دخلت موريتانيا منذ قليل مرحلة الصمت الانتخابي بعد أن رمى المرشحون الستة آخر أوراقهم الانتخابية في سباق محموم على كرسي الرئاسة خلفا للرئيس الحالي محمد ولد عبدالعزيز، الذي حكم موريتانيا خلال ولايتين متواليتين.
وشهدت نواكشوط ليلا، أكبر تجمعين انتخابيين منذ انطلاق حملة الرئاسيات، فالموريتانيون مدعون للاقتراع يوم غد السبت 22 يونيو/ حزيران الجاري.
وتطايرت وعود المرشحين الأساسيين بينما حج آلاف من سكان العاصمة نواكشوط إلى التجمعين الانتخابيين اللذين نظمهما كلا من مرشح الأغلبية محمد ولد الغزواني، ومرشح المعارضة سيدي محمد ولد بوبكر.
ففيما اختار الأول، إقامة تجمعه الانتخابي في منطقة المطار القديم، على مساحة واسعة، عمد سيدي ولد بوبكر إلى مركزة تجمعه في قلب نواكشوط، في ملعب شيخا ولد بيديا. ورمى كل مرشح ما لديه من وعود انتخابية بعد أن بدأ العد العكسي استعدادا لاقتراع السبت.
وواكب "العربي الجديد" التجمعين الإثنين، وبدت آراء المواطنين الذين استطلع الموقع آراءهم حدية في الانتصار لأحد المرشحين، مما يؤكد أن خط الرجعة لم يعد موضع نقاش بالنسبة لمن خرج في تجمعات نواكشوط ليلة أمس.
وقالت سيدة من أنصار ولد بوبكر أنها ستصوت له لأنه يستحق، بينما اعتبره آخر أن خطابه قريب من الفئات الاجتماعية المتضررة ومن الطبقات المسحوقة في المجتمع الموريتاني، متعدد الأعراق والثقافات.
وحظي ولد بوبكر باستقبال حاشد من أنصاره، وقدرهم مصدر من المنظمين، بأكثر من 20 ألف من المواطنات والمواطنين من سكان نواكشوط، مؤكدا أن هؤلاء قد جاءوا إلى التجمع عن طواعية وقناعة ببرنامج ولد بوبكر، معتبرا أن ذلك نقطة قوة مرشحه، التي ترفعه أسهمه عاليا للظفر بالمنصب الرئاسي.
وانعكست عفوية الناس في تصريحاتهم التي استقاها "العربي الجديد"، وعبرت عن تطلعاتهم في موريتانيا التغيير، وهو الشعار الذي رفعه ولد بوبكر لإقناع ناخبيه، مطالبا بضرورة التعجيل بالتغيير "اليوم قبل الغد".
وركز في كلمته على عرض الخطوط العريضة لبرنامجه، الذي اعتبره تعاقدا بينه وبين ناخبيه، في المرحلة المقبلة، إذا ما حالفه الحظ في الوصول إلى القصر الرئاسي، ومن بينها "إبعاد الجيش عن السياسة وقصر مهمته في الدفاع عن الوطن، وجعل القضاء مستقلا ونزياه، والتأسيس لعقد اجتماعي مبني على القيم الإسلامية ومقتضيات العدالة الاجتماعية".
مؤكدا على ضرورة وحدة الموريتانيين مهما كانت انتماءاتهم السياسية من أجل استعادة كرامتهم وعزتهم، وأشار إلى أن ذلك لن يتحقق إلا بإعادة توزيع الثروة بصورة عادلة، وإصلاح التعليم وتشغيل الشباب.
ودافع ولد الغزواني، من جهته، في تجمعه في أرض المطار القديم، عن برنامجه الانتخابي، حاملا في الوقت نفسه على منافسيه، الذين اعتبرهم يروجون للأوهام، داعيا في الوقت نفسه إلى العمل من أجل أن تكون موريتانيا للجميع، ومتحدثا عن العدالة الاجتماعية التي يبشر بها برنامجه الانتخابي.
وحضر آلاف من مناصري ولد الغزواني إلى فضاء مفتوح في المطار القديم، وبرزت عينات لا تخطئها العين من صفوة المجتمع النواكشوطي الغني، وهو ما يعتبر إشارة واضحة إلى خيار الطبقة العليا في المجتمع لدعم مرشح الأغلبية الحكومية.
قبل منتصف الليل كانت نواكشوط تستعيد هدوءها مجددا بعد أسبوعين من الحملات الكثيفة التي كانت تستمر إلى آخر الليل، في حين بدأت ملصقات المرشحين تختفي من الواجهات والساحات العامة.
يقول أحد الشباب لـ "العربي الجديد": الليلة سأنام بشكل جيد، لقد عانيت خلال الترة الماضية من الضجيج الذي كان يمنعني من النوم، خصوصا أن بيتي يوجد في منطقة تتمركز فيها السهرات الانتخابية.
على جانب آخر، انهمك العمال في إزالة الخيم الانتخابية، التي تحولت خلال 15 يوما الماضية إلى فترات للسمر حتى مطلع الفجر، لتكون الكلمة للناخبين في فجر 22 يونيو/ حزيران حين سيكون لهم تقرير مستقبل موريتانيا.
مزيد من التفاصيل