لا يتوقف الجدل علىمواقع التواصل الاجتماعي، وغيرها من المنتديات والمواقع الأخرى حول جدوى مقولةالمرشد العام للإخوان المسلمين، الدكتور محمد بديع "سلميتنا أقوى منالرصاص"، والتي تجدد الجدل بشأنها بعد وفاة الرئيس المصري الراحل الدكتورمحمد مرسي الاثنين الماضي.
ووفقا لمراقبين فإنالعبارة التي قالها الدكتور محمد بديع ليست كلمة عابرة، وإنما تعبر عن منهجيةثابتة في فكر الجماعة وحركتها، المعروفة بتبنيها لمنهجية الإصلاح التدريجي بالطرقالسلمية تحت مظلة الدساتير والقوانين النافذة والمعمول بها، ونبذت كل أشكال العنفكطريقة ووسيلة لتغيير الأنظمة السياسية القائمة.
ويشار في هذا السياقإلى أن جماعة الإخوان المسلمين على الرغم من كل الممارسات القمعية الشرسة التيمارستها سلطات الانقلاب في مصر ضدها، طوال السنوات الست الماضية بعد الانقلاب، إلاأنها حافظت على منهجيتها السلمية، ولم تنجر إلى ممارسة أي أعمال عنفية، متشبثةبمقولة مرشدها العام "سلميتنا أقوى من الرصاص".
وبحسب الكاتب والمحاميالأردني محمد نواف العودات فإن عبارة المرشد حكيمة، وقد ظهرت حكمتها ونجاعتها بعدكل هذه السنوات، بتجنيب مصر وشعبها ويلات الاقتتال الداخلي، وإبعاد شبح المواجهاتالمسلحة عنها، والتي عصفت بكينونة دول عربية قوية كسوريا واليمن وليبيا.
ووصف العودات عبارةبديع بـ"عبارة القرن" معللا ذلك بقوله "خسارة التنظيم أو ظلم 40ألف شاب إذا ما تم مقارنتها بخسارة الدولة المصرية التي تمثل ثلث العالم العربي،في حال عسكرة الثورة، وإشعال فتيل المواجهات المسلحة، تعتبر أقل الضررين، والمرشدقدر الأضرار فكان حكيما ومرشدا بحق في ذلك" على حد قوله.
وواصل شرح فكرتهلـ"عربي21" مشيرا إلى أن نماذج "عسكرة" الثورات والمواجهات،كما حدث في سوريا وليبيا والجزائر في تسعينيات القرن الماضي نماذج دموية، دمرتالبلاد، وقتلت العباد، وجرت على الدول العربية وشعوبها ويلات كثيرة".
واستبعد العودات عنالدول العربية التي تفجرت فيها مواجهات مسلحة دامية أن تشهد موجات جديدة من الربيعالعربي بعد ما شهدته من أحداث دموية مفجعة، على عكس الحالة في مصر، إذ من الواردحدوث موجة احتجاجية جديدة من الربيع العربي رفضا لدموية النظام وغطرسته وقمعه.
ولفت العودات إلى أنمن يطلع على أدبيات الإخوان المسلمين، ويتابع تصريحات قادتها ورموزها يتأكدّ له أنخيار السلمية هو خيار الجماعة الاستراتيجي، ولن تتركه أو تتحول عنه، وستواصلتشبثها به مهما عظمت تضحيات أبنائها، وعلى الرغم من كل الابتلاءات والمحن التيأصابتها وستصيبها".
من جهته أوضح مستشاروزير الأوقاف المصري السابق، الدكتور محمد الصغير أن "عبارة سلميتنا أقوى منالرصاص قيلت في ظروف وملابسات خاصة، لكنها لا تخرج عن الإطار العام لمنهج جماعةالإخوان المسلمين التي تتبنى الإصلاح والتغيير بالتدريج، ولا تتبنى في أدبياتهاالمواجهة المسلحة، لا سيما بعد تصفية النظام الخاص الذي أنشأه الإمام المؤسس حسنالبنا".
وأضاف في حديثهلـ"عربي21": "وتعتبر مرحلة دعاة لا قضاة مرحلة فاصلة بين إخوانالبنا، وإخوان الهضيبي، وهذه المقولة تطور طبيعي لما أعلنه المستشار الهضيبيوتولاه"، مبينا أن "حسن البنا قائد ولد من رحم الدولة، والهضيبي مرشدجاء من دولاب الدولة" بحسب عبارته.
وأشار الصغير إلى أن"جماعة الإخوان خالفت منهجها في مقاومة الانقلاب، فمفهوم السلمية عندهم يصلإلى درجة عدم الدخول في مواجهة الدولة ولو بطريقة سلمية كاعتصام رابعة العدوية الذيتم بعد الانقلاب".
اقرأ أيضا: هذا ما قاله مرسي حرفيا في المحكمة قبل وفاته
وأردف "فمن معانيالسلمية الانصياع لكل أوامر الدولة، فلا الجماعة حافظت على سلميتها، ولا أعدتللمواجهة عدتها المطلوبة، والثورة للأسف كانت بلا قائد ولا خطة، ولذا كان من السهلالالتفاف عليها، وكذلك مواجهة الانقلاب بالسلمية كان بلا خطة، ولا رؤية، لذا نجحالانقلاب".
وتابع الصغير"ومع شدة تمسك الجماعة بالسلمية تمسك النظام في مقابلة ذلك بالعنف والدموية،و هو ما نتج عنه آلاف الشهداء، وأكثر من ستين ألف معتقل" مشددا على أنه"ليس مع المواجهة، لكنه يعتبر ما حدث بعد الانقلاب مواجهة بغير إعداد".
وطبقا لدعاة السلميةومناهضي العسكرة، فإن تحول الثورات والحراكات من حالة السلمية إلى المواجهاتالمسلحة المفتوحة يؤدي إلى مخاطر كبيرة، ويوقع في محاذير شديدة، تُضعف الضعيف،وتقسم المقسم، وتفكك الدول، وتشعل الحروب الداخلية بكل دمويتها ومصائبها، وتجعلالبلاد ساحة مستباحة لكل العابثين والطامعين، وهو ما يمكن معاينته في الدولالعربية التي فُرض على حراكاتها مسار العسكرة.
مزيد من التفاصيل