نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية تقريراتحدثت فيه عن "الجزائريين المتأثرين بأهوال الحرب الأهلية خلال العشريةالسوداء، الذين يشهدون في الوقت الراهن تحركات احتجاجية صاخبة قد تغير معالمالمشهد السياسي في البلاد".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته"عربي21"، إن أكثر ما يثير الاهتمام بشأن هذه الحركة الاحتجاجية التيتهز شوارع الجزائر هو استمرارها، وقد أصبح معارضو ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدةخامسة منتشرين على نطاق واسع ويشاركون بكثافة في المظاهرات التي تتسم بطابعهاالسلمي.
وأكدت الصحيفة أن "انطلاق حركة الاحتجاجات فيالمشهد السياسي الجزائري الذي لم يتبلور إلى حد الآن، قد فاجأ الجميع، بما في ذلكالحكومة وقوى المعارضة على حد سواء، ففي الواقع، لم يتوقع أحد مثل هذه الصحوةالوحشية للجزائريين، التي من المحتمل أن ما يغذّيها هو السياسة الصارمة التيتعتمدها السلطة الحاكمة".
وأفادت الصحيفة بأن "الجزائريين عانوا من أهوالالعشرية السوداء، وهو ما جعلهم يستغنون عن حرياتهم طويلا؛ ما سمح للحكوماتالمتعاقبة باستغلال هذا الشعور بالخوف لدى الشعب لقمع أي احتجاج، ولكن الجيلالجديد المتأثر بالتكنولوجيات الحديثة لم يعش سنوات العنف التي أسفرت عن مقتل أكثرمن 150 ألف شخص".
وأضافت الصحيفة أن "الشباب الجزائري لم يتردد فيالتعبير عن سخطه من ترشيح بوتفليقة لعهدة خامسة، وخرجوا إلى الشوارع للتنديد بذلك".
اقرأ أيضا: الإمارات تدخل على خط التظاهرات في الجزائر (شاهد)
وفي مقابلة له في السادس من آذار/ مارس مع الموقعالجزائري "كل شيء عن الجزائر"، وصف السياسي الجزائري السعيد سعدي الحراكالشعبي الجزائري "بالمعجزة"، مشيرا إلى أن "هذه ليست مظاهرات،أعتقد أننا نشهد ولادة جديدة للأمة".
وأوردت الصحيفة أن "قدماء المشاركين في حربالتحرير ضد الاستعمار الفرنسي، الذين حفزتهم قوة الشباب، لم يترددوا في النزول إلىالشوارع منادين بمغادرة بوتفليقة، علاوة على ذلك، انضم إلى الحراك الشعبي مجموعةمن الزعماء السياسيين من مختلف التوجهات السياسية من بينهم الإسلاميون والقوميونوالديمقراطيون".
وبيّنت الصحيفة أن "الحركة الاحتجاجية للشبابالجزائري تمكنت من توحيد صفوف فصائل المعارضة تحت رايتها، لتنال احترام الجميع،ولعل أهم سبب لاحترام هذه التحركات الاحتجاجية الشبابية عدم انتمائها لأي حزب أوجهة سياسية، ورفعها لشعار واحد "لا للعهدة الخامسة"، وعلى الرغم من أنبرنامج الاحتجاجات بسيط جدا، إلا أنه فعال وموحد".
وأوضحت الصحيفة أن "هذه الاحتجاجات تتسمبالوطنية، وقد شاركت جميع مدن البلاد في هذه الاحتجاجات بما في ذلك مدينة تلمسانووهران عاصمة غرب البلاد، مسقط رأس العديد من الشخصيات الهامة في النظام الحاليللجزائر، ومنذ الاستقلال سنة 1962، لم تشهد الجزائر حركة بمثل هذا الحجم".
وأشارت الصحيفة إلى أن "الربيع الجزائريالجديد" مسالم إلى حد بعيد، وخلال جميع المسيرات والمظاهرات التي انطلقت منذ22 شباط/ فبراير، لم يتم تسجيل أي إصابات، وفيما يتعلق بالضربات التي وجهتهاالشرطة أحيانا لتفريق الحشود، لم تنجح أي منها في منع الحركات الاحتجاجية منمواصلة السعي وراء تحقيق طموحاتها السلمية، كما أنها لم تدفع الشباب إلى مهاجمةالشرطة، وتمثل رد المحتجين على ضربات الشرطة في ترديد شعار "الشعب والشرطة،إخوة".
اقرأ أيضا: اعتقال العشرات في الجزائر بعد مظاهرات حاشدة الجمعة
ونوهت الصحيفة إلى أنه "يجب الاعتراف بأن هذهالحركات الاحتجاجية الواسعة تشوبها بعض مواطن الضعف، إذ تعاني التحركات الشعبية مننقص الإشراف، وغياب جهة لتأطير الحشود وتوجيههم والتدخل بين الشرطة والمتظاهرين،وعموما، تستمر المظاهرات بشكل عفوي إلا أنها لم تشهد أي مشاكل، ويطغى عدم التناسقبين الشعارات المرفوعة في المظاهرات، حيث يحضر كل متظاهر شعاره الخاص به، وقد تؤديهذه الفوضى إلى تقويض وحدة الحركة الاحتجاجية في النهاية".
وفي الختام، أوضحت الصحيفة أن "نقاط الضعف التييعاني منها هذا الحراك الشعبي ناتجة عن غياب قائد أو أكثر قادرين على توجيهالاحتجاجات، ولكن من المفارقات أن هذه النقائص تمثل أيضا نقاط قوة ذلك أن وجودأشخاص معروفين لقيادة الاحتجاجات قد يمنح السلطات فرصة لاستخدام أسلوب الرشاويمعهم، وبالتالي تقويض الاحتجاجات".
مزيد من التفاصيل