تشن أجهزة الأمن المصريةمنذ عدة أيام حملة اعتقالات جديدة طالت نشطاء وسياسيين من توجهات مختلفة، يساريةوليبرالية وإسلامية، تزامنت مع الإفراج عن مئات السجناء السياسيين بعفو من قائدالانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وأثارت تلك الحملة دهشةكثير من المراقبين رغم حالة الهدوء في المشهد السياسي وعدم وجود أي دعوات للتظاهرأو اقتراب ذكرى أحداث سياسية، فضلا عن نجاح النظام في تمرير التعديلات الدستوريةالتي تسمح ببقاء السيسي في الحكم لفترة طويلة.
وتساءل كثيرون عن دوافعحملة الاعتقالات الجديدة للنشطاء المصاحبة للإفراج عن سجناء غيرهم، وما إذا كانوراءها رسائل يريد إيصالها إلى قوى المعارضة بكافة أطيافها.
"القائمة تطول"
وكان مؤسس حركة"شباب 6 أبريل" أحمد ماهر قد تم اعتقاله الجمعة الماضية، إثر بلاغ كيديحرره ضده أحد المجهولين يتهمه بالاعتداء عليه وتحطيم سيارته، حيث تم توقيفه أثناءتواجده بقسم شرطة القاهرة الجديدة لقضاء فترة المراقبة، وبعد احتجازه لمدة يومأمرت النيابة بإخلاء سبيله.
وجاء توقيف أحمد ماهر بعديومين من اعتقال شقيقه مصطفى من منزله يوم الأربعاء الماضي وإخفائه قسريا حتىالآن.
كما أعادت قوات الأمناعتقال أستاذ علم البلاغة بجامعة الأزهر الداعية السلفي الشيخ محمود شعبان، يومالخميس الماضي، بعد صدور قرار ضبط وإحضار له على ذمة القضية المعروفة إعلاميا باسم"الجبهة السلفية"، والتي اتهم فيها بالتحريض على التظاهر والانضماملجماعة محظورة، وتعود أحداثها إلى عام 2014 بمدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية.
وقالت التنسيقية المصريةللحقوق والحريات، عبر صفحتها على فيسبوك السبت، إن النيابة أصدرت قرارا بحبس الشيخشعبان وكل من الشيخ أشرف عبد المنعم وهشام مشالي وإسلام الصياد لمدة 15 يوماً علىذمة القضية، بعد إخفائهم قسريا لأكثر من شهرين.
ويوم الاثنين الماضي،أعادت السلطات اعتقال الناشط اليساري هيثم محمدين الذي كان خاضعا للمراقبة الشرطيةمنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2018، وأمرت النيابة يوم السبت الماضي بحبس محمدين ومصطفىماهر 15 يوما على ذمة التحقيق في اتهامهما بمساعدة جماعة إرهابية على تحقيقأهدافها.
كما قال نشطاء على مواقعالتواصل الاجتماعي إن حملة الاعتقالات شملت أيضا عددا من مشجعي نادي الزمالك دونسبب واضح.
تضامن محلي ودولي
وأعلنت الجبهة المصريةلحقوق الإنسان أن القبض على أحمد ماهر وشقيقه مصطفى وقبلهما هيثم محمدين، يؤكدوجود حملة جديدة تشنها الأجهزة الأمنية على الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوقالإنسان في البلاد.
كما أبدت منظمة العفوالدولية مخاوفها من شروع السلطات في استهداف المعارضة السلمية أو الأفراد الذينلهم تاريخ من النشاط السياسي.
وقالت نائبة مدير قسمالشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمنظمة ماجدالينا مغربي إن الاعتقالات الأخيرة أشعلتمناخ الخوف بين الناشطين المستقلين ومنظمات حقوق الإنسان في البلاد، بشأن الاعتداءالمتجدد على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وطالبت السلطات بالكف عن مضايقةالناشطين السلميين والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين.
"سياسة الباب الدوار"
وتعليقا على هذه الحملة،قال الباحث الحقوقي عبد الرحمن سليم إن النظام يواصل اتباع سياسة "البابالدوار" مع النشطاء والسياسيين، فما أن يخرج المعتقل من السجن حتى يعود إليهمرة أخرى، ويظل طوال حياته بين اعتقال وخروج ثم إعادة اعتقال مرة أخرى.
وأشار سليم، في تصريحاتلـ"عربي21" إلى أن "النظام ينتهج ذات السياسة التي كانت يتبعهامبارك مع جماعة الإخوان حيث كان حريصا على عدم خلو السجون في أي وقت من عناصرالجماعة، وكذلك يفعل السيسي، فما أن يطلق سراح مجموعة من النشطاء استجابة لضغوطغربية، حتى يعتقل غيرهم في أسرع وقت حتى لا يسمح للمعارضة بالتقاط أنفاسها ويجلعهادائما تحت الضغط الأمني".
وأضاف أنه منذ انقلابتموز/ يوليو 2013 كان النظام يقوم بحملات اعتقال للنشطاء قبل الاستحقاقاتالانتخابية أو قبل ذكرى الثورة، لكن هذه المرة يبدو أن هناك سببا آخر لهذه الحملة،موضحا أن "النظام يريد أن يوصل رسالة للمعارضة، وهي أنكم جميعا باختلافانتماءاتكم، لستم في مأمن من الاعتقال، سواء تكلمتم أو صمتم، فهؤلاء النشطاء المعتقلينحديثا متفرغين تماما لأعمالهم ويعيشون في حالهم (كما يقول المصريون) منذ أن غادرواالمعتقل، ولا يتخلفون عن مواعيد المراقبة الشرطية ضمن التدابير الاحترازية ومع ذلكتم القبض عليهم وإدراجهم في قضايا جديدة".
اعتقال من سبق اعتقاله
وقال المعتقل السابق الذيأطلق سراحه منذ عام تقريبا محمد طاهر، وهو اسم مستعار بناء على رغبته، إن أحد ضباطالأمن الوطني أخبره وأخبر عشرات النشطاء الذين ينتظمون معه في زيارة أحد أقسامالشرطة تنفيذا للتدابير الاحترازية، إنهم ليسوا في مأمن من الاعتقال في أي لحظة،وإن أسهل شيء على أجهزة الأمن هو اعتقال كل من سبق اعتقاله وضمه لقضية جديدة.
وأضاف طاهر لـ"عربي21"، أن زوج شقيقته وعدد من النشطاء في محافظتي القاهرة والجيزة تماعتقالهم بالفعل منذ أسبوع وتم إخفاؤهم قسريا، "ومن المتوقع ظهورهم بعد ذلكفي النيابة للتحقيق معهم في إحدى هذه القضايا الملفقة".
وأوضح أن النظام نجح فيوضع المعتقلين السابقين تحت ضغط نفسي رهيب، فهم ينتظرون الاعتقال في أي لحظة، وفيذات الوقت لا يمكنهم التخلف عن زيارة قسم الشرطة تنفيذا لقرار المراقبة الشرطيةوإلا تم اعتبارهم متهربين من القضية ويصدر لهم قرار فوري بالضبط والإحضار، وهو ماحدث بالفعل خلال الأسابيع الماضية مع عدد من النشطاء.
اقرأ أيضا: ما دلالات "عفو السيسي" عن معتقلين سياسيين؟
مزيد من التفاصيل