على الرغم مما أحدثته وفاة السفير المصريالراحل إبراهيم يسري، الاثنين الماضي، من ردود أفعال واسعة بين النشطاء المصريين،وما قدمه مئات المعارضين من كلمات رثاء لدوره في الدفاع عن القضايا الوطنية؛ إلاأن وسائل الإعلام المصرية الموالية للنظام العسكري تجاهلت الخبر.
وخلت تماما الفضائيات المصرية الحكومية والخاصةوصحف "الأهرام"، و"الأخبار"، و"الجمهورية"،و"أخبار اليوم"، (حكومية)، و"اليوم السابع"و"الوطن"، و"المصري اليوم"، و"المصريون"، من أيةأخبار عن وفاة السفير يسري، رغم أنه أحد من عملوا في دولاب العمل الحكومي بوزارة الخارجيةالمصرية ومثل بلاده بالخارج لعقود.
إلا أن بعض المواقع الخاصة مثل"الشروق"، و"الوفد"، و"فيتو"، نقلت خبر وفاة يسري،وقرنت اسمه بقضية تصدير الغاز لإسرائيل التي خاضها ضد نظام حسني مبارك، دونالإشارة إلى معاركه القانونية ضد نظام عبدالفتاح السيسي، ودون أن كتابة أيةبروفايل عنه أو رثاء له، إلا أن موقع "التحرير الإخباري" قدم بروفايل عنيسري، بعنوان "معارض حتى الرحيل".
اقرأ أيضا: هذا ما طلبه السفير إبراهيم يسري من عمرو دراج قبل وفاته
نشطاء وأكاديميون ومعارضون أكدوا أن هذاالتجاهل يؤكد ليس فقط افتقاد هذا الإعلام للمهنية ولكن أيضا للروح الوطنية وللقيم الإنسانيةالنبيلة، حسب تعبير الأكاديمي حسن نافعة.
نافعة أضاف عبر "تويتر"، أن"هذه الشخصية الفريدة والتي سنفتقدها كثيرا كانت تستحق تغطية أفضل وأن تفردلها مساحات أكبر".
تجاهل وسائل الإعلام المصري خاصة الإعلام المرئي لحدث رحيل السفير ابراهيم يسري يؤكد ليس فقط افتقاد هذا النوع من الإعلام للمهنية ولكن أيضا للروح الوطنية وللقيم الإنسانية النبيلة. فهذه الشخصية الفريدة والتي سنفتقدها كثيرا كانت تستحق تغطية أفضل وان تفرد لها مساحات أكبر. رحمة الله عليك
— Hassan Nafaa (@hassanafaa) 12 يونيو 2019
يسري، الدبلوماسي الذي شغل منصب مساعد وزيرالخارجية للقانون الدولي والمعاهدات الدولية، وختم عمله الدبلوماسي في سفارة مصربالجزائر حتى تقاعده عام 1995، رحل عن عمر يناهز الــ 90 عاما، بسجل وطني حافل.
لماذا يعتبرهالمعارضون وطنيا؟
ليسري، مواقف وطنية يشهد بها الجميع؛ مثل وقوفهضد صفقة بيع الغاز المصري للكيان الصهيوني بعهد حسني مبارك، ومواصلته النضالالوطني ضد نظام السيسي برفضه التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير"،للسعودية، والتفريط في حقول الغاز المصرية بالبحر المتوسط، كما دافع عن حق مصر فيمياه "النيل".
ومن بين ما أقام يسري، من دعاوى قضائية؛ دعوىلمنع إقامة السور الفولاذي وإغلاق معبر رفح، والمطالبة ببلاغ للنائب العام المصريباعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لجرائمه ضد الفلسطينيين، ودعوى ضدإغلاق الشوارع المحيطة بمنزل السفير الإسرائيلي، والشوارع المحيطة بالسفارةالأمريكية بالقاهرة.
"من التكريم للاتهام"
ورغم أن الرئيس المؤقت عدلي منصور، منح يسري، وسامالاستحقاق في أيار/ مايو 2014، تقديرا لدوره وآخرين بالتحكيم الدولي عام 1989،واستعادة "طابا" من إسرائيل؛ إلا أن رفض يسري الانقلاب العسكري ضدالرئيس محمد مرسي منتصف 2013، بل وتزعمه "جبهة الضمير" الرافضةللانقلاب، وتقديمه مبادرات عدة لحل الأزمة السياسية، أغضب النظام وأذرعهالسياسية والإعلامية.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي انتقد أنصارالنظام العسكري السفير يسري، وبينهم الصحفي إيهاب عمر، الذي اعتبر تزعم السفيريسري، جبهة الضمير في نيسان/ أبريل 2013، دعما لجماعة الإخوان المسلمين.
"لهذا يهاجمونه"
وفي مقال له أشار الكاتب وائل قنديل، لتحوليسري فجأة من أيقونة للنضال الوطني، إلى "إخواني متأخون، عميل للجماعةوللسلطة، في نظر بعضهم، وإلى شخصٍ مشوّش مغرّر به في نظر آخرين".
قنديل، أكد أن "جريمة يسري أنه يعلن موقفاضد ممارسة السياسة بالمولوتوف، وضد الوصول للسلطة فوق جماجم وعظام المصريين"،مضيفا: هو مجرم لأنه يدعو "لتبني الأدوات الديموقراطية: السياسية والأخلاقيةوإعلاء إرادة الشعب عند الاختلاف وتجنب العنف بالدعوة إليه، أو الرضا أو السكوتعنه".
"رقابة النظام"
وفي إجابته على التساؤل: لماذا تجاهل إعلامالسيسي وفاة السفير إبراهيم يسري؟ قال أستاذ الإعلام السياسي بجامعة القاهرةناصر فرغل: "السبب بسيط جدا وهو وجود رقابة على وسائل الإعلام، فلا يستطيعأحد أن ينشر مثل هذا الخبر".
وأشار الأكاديمي المصري، بحديثهلـ"عربي21"، إلى أن "الدليل على حديثه أن جريدة (الأهالي) المحلية،تمت مصادرتها ثلاث مرات، بل إن مطابع الأهرام تمتنع عن طباعة الجريدة".
وأكد فرغل، أن "السفير يسري، في النهايةيمثل اتجاها فكريا وتيارا سياسيا غير مرغوب فيه".
وبشأن ما تمثله واقعة تجاهل الإعلام المصري مندليل على غياب المهنية وقيمها التي تعلمها أكاديميات الإعلام، أوضح أستاذ الإعلام،أن "معظم ما نقوله في المحاضرات لا يطبق، وفي الحقيقة ليس هناك إعلام محايدبالعالم كله؛ لكن بعضها أقرب إلى الحيادية".
"خوفا وطمعا"
وفي تعليقه قال مساعد رئيس تحرير الأهرامالأسبق أسامة الألفي، إن "تجاهل إعلام المصالح وفاة السفير يسري؛ أمرطبيعي"، متسائلا بحديثه لـ"عربي21": "هل تتوقع من إعلام بُني على النفاق والوصولية أن يحتفي برجل معارض للنظام؟".
وأكد الكاتب الصحفي، أنه "لا يجرؤ أحد علىفعلها خوفا وطمعا".
وعما كشفه موقف الإعلام من وفاة السفير يسري،من غياب المهنية والروح الوطنية والعمل فقط لصالح النظام، يرى الألفي، أن"المهنية غائبة منذ سنوات، والروح الوطنية في حالة اختفاء قسري، رد اللهأسرها".
الاحتفال بوفاته
من جانبه سخر الكاتب الصحفي محمد منير، في ردهوذهب للقول إن "وسائل الإعلام المصرية تصرفت بغير ما هو متوقع منها فيما يخصوفاة السفير يسري"، مشيرا بتعليقه لـ"عربي21"، إلى أنه "كانالمتوقع منها الاحتفال بوفاته وتهنئة المسؤولين".
مزيد من التفاصيل