للشهر الثاني على التوالي أعلنت السلطة الفلسطينية رفضها استلامعائدات الضرائب (المقاصة) من إسرائيل ردا على اقتطاع الأخيرة مبلغ 42 مليون شيكلمن عائدات المقاصة لشهر آذار/ مارس الماضي، تزامنا مع إعلان صرف رواتب موظفيها الثلاثاءبنسبة 50 بالمئة للشهر الثاني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتمثل أموال المقاصة ركيزة أساسية في تمويل نفقات السلطة، بنسبة تصلإلى ثلثي الإيرادات العامة، بإجمالي 10 مليارات شيكل (2.8 مليار دولار) سنويا.
وأقر رئيس السلطة محمود عباس خلال القمة العربية التي عقدت في تونسالأحد، بالتحديات الصعبة التي تواجه السلطة لتجاوز هذه المرحلة، وطالب القادةالعرب بتفعيل شبكة الأمان المالية لدعم السلطة بعد أن باتت في حصار مالي من قبلإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي وقت سابق من شهر آذار/ مارس الماضي هدد الرئيس محمود عباس بأنالسلطة قد تضطر إلى التوقف عن دفع رواتب الموظفين إذا ما استمرت إسرائيل باقتطاعأموال المقاصة، وتراجع مساهمات الدول المانحة إلى النصف.
البحث عن بدائل
من جانبه أشار عميد كلية التجارة في الجامعة الإسلامية، محمد مقداد،أن "إيرادات السلطة لا تنحصر فقط في أموال المقاصة رغم ما تمثله من حصة الأسدفي إيرادات الخزينة العامة؛ ولكن هنالك مصادر أخرى تلجأ إليها السلطة مثل الاقتراضمن البنوك العاملة في فلسطين لتمويل رواتب موظفيها، أو من خلال الاستعانةبالصناديق المالية التابعة لها كالصندوق القومي التابع لمنظمة التحرير، والخيارالثالث هو اللجوء إلى الإيرادات المحلية كزيادة الضرائب على الدخل والشركات".
وأضاف مقداد لـ"عربي21": "كل مصدر تلجأ إليه السلطةلتمويل نفقاتها سيكون له تداعيات وتكاليف ستتحملها السلطة، فمثلا الاقتراض منالبنوك المحلية سيرفع من قيمة الدين العام، الذي وصل لمستويات قياسية بتخطيه لحاجز15 مليار شيكل (4.3 مليار دولار)، وهو يعادل قيمة الموازنة السنوية للسلطة، أمااللجوء لخيار زيادة الضرائب على الدخل سيساهم في تخفيض قيمة الإنفاق العام، وهذاقد يضع الاقتصاد الفلسطيني أمام مرحلة ركود اقتصادي".
خطة الطوارئ
فعلت وزارة المالية خطة الطوارئ كمخرج لتجاوز أزمة تراجع الإيراداتوفقا لما صرح به وزير المالية شكري بشارة، حيث بدأت بتقليل النفقات إلى الحدالأدنى ووقف التعينات والترقيات، ودفع رواتب الموظفين إلى النصف بحد أدنى 2000شيكل (550 دولار)، ولم يخفي بشارة سعي السلطة إلى الاقتراض من البنوك المحليةبقيمة 50 مليون دولار لتمويل بند الرواتب.
وتشكل رواتب موظفي السلطة 60 % من النفقات العامة بقيمة تصل إلى 1.9مليار دولار.
في المقابل يرى وزير التخطيط السابق، سمير عبد الله، أن "ماقصدته السلطة بتفعيل خطة الطوارئ هو تأجيل النظر في بنود النفقات باستثناء الأجورلعدة أسابيع أو أشهر إلى حين تجاوز هذه الأزمة، كالمشتريات الحكومية ونفقات السلكالدبلوماسي في الخارج ونثريات الدوائر الحكومية".
ونوه عبد الله، أن "السلطة ليس بمقدورها الاستمرار في تأجيلالنفقات الأخرى للشهر القادم، فهنالك متطلبات وتعهدات مالية لا يمكن تأجيلهاكفوائد القروض، ومباني المؤسسات الرسمية التابعة للسلطة في الداخل والخارجالمستأجرة بعقود شهرية أو نصف سنوية، لذلك فتهديد رئيس السلطة بعدم دفع الرواتب أوتقليلها لما دون الوضع الحالي سيكون خيارا لا بد منه إذا لم يتم تجاوز هذه الأزمةخلال وقت قصير من هذا العام".
تنذر الأزمة المالية الراهنة التي تعصف بالسلطة إلى دخول الاقتصادالفلسطيني في مرحلة الانكماش، حيث تشير التنبؤات الاقتصادية للعام 2019، التينشرها جهاز الإحصاء الفلسطيني في كانون الأول/ ديسمبر 2018، أي قبل أزمة احتجازأموال المقاصة إلى توقعات بتباطؤ النمو الاقتصادي لما دون 0.7 بالمئة لهذا العام،وما يرافقه من ارتفاع في عجز الموازنة بنسبة 1.3 بالمئة.
بدوره أشار مقرر اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، عاطف عدوان،أن "إدارة السلطة للأزمة الراهنة لن تكون بالمثلى في ظل تضخم الجهاز الحكوميبتخطي عدد موظفيه 180 ألف موظف، واستحواذ جهاز الأمن على ما نسبته 34 بالمئة منالنفقات التشغيلية لإكمال متطلبات التنسيق الأمني".
وأضاف لـ"عربي21" "ستجد السلطة نفسها في موقف إماالإخلال بمتطلبات بقائها كتقليل نفقات الأمن وهو ما يهدد الأمن الإسرائيلي، أوإبقاء خطة الطوارئ لعدة أشهر قادمة، ولكن ذلك سيكون على حساب تراجع الإيراداتالعامة وارتفاع مديونية السلطة لدى البنوك ومؤسسات الإقراض".
اقرأ أيضا: رغم "خصومات" الاحتلال.. السلطة تصرف 50% من رواتب موظفيها
مزيد من التفاصيل