حذر سياسيون ونقادرياضيون مصريون من الدعوات التي يطلقها مقربون من نظام الانقلاب العسكري، بإسنادملف كرة القدم المصرية للمؤسسة العسكرية، لإعادة الانضباط مرة أخرى لملف كرة القدمالمصرية، على حد تعبيرهم.
مختصون أكدوا أنالخروج المهين لمصر من دور الـ16 من تصفيات الأمم الأفريقية ليس معناه اللجوءللقوات المسلحة لعلاج هذه الكارثة، خاصة أن الفساد الذي يحيط بالمسؤولين عن ملفالكرة هو جزء من منظومة الفساد والمحسوبية والانهيار المجتمعي المرتبطة بالحكمالعسكري، الذي أفسد كل مناحي الحياة بمصر، على حد قولهم.
وحسب الخبراء الذينتحدثوا لـ"عربي21"، فإنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها عسكرة كرةالقدم بمصر، حيث سبق أن تولى المشير عبد الحكيم عامر رئاسة الاتحاد المصري لكرةالقدم خلال الفترة من 1958 وحتى 1967، وكان يشغل وقتها منصب القائد العام للقواتالمسلحة، بالإضافة لـ5 عسكريين آخرين ينتمون للجيش والشرطة تولوا منصب رئيس اتحادالكرة، آخرهم اللواء الدهشوري حرب.
وكان مدرب المنتخبالمصري السابق، فاروق جعفر، وجه نداء للسيسي بتكليف المؤسسة العسكرية لإدارة ملفالكرة، مشيرا إلى أنه بعد استقالة مجلس إدارة اتحاد الكرة، فإنه من حق الجهةالإدارية التي يمثلها وزير الرياضة تكليف لجنة مؤقتة لإدارة شؤون اللعبة، لحينإجراء انتخابات جديدة، وهو ما يسمح بتعيين مسؤولين عسكريين لإدارة الاتحاد، لإعادةالانضباط مرة أخرى لهذا القطاع.
ويأتي تصريح جعفربعد تأكيدات لعدد من الإعلاميين المقربين من النظام المصري، بأن جهات رقابية علياتحقق في المخالفات المالية لمجلس إدارة اتحاد الكرة برئاسة هاني أبو ريدة، وهيالمخالفات المتعلقة بفضيحة خروج مصر من كأس العالم بروسيا الصيف الماضي، وسينضملها ملف الأمم الأفريقية.
"فضائحالانضباط"
وفي تعليقه على هذاالمقترح، يؤكد عضو البرلمان المصري السابق، عزب مصطفى، لـ"عربي21"، أنه منالطبيعي أن يروج أنصار المؤسسة العسكرية لهذا الاقتراح للتعامل مع الموضوع وكأنهذه المؤسسة التي تحكم مصر لم يكن لها دخل في هذه الفضائح، رغم أنها تمت تحت سمعهاوبصرها، وتسترت عليها، كما حدث في فضيحة الخروج من كأس العالم في روسيا.
ويشير مصطفى إلى أنالرياضة المصرية "تخضع مثل غيرها من المجالات الأخرى للعسكرة بالفعل، ولكن أنتكون الدعوة بهذه الصراحة، فهذا إغفال واضح وصريح للمفاسد التي حدثت لدخول المؤسسةالعسكرية في غير تخصصها، سواء بالمجالات الاقتصادية أو الخدمية أو السياسية".
ويضيف مصطفى قائلا: "إنتولي اللواء كامل الوزير رئيس الهيئة الهندسية لوزارة النقل، لم يوقف كوارث وحوادثالطرق والقطارات، كما أن إدارة الجيش لملف العاصمة الإدارية لم يجعلها قبلةالمستثمرين، وإنما أدى لكوارث اقتصادية تسببت في مليارات القروض لمنح العاصمة قبلةالحياة بعد أن هجرها المستثمرون المصريون والعرب".
وحسب البرلمانيالسابق، فإن فكرة انضباط المؤسسة العسكرية، التي كان يتم ترديدها قبل ثورة 25 يناير2011، انكشفت حقيقتها بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013، حيث خالفت هذه المؤسسة أيانضباط دستوري وقانوني، وقامت بانقلاب على الرئيس المنتخب؛ لحماية مصالحهاواقتصادها، ومصالح واقتصاد أنظمة عربية وأجنبية لها ارتباطات بمصالح هذه المؤسسة".
"من وراءالستار"
ويكشف الناقدالرياضي تامر أبو المجد لـ"عربي21" أن مجلس إدارة اتحاد الكرة برئاسةهاني أبو ريدة تم إجباره على الاستقالة، ولم يتقدم بالاستقالة من تلقاء نفسه، وذلك لتسكينغضب المصريين، موضحا أن "جهاز المخابرات هو الذي اتخذ قرار الإقالة، بعدالغضب الشديد الذي صاحب هزيمة المنتخب من جنوب أفريقيا".
ويوضح أبو المجد أنالمؤسسة العسكرية بأجهزتها المختلفة "هي التي تدير ملف الكرة المصرية من وراءستار، فهي التي تحدد الملاعب المسموح فيها دخول الجماهير، وهي التي أدارت بطاقةالمشجع "FAN ID"، وهي التي سيطرت علىبث مباريات البطولة من خلال قناة مملوكة لمجموعة إعلام المصريين التابعةللمخابرات، وهي التي تدير شركة "برزنتيشن" الراعي الرسمي للمنتخب المصري".
ويؤكد الناقدالرياضي أن "قيادات الجيش والشرطة متحكمون فعليا بالجهاز التنفيذي لكلالاتحادات والأندية المصرية"، مستدلا بأن "اللواء ثروت سويلم، القائمبأعمال رئيس الاتحاد الآن، هو في الأساس المدير التنفيذي للاتحاد، وكان ضابط شرطةسابق، كما أن هناك ما لا يقل عن 8 رؤساء لاتحادات رياضية مختلفة غير كرة القدم منأبناء المؤسسة العسكرية، سواء الجيش أو الشرطة".
ويضيف أبو المجدقائلا: "الاستعانة بشخصيات عسكرية لأنها تتمتع بالانضباط فكرة خاطئة، لأنفضائح مسؤولي المنتخب ولاعبيه تنوعت بين الفساد الإداري والأخلاقي وغياب الوطنيةوعدم الاهتمام، بالإضافة للمحسوبية، وجميعها أمور لا ترتبط بالانضباط، وإنما ترتبطبالبيئة العامة التي تعيشها مصر".
واستبعد أبو المجدأن يتم إسناد ملف الكرة لشخصيات عسكرية بشكل مباشر، حتى لا يحدث الصدام المباشر معجماهير الكرة التي ما زالت الورقة الشعبية الأقوى التي تخشاها السلطات الحاكمة، كماأن الأوضاع تسمح لهم بإدارة الملف من خلف الستار، دون أن يتحملوا مسؤولية أي كوارثكما يحدث الآن".
مزيد من التفاصيل