أرسلت وزارة الداخلية المصرية ردّاً إلى الأحزاب المنضوية تحت لواء "الحركة المدنية الديمقراطية"، اليوم الأربعاء، تخطرها فيه برفضها الطلب المقدم منها بتنظيم وقفة احتجاجية، ظهر غد الخميس، أمام مقرّ مجلس النواب، للإعلان عن رفضها للتعديلات الدستورية، وللمطالبة بوقف حملات القبض والاعتقال على المعارضين، والإفراج عن المعتقلين السياسيين على ذمة قضايا تتعلق بالاعتراض على الدستور.
وألغى قاضي الأمور الوقتية بمحكمة القاهرة للأمور المستعجلة، المستشار علي شرف الدين، الوقفة الاحتجاجية، مستنداً في قراره إلى "تهديدها للأمن العام والسلم، وفق ما ورد بطلب مساعد وزير الداخلية لشؤون أمن القاهرة لإلغائها"، و"مخالفة قرار محافظ القاهرة بتحديد المنطقة الجنوبية لحديقة الفسطاط كمنطقة تباح فيها التظاهرات السلمية والاجتماعات العامة والمواكب".
وحسب القرار، فإن "هناك إمكانية لاندساس العناصر الإرهابية ضمن التظاهرة، مستهدفة العناصر الأمنية التي تتولى تأمين الوقفة، أو اندساس العناصر التي تعمل ضد الدولة خلال التظاهرة، واعتدائها على المشاركين في الوقفة، حتى توحي للرأي العام بأن أجهزة الأمن هي التي تعتدي على المشاركين، بمخالفة للحقيقة، وهو ما يؤثر على السلم والأمن العام".
إلى ذلك، قال المتحدث باسم "الحركة المدنية" مجدي عبد الحميد، إن "زيادة مدد الرئاسة في التعديلات المطروحة أمام البرلمان (محظورة) بموجب المادة (226) من الدستور"، مشدداً على رفض الحركة للتعديلات برمتها، خصوصاً المتعلقة منها بزيادة مدة الرئاسة إلى 6 سنوات، وضمان حفاظ القوات المسلحة على "مدنية الدولة"، وتولي رئيس الجمهورية رئاسة المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وأضاف عبد الحميد، في مؤتمر صحافي للحركة، أنها ترفض التعديلات الدستورية كاملة منذ اليوم الأول لطرحها في البرلمان، لأنها تُهدد كيان الدولة المصرية، مشيراً إلى أنها "تتبع سياسة النفس الطويل، وترى ضرورة إجراء حوار وطني حقيقي حول التعديلات، شريطة أن يكون مرهوناً بتجميد حالة الطوارئ، والإفراج عن المحتجزين، وإعطاء مساحات متساوية للمعارضين للدستور".
ودعا عبد الحميد إلى تمكين الشعب المصري من الحوار السلمي حول الدستور، ووضع ضمانات لنزاهة الاستفتاء الشعبي المرتقب على التعديلات، وعدم تدخل الدولة (النظام) في عملية التصويت، لافتاً إلى أن الدولة خيبت آمالهم، ولم تترك لهم سبيلاً سوى رفض التعديلات الرامية لهدم الدولة المدنية، والتي تجرى في طقوس تغيب عنها النزاهة.
من جهته، قال رئيس الحزب المصري الديمقراطي، فريد زهران، إنه تلقى دعوة لحضور جلسة الحوار المجتمعي الرابعة لمجلس النواب حول تعديلات الدستور، مستطرداً "الدعوة تضمنت مشاركة نحو مائتين من رؤساء وقيادات الأحزاب والقوى السياسية... كيف يمكن أن يكون هناك حوار في جلسة مدتها ساعتان أو ثلاث ساعات، وأن يتحدث خلالها مائتا شخص".
وأضاف زهران: "سأحضر جلسة الحوار على الرغم من كونها إجراءً شكلياً، لأن الحركة ستستجيب لأي دعوة للحوار والتواصل، لكن كل المؤشرات تقول إن الأطراف الأخرى لا تريد حواراً حقيقياً، بل تريد إجراءات شكلية.. والمناخ العام يشهد تضييقاً لا مثيل له، فهناك حالة الطوارئ المعلنة، ولدينا سجناء للرأي، وغياب تام للمعارضة في الإعلام".
وتابع: "من الصعب القيام بأي حوار مجتمعي في هذا المناخ، والأحزاب المدنية مُحاصرة، وليست لديها أي أدوات للتواصل مع الإعلام، وذلك يخلق حالة من الإحباط لدى الشباب... وأدعو الشباب المحبط إلى الانضمام إلينا في المعركة، بالأدوات المتاحة لنا، من توقيع على عريضة رفض التعديلات التي نجحنا في جمع عشرات الآلاف من التواقيع عليها، والتصويت برفض تعديلات الدستور".
من جهته، قال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، إن "الحركة المدنية الديمقراطية رفضت من حيث المبدأ العبث بدستور البلاد، لأن الأولوية لتفعيل مواد الدستور، عوضاً عن تعديله"، متابعاً "الدستور في كثير من جوانبه كان معطلاً بحكم فرض حالة الطوارئ".
وقال رئيس حزب الكرامة، محمد سامي، إن "الدستور لم يكتب بليل كما يُشاع، أو تحت تأثير تيارات بعينها، بل إن لجنة العشرة التي أعدت مسودة الدستور الحالي، هي التي أوصت بإلغاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، والاكتفاء بمدة أربع سنوات لفترة الرئاسة، وكان رئيس مجلس النواب الحالي، علي عبد العال، أحد أعضاء تلك اللجنة".
وأضاف سامي أن "لجنة الخمسين التي وضعت دستور 2014 عقدت جلسات استماع لجميع فئات المجتمع، وأدارت حواراً وطنياً واسعاً أثناء كتابة الدستور"، مستدركاً "التعديلات المطروحة حالياً تسمح للرئيس الحالي بالبقاء في الحكم حتى يبلغ سنه 80 عاماً، هل هو على استعداد لأن يعيش ما يعايشه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الآن!".
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، إن "التعديلات الدستورية تقدم في وسائل الإعلام باعتبارها لصالح تمثيل المرأة في مجلس النواب، ولكنها في الحقيقة تستهدف على وجه أخص مدة بقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي في موقعه، والتوسع في اختصاصاته، فضلاً عن تدخل المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، والمساس باستقلال القضاء".
مزيد من التفاصيل