أكد سياسيون مختصونبالشؤون الإفريقية أن قيام الخارجية المصرية بتوجيه دعوة لمسؤولين في إقليم أرضالصومال "صوماليلاند" المنفصل عن دولة الصومال لزيارة القاهرة، تأتي فيإطار بحث الجانب المصري عن وسائل ضغط تمارسها ضد الحكومة الإثيوبية التي تعتمد علىالإقليم المنشق ليكون رئة لإثيوبيا الحبيسة على القرن الأفريقي وخليج عدن.
وكان رئيس قسم السياساتبوزارة الخارجية بحكومة أرض الصومال "صوماليلاند" فهمي قاسم محمد، أكدلوسائل إعلام محلية أن الخارجية المصرية وجهت دعوة لمسؤولين في إقليمه لزيارةالقاهرة والالتقاء مع المسؤولين المصريين للتباحث حول القضايا العالقة بينالجانبين.
وحسب تصريحات قاسم فإن مصرلديها علاقات متوازنة مع جميع الأطراف سواء في صوماليلاند أو الصومال، كما أن لهاثقل دولي، وهي الآن تقود منظومة الإتحاد الإفريقي، مشيرا إلى أنه يعتبر قضية"صوماليلاند"، قضية عربية قبل أن تكون إفريقية.
ورغم أن الجانب المصري لميعلق على صحة الخبر، إلا أن وسائل إعلام إفريقية مطلعة، أكدت صحته، وأن الدعوة تمتوجيهها من الجانب المصري بداية شهر نيسان/ إبريل الجاري، ومن المقرر أن تتمالزيارة خلال نفس الشهر.
"حسابات المصالح"
من جانبه يؤكد الخبير فيالعلاقات الدولية السفير باهر الدويني لـ"عربي21" أنه بالرغم من عدمصدور أي تعليق من الجانب المصري حول ما صرح به المسؤول بأرض الصومال، إلا أنالفكرة ليست مستبعدة، خاصة وأن الحديث عنها بدأ بعد زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بنزايد لمصر ولقائه برئيس نظام الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي قبل أسبوعين.
ويستبعد الدويني أن تكونالفكرة صادرة من وزارة الخارجية، موضحا أن "فتح قنوات اتصال مع الإقليمالمنشق، هي فكرة من جهاز المخابرات، وقيام الخارجية بتنفيذها لإيصال الرسالة إلىالجانب الإثيوبي، بأن القاهرة لديها وسائل ضغط يمكن أن تمارسها من أجل التوصللاتفاق مرض فيما يتعلق بسد النهضة".
ويضيف الخبير الدولي:"مصر لن تعترف بالإقليم المنشق، ولكنها سوف تفتح قنوات اتصال معه، وهو مايمثل مكسبا كبيرا للمسؤولين بأرض الصومال، سواء لمكانة مصر الإقليمية والقارية، أولرئاستها للاتحاد الإفريقي، وفي هذه الحالة يمكن لهذا الإقليم أن يقلص مصالحه معإثيوبيا لصالح مصر، وهو ما يمثل خسارة كبيرة لأديس أبابا".
ويشير الدويني إلى أن أرضالصومال تعتبر منفذا هاما لإثيوبيا على البحر الأحمر والقرن الإفريقي، وقد توصلالطرفان مؤخرا لاتفاقيات تسمح لإثيوبيا بتطوير ميناء بربرة المطل على خليج عدن،وهو الميناء الذي يمثل رئة هامة لإثيوبيا الحبيسة، كما قام رئيس الإقليم بزيارةلأديس أبابا في إطار دعم العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الجانبين، وتدشينمشروع ممر ميناء بربرة الذي يربط إثيوبيا بالميناء عن طريق البر مباشرة.
"مصالح إماراتية"
وعلى خلاف الرأي السابق يرىالباحث بمعهد الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، وائل الصفطي أن التحرك المصريجاء متأخرا في هذا الموضوع، لأن إثيوبيا تعترف بالفعل بأرض الصومال كدولة، وبينهمامشروعات مشتركة أهمها ميناء بربرة، والذي بسببه توترت الأوضاع بين الإمارات وحكومةأرض الصومال، كما أن إثيوبيا تعد الأكثر نفوذا في إفريقيا رغم ما تتمتع به مصر منإمكانيات.
ويضيف الصفطي لـ"عربي21":"مصر تتحرك في موضوع سد النهضة في الوقت الضائع، وما زالت تعول على الوعودالتي يقدمها الجانب الإثيوبي لتسكين سخونة الغضب المصري لا أكثر، وبالتالي فإنالاعتماد على عمل "إسفين" بين أرض الصومال وإثيوبيا، هو تحرك ساذج لقوةالعلاقات التي تجمع الجارتين المتلاصقتين".
ويري الباحث في الشؤونالإفريقية أن الزيارة ربما يكون لها هدف آخر غير سد النهضة، وهو خدمة المصالحالإماراتية في الإقليم، بعد الأزمة التي جرت مع شركة موانئ دبي والتي بمقتضاها تمتغيير الامتياز الذي حصلت عليه الإمارات من أرض الصومال في ميناء بربرة، بإدخالإثيوبيا كشريك في الميناء بحصة تبلغ 19%.
ويشير الصفطي إلى أن تطوراتالأوضاع في السودان، ووجود أزمات داخلية في إثيوبيا خلال الأسابيع الماضية، وتعثرمشروع سد النهضة نفسه، كلها أمور من المفترض أن تساعد مصر في إيجاد حلول تمكنها منالحصول على ما تريده من إثيوبيا فيما يتعلق بمدة التخزين أو طريقة تشغيل السد،ولكن التصرفات المصرية على أرض الواقع لا تشير لوجود تحرك يمكن أن يساعدها فيتحقيق ذلك.
مزيد من التفاصيل