شهدتعدة مدن ليبية احتفالات عارمة بالذكرى الثامنة للثورة ضد نظام معمر القذافي في شباط/فبراير2011، وسط آمال بأن تنجح الثورة في استكمال طريقها والوصول إلى دولة المؤسسات والقانون،وكذلك تخوفات من تيار الثورة المضادة الذي هاجم الاحتفالات واعتبر الانتفاضة نكبة علىالبلاد.
وشهدالغرب الليبي احتفالات عارمة خاصة في العاصمة الليبية "طرابلس"، وكذلك شهدتمدينة بنغازي في الشرق الليبي تجمعات لناشطين في ساحة الحرية ذات الرمزية الثورية المعروفة،مطالبين بضرورة استكمال متطلبات الثورة من دولة مدنية ومؤسسات منتخبة.
وفيالذكرى الثامنة للثورة الليبية، أجرت "عربي21" استطلاع رأي مع ناشطين ومراقبينمن عدة مدن ليبية لمعرفة ردود الفعل وكيف يرى هؤلاء ثورتهم في ظل تعقد المشهد السياسيوالعسكري، وما دلالة هذه الاحتفالات العارمة التي هاجمها "فلول" القذافي.
"مستمرةحتى النصر"
وقالوزير الدفاع في ثاني حكومة بعد الثورة، محمد البرغثي (بنغازي)، إن "الثورة جاءتبعد 42 سنة من حكم الفرد حتى طغى، وقام بها شباب من بنغازي ثم تنادت لها بقية مدن ليبياشرقا وغربا وجنوبا، ورغم مقاومة القذافي لها مدة 8 أشهر لكنه لم يفلح لتخلي الأغلبيةعنه وتعاطف الشعوب المحبة للحرية".
وتابعلـ"عربي21": "لكن للأسف استغل انتهازيون الثورة وذوو مصالح شخصية فأفسدوامبادئها ما تسبب في كراهية البعض لها، لكن كل الأحرار قدموا التضحيات ولا زالوا حتىالنصر والوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية".
"إسقاطديكتاتور"
وأشارأول وزير تخطيط بعد الثورة الليبية، عيسى تويجر إلى أن "ثورة شباط/ فبراير أسقطتديكتاتور دمر البلاد من اقتصاد وتعليم وخلف شروخا اجتماعية عميقة، وبعد الثورة أجريتانتخابات حرة ونزيهة لم تعجب أعداء الحرية والديمقراطية فحركوا عملاءهم لإفسادها".
وأضافلـ "عربي21": "إصرار الشعب الذي يظهر في احتفالات اليوم بكثافة غيرمتوقعة سيؤدي حتما إلى الاستقرار وعودة العملية الديمقراطية، وتحية إلى كل من أيد الثورةحبا في الحرية والتغيير إلى الأفضل، وأدعو المصطفين إلى جانب حكم الفرد بالتفكير فيمستقبل ليبيا وعدم تفويت الفرصة في بناء دولة مدنية تُعطي الحقوق على أساس المواطنةوليس على أساس القبلية والجهوية والمحاباة".
"عنفوانثورة"
وقالعضو المؤتمر الوطني السابق وعضو مجلس الدولة الليبي الحالي، إبراهيم صهد إن "الاحتفالاتالكبيرة الآن تؤكد أن الثورة لازالت في عنفوانها وأنها لم تهزم أو تضعف أمام الثورةالمضادة والمدعومة إقليميا، مضيفا: "لم نر أحدا يكره الثورة شارك فيها منذ البداية،لكن من يهاجمها الآن هم من هاجموها سابقا.. وهم شرائح منتفعة من نظام القذافي أو مجموعاتتخشى محاسبتهم على الفساد في عهد القذافي"، حسب تصريحاته لـ"عربي21".
"نقطةتحول"
لكنعضو أول هيئة لصياغة مشروع الدستور الليبي بعد الثورة، إبراهيم البابا قال إن" بعض الليبيين يعتبرهما حدث في 17 شباط/ فبراير 2011 ثورة والبعض الآخر يعتبرهامؤامرة وما يتفق عليه الجميع هو أنه نقطة تحول في مسار الدولة الليبية".
وأضاف:"عدم تحول ليبيا بعد نحو الأفضل سببه المؤثرات الخارجية سواء الإقليمية أو الدوليةحيث انتقلت صراعاتهم إلى الأراضي الليبية وقودها الليبيين وأموال الليبيين في ظل غيابواضح للنخب الليبية الوطنية الحقيقية بعيدة عن شراء الولاءات والذم"، كما صرحلـ"عربي21".
"فلولالقذافي"
وأكدالكاتب والسجين السياسي في عهد القذافي، إدريس بن الطيب أن "الشعب الليبي لازاليأمل خيرا في الثورة حتى الذين أصيبوا بخيبة أمل يدركون أنه ثمة تغير فى المسار قديحدث، وأن ما يجري الآن هو حصاد سنوات البؤس في عهد القذافي، وأما من يترحمون على عصرالنظام السابق فهم قصّار نظر وينظرون إلى سطح الأشياء دون عمقها"، وفق تعبيره.
وأشاررئيس منظمات المجتمع المدني بالجنوب الليبي، فرحات غريبي إلى أن "الليبيين بعد50عاما، 42 من حكم القدافي و8 أخرى من حكم "فبراير" أصبحوا غير مكترثين بمايحصل في ليبيا، فللأسف شعبنا طيب وحكامه سيئيون، وأعتقد أن أفضل فترات عاشتها ليبياهي فترة الملكية"، كما رأى.
"ضريبةوالقادم أفضل"
ورأىعضو هيئة شباب الثورة الليبية، أحمد التواتي أن "أغلب الليبيين ينظرون للثورةأنها كانت ضرورة رغم كل المآسي التي تسببت فيها، ورغم القناعة أن للثورة على النظامالشمولي له ضريبة لا بد أن تدفع، لازال يحدونا الأمل أن القادم سيكون أفضل"، كماقال لـ"عربي21".
وبدوره،قال الناشط من مدينة مصراتة (غرب)، علي أبو زيد إن "أنظار الليبيين اليوم تختلفإلى "فبراير" (الثورة) نتيجة التحولات والتغيرات التي حدثت بعدها، ولكن تبقىحقيقة أنها أنهت عقود الظلم والاستبداد التي تمثلت في نظام القذافي".
وتابع:"ليبيا في محيطها الإقليمي لم تسلم من ارتدادات الثورة المضادة، وقلة الخبرة السياسيةوضعف التجربة وهشاشة المؤسسات وانتشار السلاح ساهمت في ارتفاع موجة العنف واحتدام الصراع،إلا أن حالة توازن القوى وتكافئها لم تمكن أي طرف من الحسم لصالحه مما جعل قناعة الغالبيةبالحل السياسي رغم وجود محاولات يائسة للحل العسكري"، حسبما ذكر لـ"عربي21".
وأضاف:"أما حالة الندم والحنين إلى عهد القذافي فهي نتيجة لخيبة الأمل في الحصاد المبكرللثورة، وهذه الحالة النفسية الجمعية محدودة وستزول بحدوث الاستقرار ودوران عجلة النهضةوالتنمية".
"إعلاممضلل"
وأكدالناشط والأكاديمي الليبي، مفتاح شتوان أن "من كان مع الثورة من البداية لم ينقلبعليها حتى الآن، وأن الناشطين والثوريين لازالوا مع ثورتهم وأنا منهم، فقط ينتاب الناشطونشعور بأن المضادين للثورة صاروا يتحركون علنا ويحاولون سرقة الثورة، لكن احتفالات اليومبذكرى الثورة بهذه الأعداد الكبيرة يؤكد التمسك بالثورة ومبادئها رغم كذب الإعلام المضلًل".
وقالتالصحفية من طرابلس، أحلام الكميشي إنه "بعد مرور 8 سنوات أصبحت فبراير واقع، وعقاربالساعة لن تعود إلى الوراء، والبعض يحاول التأقلم مع الواقع الجديد، والمواطن الآنيحتاج فقط الخدمات وتحسينها، وهناك بعض التحسن في الخدمات لذا كانت الاحتفالات اليومكبيرة على أمل أن تتحسن الأوضاع أكثر".
وأضافتلـ"عربي21": "حتى العالم الخارجي يريد الآن تحقيق الاستقرار لتحقيقمصالحهم، لذا ربما سيساهم كل هذا في تحقيق الاستقرار في البلاد، خاصة أن الشارع يستعدالآن لانتخابات البلديات".
مزيد من التفاصيل