طرحت المحاكمة التي أجريت في العاصمة الليبية طرابلس، بحق 4 فلسطينيين،بتهمة "تهريب أسلحة لحركة حماس" في غزة، عبر ليبيا ومصر، تساؤلات بشأنالأبعاد السياسية، والأمنية للقضية.
وأصدرت المحكمة الليبية في 21 فبراير/ شباطالماضي، أحكاما مشددة تتراوح ما بين 17 و22 عاما بحق كل من: مروان عبد القادرالأشقر، الذي يترأس شركة للأجهزة التكنولوجية في طرابلس منذ سنوات ونجله براء،ومؤيد جمال عابد، ونصيب محمد شبير، وجميعهم يدرسون في الجامعات الليبية، ويعملونفي الشركة ذاتها بدوام جزئي.
ووجهت لهم المحكمة التابعة لحكومة الوفاقالوطني، تهم "تشكيل تنظيم أجنبي سري على الأراضي الليبية، وحيازة السلاح،والتآمر على أمن الدولة، وتهريب أسلحة".
وبحسب وسائل إعلام ليبية، فإن الفلسطينيينيقبعون في سجن "الردع" قرب منطقة "معيتيقة" بطرابلس، وقداعتقلوا في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 من أماكن سكنهم في العاصمة الليبية، بعد أنداهمت مجموعة مسلحة منازلهم.
مصدر من عائلات المعتقلين، قال، إن"الأربعة يقيمون في ليبيا منذ سنوات طويلة، ويعملون في شركة مختصة بتكنولوجياالمعلومات، ولا علاقة لهم بأي تنظيمات".
وذكر المصدر مفضلا عدم الكشف عن هويته، أن"المعتقلين كانوا يعيشون حياتهم في ليبيا بشكل طبيعي، وعلاقتهم جيدة معالجميع هناك"، داعيا السلطات الليبية إلى الإفراج عنهم.
والإثنين الماضي، طالب رئيس المكتب السياسيلحركة "حماس" إسماعيل هنية، السلطات الليبية، بالإفراج عن الفلسطينيينالأربعة.
وقال هنية، في لقاء مع صحفيين بغزة:"أطالب ليبيا بالإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين بتهمة الانتماء لحماس.. ليبياكانت حاضنة للمقاومة، وهي أحكام صاعقة، لا تتماشى مع الشعب الليبي الداعم لفلسطين".
وسبق لحركة "حماس"، أن استنكرت نهايةفبراير الماضي، الأحكام التي صدرت بحق الفلسطينيين في العاصمة الليبية.
وقالت الحركة، في بيان لها، إن الأربعة"أقاموا داخل ليبيا بغرض الدراسة والحصول على قوت يومهم، وهمهم الأكبر أنتتحرر أرضهم والعودة إلى ديارهم ووطنهم".
وفي أيلول/سبتمبر 2017، كشف "الصديقالصور"، رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام بطرابلس، عن وجود"خلية تابعة لحركة حماس تتكون من أربعة أشخاص كانوا في بنغازي ثم استقروا فيإحدى ضواحي طرابلس".
وأضاف "الصور"، خلال مؤتمر صحفي، أنه"خلال التحقيق معهم وتفريغ أجهزة الكمبيوتر التي بحوزتهم، اكتشفنا أنهم أفشواأسرارا تتعلق بأمن الدولة، فضلا عن انتهاكهم للسيادة الليبية وقيامهم بتهريبالأسلحة إلى الدول المجاورة وخاصة مصر".
وذكر المسؤول الليبي، في ذلك الوقت، أن"هناك تفاصيل أخرى لا يستطيع الحديث عنها قبل انتهاء محاكمة عناصر الخلية".
وعقب تلك التصريحات، أصدت "حماس"بيانا آنذاك، نفت فيه ما صدر عن المسؤول الليبي.
وقالت إن اتهامات "الصور"،"ادعاءات عارية عن الصحة"، مؤكدة أن سياستها قائمة على "عدم التدخلفي شؤون أي دولة عربية أو غيرها".
ونقلت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في23 فبراير، عن مصادر سياسية (لم تسمها)، أن حركة "حماس" تبحث مع وسطاءلإطلاق سراح الفلسطينيين الأربعة.
وذكرت الصحيفة أن "حماس تواصل مساعيهابالحديث مع شخصيات فلسطينية وأخرى عربية للتوسط لإطلاق سراحهم".
محاكمة مسيسة
من جهته، قال أحمد يوسف، رئيس معهد "بيتالحكمة" للاستشارات وحل النزاعات بغزة، إن "المحاكمة تأتي في سياق دولةتغيب فيها مكونات الدولة، فهي منقسمة على نفسها وتعيش صراعات كبيرة ومثل هذهالمحاكمات تفتقد إلى المصداقية والمقاييس الدولية".
وأضاف يوسف، أن "الأحكام والتهم التي صدرتبحق الفلسطينيين الأربعة مسيسة، والهدف من ورائها التقرب للولايات المتحدةوإسرائيل"، حسب قوله.
ورأى أن "هذه الأحكام التي تفتقدللمصداقية، تأتي في ظل حملة دولية تشن ضد حركة حماس بذريعة اتهامها بالإرهاب".
وتابع: "بعض الدول العربية باتت تتسابق منأجل التطبيع مع إسرائيل وشراء مواقف اليمين الإسرائيلي المتطرف والإظهار له أنهاحريصة على أمن إسرائيل".
وحول تعامل حركة "حماس" مع هذاالحدث، توقع يوسف أن تظل الحركة تبحث عن فرص ووساطات لها علاقة بالسلطات الليبيةمن أجل إطلاق سراح المعتقلين، معتبرًا أن الأربعة "لا علاقة لهم بأي نشاطاتللحركة على الساحة الليبية".
واستبعد المراقب السياسي، أن يكون بيان"حماس" الرافض لمحاكمة الأربعة، بداية تصعيد من الحركة تجاه السلطاتالليبية.
وأشار أن "حماس" ستعتمد أسلوبالدبلوماسية بمحاولة الإفراج عنهم لأنه "ليس لديها أي أوراق قوة".
وشدد على ضرورة أن يكون هناك دور للسلطةالفلسطينية والجهات العربية الداعمة لفلسطين، للإفراج عن هؤلاء المعتقلين الذين لميتسببوا بأي ضرر لليبيا.
محاولة لإرضاء واشنطن
وفي الشأن ذاته، قال الكاتب السياسي الفلسطيني،إبراهيم المدهون، إن "محاكمة الأربعة كانت صدمة للشعب الفلسطيني بجميعأطيافه، لأن تجريم أي فلسطيني بهذا الشكل يصب لصالح الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف المدهون: "ربما تكون هذه المحاكمةمحاولة من الحكومة الليبية لإرضاء الولايات المتحدة من خلال إظهارها محاربة حركةحماس، رغم أن الحركة بعيدة عن التدخل في الشؤون الليبية والعربية بشكل عام".
ورأى أن بيان حركة "حماس" الرافضلاعتقال ومحاكمة الفلسطينيين الأربعة كان يحمل رسالة احتجاج وغضب موجهة للسلطاتالليبية.
وذكر أن الإفراج عن هؤلاء المعتقلين يحتاج إلىجهود دبلوماسية عربية ودولية من أجل توضيح الحقيقة للحكومة الليبية.
وتوقع المدهون أن تمارس حركة "حماس"دبلوماسية ناعمة مع الحكومة الليبية بطرابلس، في إطار محاولاتها للإفراج عنالمعتقلين الأربعة.
مزيد من التفاصيل