كشفت استقالة القيادي والشرعي العسكري البارزفي هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا)، أبي اليقظان المصري، عن عمق التأزمالداخلي الذي تشهده "الهيئة" حيال المشاورات الجارية بإدلب وريفهالتوحيد القرار السياسي والعسكري، بالتنسيق مع الجانب التركي.
وكانت حسابات جهادية أكدت استقالة المصري بعدإدانته قضائيا بالإضرار بالجماعة، ومخالفته لأوامر الجماعة، وإصدار فتاوى دونمراجعة المجلس الشرعي العام لـ"الهيئة".
وانقسم المحللون في قراءتهم وتقييمهم لهذهالخطوة، واعتبر غالبيتهم أن المصري قد أُقيل بسبب معارضته للتوجهات الجديدةلـ"الهيئة" والتغييرات التي ستطالها، وبسبب تباين مواقف الأجنحةالداخلية حول ماهية المرحلة القادمة والتعامل مع تركيا.
من جانبه عدّ الباحث بشؤون الجماعات الجهادية،خليل المقداد، استقالة المصري والتطورات الجديدة بـ"الأمر الطبيعي والمتوقع،بسبب استحقاقات المرحلة".
استحقاقات جديدة
وأضاف لـ"عربي21" أن الهيئة حاولت أنتستثمر الوقت، ومحاولة التماهي والتماشي مع المتطلبات الإقليمية، مستدركا: "لكن الوقت قد حان لمواجهة الاستحقاقات التي لا بد من مواجهتها"، وذلكفي إشارة إلى الضغوط التركية والروسية على "الهيئة".
وفي إشارة من المقداد إلى احتمال وجود خلافاتكبيرة داخل الهيئة، قال إن "المصري يعتبر من الصقور داخل الهيئة، وانشقاقه قديكون بداية لموجة انشقاقات داخل صفوف الهيئة"، مشيرا إلى وجود مؤشرات عدة علىذلك، ومنها الخلافات التي رشحت عن الاجتماعات التي عقدتها "الهيئة" معتنظيم "حراس الدين"، إضافة للتصريحات التركية بوجود أطراف في التحالفالدولي تدعم الهيئة لتقويض اتفاق خفض التصعيد في إدلب.
وبموازاة ذلك، أكد المقداد أن"الهيئة" لا تريد الدخول في مواجهة عسكرية جديدة مع أي طرف إقليمي أودولي، وتفاديا لذلك يبدو أنها في وارد الدخول في تشكيل جديد مع "فيلقالشام" المدعوم تركيا، وهو الأمر الذي ربما يقود إلى حدوث شرخ داخل "الهيئة".
وبحسب الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، فإن"الهيئة" تحضر نفسها للانخراط في التسوية السياسية السورية لمرحلة مابعد الأسد، وهي تحاول أن تبدي ليونة ومرونة مع كل الطروحات، على أمل أن تستمروتتفادى عملية اجتثاثها".
أحمال غير مرغوبة
وفي الجانب ذاته، رأى الإعلامي السوري سمير المطفي،أن "الهيئة باتت أمام مفترق طرق مع اقتراب الحل السياسي، وخصوصا أنها بقينمنفردة في ساحة المواجهات بعد نهاية تنظيم الدولة، وتجمع فصائل المعارضة في الشمالالسوري".
واعتبر المطفي خلال حديثهلـ"عربي21"، أنه "أمام ذلك لم يبق للهيئة سوى خيارين، الأول الدفعباتجاه المواجهة مع أطراف إقليمية و دولية، وهو خيار صعب يعتبر بمنزلة دفع الهيئةنحو المحرقة.
وأما الخيار الثاني، بحسب الإعلامي ذاته، فهوالتخلص من الأحمال غير المرغوبة، عبر التخلص من بعض الأسماء الإشكالية، وعلق بقوله: "الخيار الثاني أسهل".
وبسؤاله عن احتمال حدوث انشقاقات داخل جسد"الهيئة"، بدا المطفي جازما بأن الهيئة قد تجاوزت مرحلة الانشقاقات،مرجعا ذلك إلى تصاعد حدة التصريحات الدولية ضدها، الأمر الذي قوى موقف الجناحالمعتدل بداخلها.
وقال إن "الهيئة تمضي بقوة إلى تغييرفكرها ليناسب المرحلة القادمة، التي تبدو سياسية وعسكرية في آن واحد".
بدوره أعرب الباحث بالشأن السوري، مهند الكاطععن ارتياحه لإزاحة الأسماء غير السورية عن المشهد في إدلب، وفي مقدمتهم أبواليقظان المصري.
وقال في حديثه لـ"عربي21" إن هؤلاءالأشخاص لا يخدمون الثورة السورية، ولا سوريا المستقبلية، معتبرا أن وجود"الأجانب أعطى للنظام وللدول الحليفة معه مبررات لقتل وقمع الشعب السوريبصمت".
ورأى الكاطع، أن الحل يكمن في حل"الهيئة" وما شابهها من تشكيلات لنفسها، حتى يتم سحب كل الذرائع من تحتأقدام روسيا وإيران.
وبحسب مصادر، فإن أبا اليقظان، المصري الجنسية،يعتبر من قيادات "حزب النور" السلفي المصري، وقدم إلى سوريا في العام2013 واستقر في حلب، وعمل في حركة نور الدين الزنكي كمدرس في معاهدها الشرعية، ثم أعلن انضمامه إلىحركة أحرار الشام، قبل أن ينشق عنها وينضم إلى هيئة تحرير الشام.
مزيد من التفاصيل