في الوقت الذي أعلن فيه البنك الدولي أن نسبالفقر في مصر طالت ثلثي الشعب؛ أجّلت الحكومة المصرية إعلان مؤشرات بحوث الإنفاقوالدخل التي كان مقررا الإفصاح عنها شباط/ فبراير الماضي.
ولأن النتائج التي كشفت عن ارتفاع معدلات الفقربالبلاد، أغضبت جهات عليا، كونها لا تعكس "إنجازات الدولة" بالعامينالماضيين، أمرت القائمين على البحث بمراجعة النتائج قبل إعلانها لتتوافق مع تلكالإنجازات.
مصادر ذات صلة بالبحث قالت لـصحيفة"البورصة" الاقتصادية المحلية، إنه تم الانتهاء من مراجعة وتدقيق المؤشراتالنهائية لبحوث الإنفاق والدخل منذ شهرين، إلا أن ارتفاع معدل الفقر لنحو 30.2بالمئة، أدى لاعتراض "جهات عليا" على النتائج.
والأربعاء الماضي، كشف البنك الدولي، تضاعف نسبالفقر في 5 سنوات من 30 إلى 60 بالمئة (ثلثا عدد السكان إما فقراء أو أكثر احتياجا)،في نسبة زادت مخاوف المصريين بالرغم من مقاربتها للواقع.
وأشار البنك إلى أن الإصلاحات الاقتصادية أثرتعلى الطبقة الوسطى التي تواجه ارتفاعا بتكاليف المعيشة نتيجة للإصلاحات، مطالباالحكومة ببذل الجهود لتسريع الاحتواء الاقتصادي واستيعاب القوى العاملة المتنامية.
اقرأ أيضا: حكم نهائي بإعدام 13 شخصا بمصر بتهم "إرهاب"
حديث البنك عن زيادة نسب الفقراء والأكثر فقرالنسب مهولة وتأثر الطبقة الوسطى بسياسات النظام العسكري يأتي بعد نحو 4 سنوات منآخر مؤشر حول نسب الفقر والذي حدده حينها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بنحو27.5 بالمئة من السكان، عن عام 2015؛ لكن الجهاز لم يعلن حتى الآن عن مؤشرات الفقرفي 2017.
وفي الوقت الذي حدد فيه البنك الدولي الفقرالمدقع على مستوى العالم بنحو 1.9 دولار للفرد يوميا، 1026 جنيها، تم تحديث خطالفقر بمصر في بحوث الإنفاق والدخل عن عام 2017، ليتراوح بين 700 و800 جنيه شهريا،بدلا من 482 جنيها شهريا ببحوث 2015.
وتلى بحث الإنفاق والدخل عن 2015، قراراتاقتصادية كانت سببا في تفاقم نسب الفقر مثل تعويم الجنيه في تشرين الثاني/ نوفمبر2016، والذي أفقد العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها، وتسبب بارتفاع نسب التضخموتفاقم أسعار السلع والخدمات لأعلى معدلات خلال 30 عاما.
معدل الفقر المتوسط 40 بالمئة
وفي رده على التساؤل كيف كشفت نسب الفقر التيأغضبت النظام ضعف إنجازات السيسي؟ قال الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار، إن"حقيقة زيادة الفقر في مصر تتحدث عن نفسها".
نوار، أوضح لـ"عربي21"، أن "أرقامالبنك الدولي على ما أظن فيها تسريبات من نتائج بحث الدخل والإنفاق لسنة2017"، مضيفا: "وتقديري أن معدل الفقر الحقيقي المتوسط، وليس المدقع،أكثر من 40 بالمئة في مصر".
وحول دلالات وأسباب تأخر إعلان مؤشرات بحوثالإنفاق والدخل الذي كان من المفترض الإفصاح عنه شباط/ فبراير الماضي، أكد أن"الحكومة لا تريد إعلان نتائج البحث حتى لا تفسد على نفسها حفلة الاحتفالبالإنجازات ونتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور".
الخبير الأممي السابق، أوضح أيضا، أنه في الوقتالذي لم تصدر فيه نتيجة مؤشرات بحوث الإنفاق والدخل عن 2017، فإن البحث الجديدلسنة 2019، من المفترض أن تبدأ الاستعدادات له بعد نهاية شهر رمضان.
وبشأن مماطلة الحكومة في الإعلان عن نتائج بحوثالدخل والإنفاق عن عام 2017، وإلى متى يمكن للدولة إخفائها وتأجيلها، يعتقد نوار،أنه "ممكن أن تستمر في المماطلة والتلاعب بالأرقام"، مرجعا السبب لماأسماه "رضا صندوق النقد والبنك الدوليين عن الحكومة".
وأشار لازدواجية الحكومة وعدم الشفافية تجاهالشعب وفي الوقت نفسه تنفيذها أوامر المنظمات الدولية، بقوله: "الحكومةمسؤولة أمام المؤسستين، البنك والصندوق، فقط، ولا علاقة لها بالمواطنين"،مضيفا أن "المواطنين ليسوا من عينوا الحكومة".
لا إنجازات حقيقية
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي،أن "بيانات مسح الدخل والإنفاق المفترض أن تصدر كل عامين"، موضحا أن آخرمسح معلن في عام 2015، وبالتالي كان المفترض أن يعلن المسح الجديد في 2017".
الصاوي أوضح لـ"عربي21" أن"الإجراءات الاقتصادية التي تم تنفيذها وفقا لبرنامج صندوق النقد الدولي، أدتإلى زيادة معدلات الفقر بالبلاد".
وأضاف أن "ما صدر عن البنك الدولي فيبيانه مؤخرا بشأن ارتفاع نسب الفقر، وزيادة عدم المساواة بين المصريين، ومعاناةالطبقة المتوسطة؛ جميعها تُظهر فشل أجندة البنك والصندوق الدوليين وسياساتهما فيمصر".
ويرى الخبير المصري، أن "زيادة نسب الفقرفي مصر تبين أن ما يتم الحديث عنه من قبل نظام السيسي لا يعبر عن إنجازات حقيقية؛بقدر ما يُظهر تحسنا في بعض المؤشرات المالية والنقدية ولكن بتكلفة عالية اقتصادياواجتماعيا".
وفي ظل تلك الأرقام حذر الكاتب الصحفي، مختارعبدالعال، من خطورة تضاعف نسب الفقر، وقال عبر صفحته بـ"فيسبوك": نسبالفقر عام 2010، حسب البنك الدولي كانت 24 بالمئة، وبلغت عام 2015، نحو 30 بالمئة،لتتضاعف إلى 60 بالمئة عام 2019، مضيفا "تتوقعوا لو سرنا بهذا المعدل إلى أينسنصل عام 2022".
مزيد من التفاصيل