نشرت صحيفة "لافانغوارديا"الإسبانية تقريرا نقلت خلاله مظاهر الحرب المفتوحة التي يشنها الحزب الشيوعيالصيني على الهوية الخاصة بمسلمي الصين، حيث تسعى الأجهزة الحكومية لطمس تاريخوعادات هذه الأقلية، ومعاملة المسلمين بشكل غير إنساني، بالاعتماد على إجراءاتقمعية صارمة، وتقنيات مراقبة متطورة توفرها شركات اتصالات من بينها هواوي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذيترجمته "عربي21"، إن مدينة كاشغر التي يعود تاريخها إلى ألفي سنة، وكانتتمثل واحة في وسط صحراء تاكلامكان الرملية، ونقطة محورية على طريق الحرير، لم يتبقمنها الكثير من هذا التاريخ، وشهدت الكثير من التغييرات.
وذكرت الصحيفة أن هذه المدينة تعانيمن مراقبة كاميرات الشرطة لكل الفضاءات العمومية، بالاعتماد على تكنولوجيا قادرةعلى التعرف على الوجوه ومتابعة الأشخاص المستهدفين، ولم يعد هنالك مكان يسلم فيهالسكان من هذه المراقبة، بعد أن أصبح الجميع مشتبه بهم، وضحايا لهذا القمع الجماعيالذي يتعرض له 700 ألف من سكان المدينة.
وأشارت الصحيفة إلى أن نظام الرقابةالذي فرضته الحكومة يعرف كل شيء عن السكان، هوياتهم وتفكيرهم وما يفعلونه، وذلكبالاعتماد على منظومة تجمع بين كاميرات التصوير وعينات الحمض النووي والسجلاتالبيانات الشخصية، وتعد هذه التكنولوجيا العسكرية في الأصل، كانت مصممة للحروب،ولكن الحكومة الصينية تستخدمها في كاشغر لإخافة السكان وتعزيز قبضتها الاستبدادية.
اقرأ أيضا: WP: لماذا صمتت السعودية تجاه ما يجري لمسلمي الصين؟
وأشارت الصحيفة إلى أن مدينة كاشغر تحولت إلىمنطقة حرب حقيقية، تعيش فيها أقليات الكازاخ والطاجيك والقرغيز إلى جانب الإيغور،وهم شعوب التركمان في آسيا الوسطى، اعتنقوا الإسلام منذ القرن العاشر، ويسعى الحزبالشيوعي الصيني في الوقت الراهن لمحو آثار هذا التاريخ، كما تفرض السلطات الصينيةإجراءات تهدف لقطع دابر تقاليد المسلمين ونزع صفتهم الإنسانية، وجعلهم مجرد أجزاءفي الآلة الاستبدادية، حيث يتمثل دور الفرد في العمل وطاعة الأوامر، دون التفكيرأو تذكر ماضيه.
وأكدت الصحيفة أن من يدخل إلى هذهالمدينة تلاحقه كاميرات المراقبة في كل مكان، إلى جانب عناصر الشرطة بزيهمالنظامي، وتوجد نقاط تفتيش ومراكز للشرطة في كل مكان، إلى جانب الأسلاك الشائكة،في الأحياء السكنية وبالقرب من المسجد الذي لا يزال قائما، في المقابل، يصعب أنترى أشخاصا أعمارهم بين 15 و50 يتجرؤون على الدخول إليه.
ونبهت الصحيفة إلى أن من يزورالمدينة يلاحظ غياب الرجال الشبان في الشوارع، والسبب أن أغلبهم في معسكرات إعادةالتأهيل التي يقتادون إليها، حيث يشتبه في أن عددا يصل إلى مليوني شخص من المسلمينيتم احتجازهم في سجون سياسية، وقد تمكنت أقمار صناعية تعود لدول غربية من كشفمواقع مراكز الاعتقال لأول مرة في عام 2017، التي يرتفع عددها بشكل مستمر.
وأوردت الصحيفة أن من يتم احتجازهمفي هذه المراكز، هم مسلمون تم خصم النقاط الموجودة في بطاقة المواطنة الخاصة بهم،بسبب ارتكابهم لما تعتبره الدولة أخطاء، مثل صوم شهر رمضان والامتناع عن شربالكحول وقراءة القرآن والذهاب للمسجد وزيارة ضريح صوفي وتغسيل الموتى ودفنهم تحتالأرض عوضا عن حرقهم.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر إطالةاللحية بالنسبة للرجال وارتداء ملابس طويلة وفضفاضة بالنسبة للنساء، وإطلاق أسماءإسلامية على الأطفال، وحضور المناسبات التقليدية، والامتناع عن مشاهدة التلفزيونوالراديو الرسمي، أو القيام بمكالمات دولية، من الأخطاء التي لا تُغتفر في ذلكالبلد، ولمجرد أن يكون الشخص منتميا إلى أقلية الإيغور المسلمة، فإنه يفقد 10 نقاطبشكل آلي، ولا يتم اعتباره أبدا صينيا كاملا، وترافقه الشبهات طيلة حياته.
اقرأ أيضا: الغارديان: أدلة تثبت وجود حملة تستهدف المساجد في الصين
وذكرت الصحيفة أن هناك حارسا على كل10 منازل، كما أن الأطفال يجبرون دون وعي منهم على تمرير المعلومات الخاصةبوالديهم إلى مدرسيهم في الفصول، الذين ينشطون كعناصر شرطة، وبخسارتهم لهذه النقاطبسبب التزامهم بهويتهم الدينية، يفقد مسلمو الصين حقوقهم الطبيعية، مثل الحق فيركوب الحافلة أو القطار، وحق الحصول على الدعم الحكومي أو تحسين المسكن. كما يمكنأن يحرموا من شراء الوقود وبعض أنواع الأطعمة، وشراء الهواتف والحواسيب وحتىالسكاكين.
وبيّنت الصحيفة أن كاشغر أصبحت مدينةصامتة، تسير فيها الدراجات بالطاقة الكهربائية، ولا يمكن للعربات تجاوز سرعة 40كيلومترا في الساعة، والجميع مجبرون على المرور ببطء حتى تتعرف الكاميرات علىالسائق، ولا يمكن لأي أحد دخول وخروج أي منطقة دون أن يتم تسجيل هويته ويمر عبرجهاز لأخذ بصمات الأصابع ومسح العينين.
وذكرت الصحيفة أن شركة هواوي لتصنيعأجهزة الاتصالات، تساعد الحكومة الصينية في عمليات المراقبة باستخدام التكنولوجياالمتطورة، وهي كانت من المشاركين في هذه الحرب المتطورة التي تشن في إقليمشينجيانج منذ 10 سنوات، لمحو ماضي وهوية الأغلبية المسلمة في هذا الإقليم، وأهمسلاح يستخدمه الحزب الحاكم هو هاتف ذكي مزود بنظام أندرويد، يكشف عن هوية أي شخصفي الطريق.
ونقلت الصحيفة أن احتجاجات المسلمينضد هذا القمع بدأت منذ مطلع القرن الجديد، بسبب ما يتعرضون له من قمع على يد سلالةالهان التي تمثل الأغلبية العرقية في الصين، والتي يتم إرسال أبنائها إلى شينجيانغمن أجل تغيير الواقع الديمغرافي.
وفي عام 2009، خرج المسلمون الإيغورللاحتجاج في مدينة أورومكي عاصمة الإقليم، إلا أن هذا الحراك كانت نهايته مأساوية،حيث استعملت الشرطة أقصى درجات العنف، ما أدى إلى سقوط 200 قتيل، إلى جانب آلافالمعتقلين. وإلى اليوم، لا توجد أرقام دقيقة حول تلك الأحداث.
وأضافت الصحيفة أن ذلك الاحتجاج الذيكان يدور حول رفض العنصرية، تعاملت معه السلطات الصينية على أنه تهديد إرهابي أوحركة انفصالية، وسارعت إلى قطع شبكة الإنترنت والاتصالات الهاتفية لمدة 10 أشهر،ومنذ ذلك التاريخ تتواصل السياسات القمعية داخل الإقليم.
واعتبرت الصحيفة أن سياسة الترويعالتي تعتمدها الحكومة الصينية تبدو ناجحة، حيث أن شعب الإيغور الذي يتجاوز عدده 11مليون شخص، يعاني من الخوف الشديد، ولا أحد يجرؤ على الاحتجاج. أما الجنرال تشينكوانغو، الذي يقود هذه السياسة القمعية في الإقليم، فقد تحصل على مكافأة وتمتترقيته لينال عضوية لجنة السياسات العليا في الحزب الحاكم.
مزيد من التفاصيل