جاءت التطورات الأخيرة في العلاقة بين التيار المدني بأطيافه المختلفة ونظام السيسي، لتطرح عدة تساؤلات حول هذه العلاقة خاصة بعد ما يسمي بقضية "الأمل " وإعتقال عدد كبير من رموز هذا التيار، وهوالتساؤل الذي فرض نفسه على الساحة، وهل شعرة معاوية بين النظام والتيار المدني لا زالت قائمة ام قطعت بين الطرفين ؟.
"عربي 21" استطلعت رأي عدد من الخبراء للإجابة على هذه التساؤلات، حيث أكدوا بدورهم على أن العلاقة بين الطرفين تسير من سئ إلى أسوأ، خاصة بعد حملة الإعتقالات والمداهمات الأخيرة وتوتر العلاقة بين الطرفين، وأن النظام ضاق بالجميع ولم يعد يقبل بأي معارضة، وأن شعرة معاوية بينه وبين المعارضة المدنية أوشكت على الإنقطاع.
ويقول أحد قيادات حزب الكرامة والتيار الشعبي، عبد العزيز الحسيني، "إن العلاقة بين التيار المدني ونظام السيسي تسير من سيء إلى أسوأ، وذلك بسبب سياسات السلطة الإقتصادية والحريات، والقضايا التي تمس الأمن القومي مثل تيران وصنافير.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21"، أن إعتقالات قضية الأمل الأخيرة، جاءت لتؤكد على توجه السلطة بشأن إنتهاك الحريات، خاصة أن أحزاب الحركة المدنية لديها العديد من المعتقلين والإعتقالات الأخيرة إشارة واضحة في هذا السياق، وما صاحب ذلك من حملات إعلامية للتشويه ونشر الإتهامات غير الصحيحة.
وأضاف الحسيني في تصريحات خاصة لـ "عربي21" رغم كل ما جرى، إلا أنه لا يمكن القول في السياسة بالقطيعة وقطع شعرة معاوية، ولكن يمكن أن يكون هناك حوار وتفاهمات مع السلطة، ولكن هناك شروط لهذا الحوار، أن يكون هناك تكافئ بين طرفي الحوار ،ويكون هناك جدول أعمال واضح وألا يكون هناك مغالبة من جانب السلطة، وأن يكون الحوار بناء وفعال وجاد، وعليه يمكن المشاركة في الإنتخابات القادمة، ولكن يحكم كل هذا المناخ العام، وعموما لكل حادث حديث حسب عبد العزيز.
اقرأ أيضا: قيادات بالمعارضة المصرية ترفض دعوة الإخوان "للتحاور".. لماذا؟
من جهته رأى أحد رموز التيار المدني، والناشط السياسي، سمير عليش، فيرى أن التوتر الجاري بين السلطة والتيار، يصب في مصلحة السلطة، حيث التخويف والترهيب حتى تتم الفرقة بين فصائل التيار بمبدأ،"فرق تسد"، وجاءت الإعتقالات الأخيرة في هذا السياق، فضلا عما جرى بالنادي السويسري منذ عدة أشهر، وهذا يشير إلى أن النظام الحالي ضاق بالجميع ،وأنه لن يسمح لأي تيار أو فصيل بالحركة في الشارع سواء مدني أو غيره .
وحول إمكانية التفاهم بين السلطة والتيار المدني والحفاظ على شعرة معاوية، قال عليش في تصريحات خاصة لـ "عربي21" إنه "على الرغم من أن الأجواء غير مناسبة لأى تفاهمات، إلا أنه لابد للبحث عن مخرج، لأن التيار المدني هدفه الحفاظ على الوطن، والنظام هدفه الحفاظ على السلطة، ومن هنا لابد من بذل كل الجهد للحفاظ على الوطن مهما كانت الصعوبات".
وشدد على أن التيار المدني عليه تحديد شكل الدولة المدنية التي يريدها، حيث هناك مشكلة تتمثل في عدم التوافق بين فصائل التيار المدني على مشروع يبلور شكل هذه الدولة، في ظل دستور تم تعديله بشكل آخل بمواده وهذا يصعب الأمور أكثر .
ويتفق جهادة عودة أستاذ العلوم السياسية مع عليش، في أن التيار المدني ليس لديه مشروع فكري واضح بحيث يتجمع حوله الجميع، ولكن كل مجهود التيار المدني حركي ومعارضة للسلطة، و"هذا شئ جيد أن يكون لك تواجد حركي، إلا أنه غير كافي وخاصة أن التيار المدني تيار واسع ،ولكن تأثيره في الشارع محدود لغياب المشروع".
وأضاف عودة في تصريحات خاصة لـ "عربي 21" أن التيار المدني بهذا الوضع ليس له مستقبل سياسي، طالما ليس له مشروع، والعلاقة بينه وبين السلطة ليس فيها منطق للتفاهم بين الطرفيين، و"بالتالي فكرة شعرة معاوية هذه، من الصعب القول أنها موجودة، أو يمكن الحفاظ عليها، طالما الطرفين فاقدين لهذا المنطق في التفاهم".
اقرأ أيضا: حقوقي مصري: هذا سر الاعتقالات الأخيرة.. والحركة المدنية تستنكر
أما الكاتب الصحفي قطب العربي، فيرى أن" الإعتقالات الأخيرة للنشطاء الفاعلين كانت بمثابة رأس الذئب الطائر لتخويف الناسن بهدف تقليم أظافر هذا التيار مبكرا، كما حدث مع معصوم مرزوق ويحى القزاز من قبل، وكذلك منع التيار المدني من الإستعداد للإنتخابات مبكرا، وسيظل النظام على هذه الوتيرة بالقبض على نشطاء هذا التيار حتي يظلوا في حالة إرباك دائم".
وأضاف العربي في حديثه لـ "عربي21" نظام السيسي ضاق بالجميع، فهو لايقبل المعارضة من أي تيار، سواء إسلامي أو ليبرالي أويساري أو أي توجه، ويخشى بشدة من هذه المعارضة، لأن تجربة كانون الثاني/ يناير مريرة جدا بالنسبة للنظام، والسيسي تعهد بعدم تكرارها مرة أخرى.
وأوضح أن السيسي "عندما يرى أن أي مؤشرات في أي اتجاه، يقضي عليها من المنبع، وهناك تيار فقد الأمل في هذا النظام تماما، وأن شعرة معاوية قد قطعت، ورغم ذلك هناك جزء من التيار المدني يراهن على النظام، ولديه أمل أن يكون له تواجد في البرلمان القادم، لأنه ليس له وجود في أي مكان أخر مثل تكتل 25-30، فهم يقبلوا بأي تواجد حتى يكون هناك ديكور ديمقراطي".
مزيد من التفاصيل