نشر موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي نص رسالة،وجهتها مجموعة من الخبراء الأمريكيين في الشأن المصري، إلى وزير الخارجية مايكبومبيو، ومساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي جون بولتون، تدعوهم فيها إلى التصرفبحزم إزاء التعديلات الدستورية التي قام بها نظام عبد الفتاح السيسي.
وقد شددت هذه الرسالة على ضرورة أن توضح الولاياتالمتحدة في اللقاءات الخاصة وأمام العلن، أن التعديلات التي أدخلت على الدستورالمصري، بهدف إبقاء السيسي في السلطة لما بعد 2022، لا تتوافق مع التزامات السيسينفسه نحو مواطنيه، ولا مع انتظار الحكومة الأمريكية.
وفي ما يأتي نص الرسالة:
22 فبراير/شباط 2019
إلى سعادة وزير الخارجية مايكل بومبيو ومساعد الرئيسلشؤون الأمن القومي جون بولتون:
بصفتنا مجموعة من المتخصصين في الشؤون الخارجية،المنتمين إلى كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فإننا نطلب منكم بكل احترامالتواصل مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتعبير عن قلقنا العميق حيال تعديلاتالدستور المصري التي تمر الآن بعملية موافقة سريعة. هذه التعديلات تمثل استحواذاصارخا على السلطة، وهي قد تسمح للسيسي بالبقاء في منصبه إلى العام 2034، على الرغممن وعوده بمغادرة الحكم بنهاية عهدته الثانية في 2022.
كما أنها تمثل حرماناللسلطة القضائية مما تبقى من أعمدة استقلاليتها، وترسيخا للسيطرة الرسمية للجيشعلى الحياة السياسية المدنية. ولا توجد أي مؤشرات على وجود مطالب شعبية أو حتى دعملهذه التغييرات الدستورية الكبرى، وقد تكون هنالك معارضة واسعة لها. وفي ظل القمعالوحشي الذي يمارسه السيسي ضد المعارضة السياسية والمجتمع المدني والإعلامالمستقل، فإن أولئك الذين يتجرأون على التعبير عن انتقادهم يخاطرون بالتعرض للسجنأو ما هو أسوأ من ذلك.
وكانت إدارة أوباما قد ارتكبت خطأ جسيما في تشرينالثاني/ نوفمبر 2012، عندما فشلت في التعامل بحزم أكثر مع الإعلان الدستوري للرئيسفي ذلك الوقت محمد مرسي. وقد تصاعدت المعارضة الشعبية لمرسي، وخلال 8 أشهر فقطاستخدم وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي ذلك الحراك لعزل مرسي خلال انقلابعسكري أنهى انتقال الديمقراطية الناشئة. وفي ظل انتقاد الرأي العام المصريللولايات المتحدة لفشلها في مجابهة القرارات غير الديمقراطية، فإن النفوذالأمريكي في مصر وفي منطقة الشرق الأوسط تعرض للتآكل.
اقرأ أيضا: اعتقال ناشط مصري بعد نشره فيديو لرفض تعديل الدستور
نحن نأمل أن إدارة ترامب لن ترتكب نفس هذا الخطأالآن. إذ أنه لا الحكام المستبدون ولا مواطنو بلدانهم يحترمون الولايات المتحدةعندما تتخلى عن قيمها. إن إدارتكم عبرت عن موقف معارض للجهود التي بذلها زعماء فينهاية فترة حكمهم، بهدف تغيير الدستور للبقاء في السلطة، في بلدان مثل بوليفياوبورندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، ويجب عليها أن تقوم بنفس هذا الأمرالآن في ما يتعلق بمصر.
يجب على الولايات المتحدة أن توضح في اللقاءاتالخاصة وفي العلن أن تعديلات الدستور المصري، التي تهدف إلى بقاء السيسي في السلطةلما بعد العام 2022، لا تتوافق مع التزامات السيسي نفسه نحو مواطنيه، ولا معانتظار الحكومة الأمريكية. هذه التعديلات المنتظرة التي تنزع الاستقلالية عنالسلطة القضائية، سوف تكون لها أيضا انعكاسات خطيرة على الاستقرار السياسي في مصر.
نحن نطلب منك أيضا توجيه دعوة للرئيس السيسي للقيامبهذه الأمور:
* الالتزام بالوعد الذي قطعه بشكل واضح وعلني في عدةمناسبات: بمغادرة منصبه بعد نهاية عهدته الرئاسية الثانية في 2022.
* إنهاء القمع في الفضاء العام في مصر وضمان حريةالتعبير والتجمع والنشاط الجمعياتي، حتى تتم مناقشة أي تغييرات في الدستور بشكلكامل وحر، دون خوف من تبعات ذلك على المواطنين أو منظمات المجتمع المدني.
* إذا تم في النهاية تنظيم استفتاء على التعديلاتالدستورية بعد حوار شعبي حر وكامل، فيجب السماح لكل المواطنين بالتصويت بحرية فيعملية يكون خلالها التصويت وعمليات الفرز مراقبة بشكل كامل من قبل منظمات المجتمعالمدني المصري المستقلة، إلى جانب المراقبين الدوليين من ذوي المصداقية.
إن التعديلات الدستورية المقترحة، والتي يمكن أن تتمالمصادقة عليها خلال أسابيع، هي فقط واحدة من عدة عمليات ترتكبها الحكومة المصريةالحالية، تؤدي لحرمان المصريين من الحريات. ووجود الآلاف من السجناء السياسيين (منبينهم مواطنون مصريون)، إلى جانب التعذيب الممنهج، وعمليات القتل والاختفاء خارجالقضاء، والمحاكمات غير العادلة والإعدامات، وتواصل اضطهاد المجتمع المدني المحلي والإعلام،إلى جانب انتشار المعاناة الاقتصادية، وتزايد سيطرة الجيش، كلها تمثل مسائل حارقة.
ولكن رغم ذلك فإن التعديلات الدستورية تستوجباهتماما خاصا من قبل الولايات المتحدة في الوقت الحالي، لأنها سوف تحرم المصريينمن أي أمل في التعبير عن مشاغلهم عبر السياسات السلمية. وقد أوضح السيسي من خلالمسرحية إعادة انتخابه في 2018 أنه لن يسمح بأي منافسة سياسية، والآن تظهرالتعديلات أنه يحاول تعزيز وإدامة حكم الرجل الواحد.
وكصديقة ومساندة منذ وقت طويل لمصر عبر المساعداتالعسكرية والاقتصادية، فإن الولايات المتحدة مطالبة بالتعبير عن انشغالها بشكلواضح: حيث إن هذه التعديلات غير الحكيمة سوف تضع مصر على طريق انعدام الاستقرار،وستعرض النوايا الطيبة الأمريكية للخطر. يجب على السيسي الالتزام بالدستور الحالي،بما يتضمنه من تحديد للفترات الرئاسية، ويقوم بإعادة فتح الفضاء العام للسماحللمواطنين المصريين بالإدلاء بكلمتهم في الشأن العام.
إن فشلكم في التطرق لهذا الأمر سوف يعد تنازلا عنالقيم الأمريكية، التي عبر عنها وزير الخارجية بومبيو في القاهرة خلال الشهرالماضي. هذا سيضع حكومة الولايات المتحدة في موقع المساند لحاكم استبدادي وسيعرضهالغضب الرأي العام المصري، الذي سرعان ما سيطالب بحقوقه غير القابلة للتنازل.
تقبلوا احتراماتنا.
مجموعة الخبراء في الشأن المصري (مجموعة من الخبراءفي السياسة الخارجية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تشكلت في 2010)
أعضاء المجموعة:
ميشال دوني (رئيس مشارك): مؤسسة كارنيغي للسلامالدولي
روبرت كاغان: (رئيس مشارك) معهد بروكينغز
جيمي فلاي: صندوق مارشال الألماني
ريول غيريخت: مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات
إيمي هاوثورن: مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
نيل هيكس: معهد القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
توماس هيل: عضو سابق في لجنة الشؤون الخارجية فيمجلس النواب
ستيفين مكينيرني: مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
أندرو ميلر: مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
تامارا ويتس: معهد بروكينغز
كان وولاك: الرئيس السابق للمعهد الديمقراطي الوطني
مزيد من التفاصيل