ما يعكس الأزمةالتي يواجهها التعليم المصري خلال السنوات الأخيرة.
ويضيف صالحي أن غيابالدولة عن فرض منظومة تعليم حقيقية، حوَّل هذا القطاع الهام لقطاع استثماري، الهدفمنه الربح وليس إستفادة الشعب بأي حال، مشيرا إلى أن دولة الإمارات دشنت مؤخراصندوقا بالبورصة المصرية للاستثمار في قطاع التعليم بمصر، وخصصت استثمارات بقيمة 300مليون دولار كمرحلة أولي في التعليم الأساسي وقبل الجامعي.
وبحسب الخبير التعليميفإن هذه الاستثمارات سوف تزيد من الفجوة التعليمية بمصر، لأن معنى ذلك هو التوسعبالمدارس الدولية، التي تعتمد على برامج تعليمية، مخالفة للبرامج الحكومية، مايجعل التعليم المصري في ازدواجية خطيرة، تؤثر سلبا على الاستقرار المجتمعي، الذييعاني من تزايد مستمر بمعدلات الطبقية والفئوية، والتي تنتصر في الغالب للأغنياءعلى حساب الفقراء.
ويضيف صالحي أنالارتقاء بالتعليم ليس على أجندة السيسي، بدليل أن نظام الثانوية العامة الجديديعتمد على "التابلت" التعليمي الذي لم يتم تسليمه للطلاب حتى الآن، رغمانتهاء الفصل الدراسي الأول، وهو ما يترجم قمة الفشل الحكومي، ولو كان السيسيحريصا على التطوير، لقام بإقالة الوزير المسئول، بعد فشل أول مهمة في طريق تطويرالتعليم المزعوم.
مزيد من التفاصيل