لا تزال المعارك والاشتباكات المسلحة بين فصائلالمعارضة والنظام السوري، على جبهات عدة في ريف حماة وإدلب تتصاعد خلال الآونةالأخيرة، مع تزايد الغارات الجوية التي تشنها طائرات النظام والروس ضد مواقع مدنيةتقع تحت سيطرة المعارضة.
وطال قصف النظام السوري أيضا مناطق قريبة من نقاطالمراقبة التركية في ريف حماة الشمالي، والتي نشرتها تركيا في مناطق "خفضالتصعيد" لحماية وقف إطلاق النار ضمن اتفاق "أستانا"، الذي جرىالتوصل إليه بين أنقرة وموسكو.
وخلال أكثر من شهر من المعارك العنيفة على جبهات ريفحماة وإدلب، تكبدت روسيا والنظام خسائر بمئات العناصر، إضافة لتدمير عشرات الآلياتمن دبابات وعربات مصفحة ومدافع، رغم الفارق الكبير في القوة العسكرية لدى الطرفينعلى الأرض، وتفرد النظام وروسيا بالسيطرة العسكرية جوا واستخدامهم سلاح الطيرانكعامل أساسي في تغيير موازين المعركة، بحسب وسائل إعلام سورية.
اقرأ أيضا: اشتداد معارك ريف حماة.. والمعارضة: قواتنا تتقدم (شاهد)
وفي ضوء اشتداد المعارك وتوسعها في جبهات ريف حماةوإدلب، وما أسفرت عنه من سقوط مئات القتلى بصفوف المدنيين ومسلحي المعارضة من جهة،وقوات النظام ومجموعاته المسلحة من جهة أخرى؛ يتصدر تساؤل مهم حول فرص العودةلاتفاق "خفض التصعيد" أو التوصل لاتفاق جديد يسبق تدهور التصعيد الجاري،ويمنع الوصول إلى معركة شاملة في أكبر معاقل المعارضة.
من جهته، يرى الكاتب الصحفي السوري سامر خليوي أن"ما يجري هو ناتج عن عدم التزام روسيا والنظام باتفاق خفض التصعيد،بالرغم من محاولات تركيا المتعددة الالتزام به"، مشيرا إلى تصريحات الروس والنظامالمتكررة حول نيتهم استرداد جميع المناطق التي تقع خارج سيطرة قوات الأسد.
ويضيف خليوي لـ"عربي21" أن "هذهالمعارك جاءت ردا على انتهاك خفض التصعيد بهذه المناطق، ولم تكن من باب السيطرةعلى أراض جديدة"، متوقعا أن "تبقى العمليات محدودة ويترتب بعدها اتفاقجديد، في حال تم إيلام روسيا والنظام في هذه العمليات، ما سيضطرهما للالتزام باتفاقأستانا أو إبرام اتفاق جديد".
سبب المعارك
ويؤكد خليوي أنه "لن تكون هناك معارك كبرى،وستبقى العمليات محصورة في المناطق التي تم انتهاكها"، منوها إلى أنه "قبلهذه المعارك حاولت فصائل المعارضة تحرير مناطق تحت سيطرة النظام، لكن تركيا ضغطتعليهم وأعادتهم إلى المواقع التي كانوا فيها".
ويشدد على أن "تركيا كضامن للفصائل ملتزمة بعدمالقيام بأي عملية عسكرية، ودائما المشكلة في روسيا والنظام وإيران"، معتقدافي الوقت ذاته أن "النظام السوري لا يستطيع خرق أي منطقة دون وجود دعم وأوامرروسية".
ويفسر اشتعال الجبهات الأخيرة بسوريا، بالقول إن"تقارب وتفاهم تركيا مع الولايات المتحدة حول مناطق شرقي الفرات والشريطالحدودي، تسبب بإزعاج روسيا كثيرا، ما جعلها تقوم بخرق اتفاق أستانا وخفضالتصعيد"، مضيفا أنه "إذا استمرت الفصائل في تحقيق بعض الإنجازات والصمودوإيذاء النظام وروسيا، فإن موسكو سترضخ بالالتزام باتفاق خفض التصعيد أو إبراماتفاق آخر".
اقرأ أيضا: استهداف طائرة للنظام والمعارضة تستعيد مناطق بريف حماة
ويستدرك بقوله: "إذا لم تستطع هذه الفصائل الصمود والقيام بعمليات استنزافية ضد النظام وروسيا، فقد تستمر روسيا في عملهالأنها واجهت مقاومة شرسة في المناطق التي تقدمت إليها وتوقفت عندها، ولو لم يكنهناك مقاومة، فإن روسيا لن تحترم أي اتفاق لا مع تركيا أو مع غيرها، وكانت ستتمددفي هذه المنطقة وتحتلها"، وفق تقديره.
ويوضح خليوي أن "روسيا تريد نزع الورقة السوريةمن يد تركيا بالسيطرة على مناطق نفوذ أنقرة وفرض الأمر الواقع"، مشددا على أن"العملية العسكرية الجارية لم تتم من روسيا والنظام إلا بموافقة أمريكية،ولكن واشنطن تؤكد أن العملية محدودة وليست شاملة".
ويختلف المحلل السوري أحمد رحال مع ذلك قائلا:"أمريكا تدفع باتجاه معركة شاملة"، موضحا في الوقت ذاته أن "الضوابط التركية والروسية حتى الآن تحد من تطور المعارك الجاريةوتوسعها".
ويعتقد رحال في حديثه لـ"عربي21" أن"مناطق خفض التصعيد أصبحت اسما بلا معنى، في ظل انتهاج روسيا الحل العسكريبعيدا عن التوافقات السياسية"، معتبرا أن "ما فشلت في تحقيقه موسكو فيأستانا وسوتشي، فهي تسعى للتفاوض به بواسطة المدفع والطائرة والبرميل".
حسابات خاطئة
ويشير إلى أن "حسابات غرفة عمليات حميميموالمعلومات العسكرية التي اعتمدت عليها في شن هذا الهجوم، والانقضاض على التوافقاتمع تركيا والجيش الحر، لم تكن حسابات صحيحة"، معللا ذلك بالقول إنها"كانت تطمح للوصول إلى الطرق الدولية وأن تفرض أمرا واقعا بالقوة".
ويتابع العقيد السابق في الجيش السوري الحر قائلا:"لكن بعد ثلاثة أسابيع رأينا أن جل ما تم تحقيقه عبارة عن جبهة بعرض 9كيلومترات وعمق 4.5 كيلومتر، وهذا لا يشكل إنجازا بالنسبة للروس"، مؤكدا أن"الثوار استطاعوا امتصاص الهجوم والانطلاق بهجوم معاكس، والانتقال لمرحلةثانية من خلال فتح جبهة جديدة في أقصى الجنوب الشرقي، وتحقيق انتصارات كبيرة فيتحرير الجبين وتل ملح والجلمة وكفرهود".
ويستبعد رحال قرب انتهاء المعارك الحالية، "في ظلاعتماد روسيا حتى الآن الحل العسكري، ورفض الانسحاب من المناطق التي تقدمت فيهامؤخرا"، معربا عن اعتقاده بأن "المنطق العسكري والسياسي يدفع بضرورةالانتقال إلى اتفاق جديد برعاية دولية، لأن الروس غير مضمونين حتى الآن"، وفقتعبيره.
مزيد من التفاصيل