مطبخ الحرب - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > إعلام وثقافة وفنون > صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح وسائل إعلام مسموع ومقروء ومرئى

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    مطبخ الحرب


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 12th July 2019, 10:41 PM المستشار الصحفى غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    Field Marshal
     





    المستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud of

    new مطبخ الحرب

    أنا : المستشار الصحفى




    تَحلّق الجميع حول الشاشة. كنّا نشاهد فيلماً سينمائياً من اختيارنا لأوّل مرة. قبل أن يدخل مشغّل الأقراص المضغوطة للبيت، كنّا مثل البقية تحت رحمة مدير القناة التلفزيونية المحلية، يختار لنا ما يشاء هو، وما يعتقد أنه مناسب لمزاج الشعب.

    اقترضت مشغّل الأقراص من عمّتي، أهداها إياه خطيبها الذي يسكن في ولاية ميشيغان في أميركا. ورغم اعتراض أبي على الزواج من هذ الرجل الذي يصفه بالفاجر، معلّلاً ذلك بارتياده البارات هناك، إلّا هذا لم يعترض على اقتراض المشغّل ليوم واحد، وقد أخذ وعداً منّي بأن أكون حذراً وأتعامل معه بعناية خاصة. لهذا عندما سقط الصاروخ الأوّل على بناية البلدية، واهتزّ البيت، لم أفكّر في أي شيء آخر سوى احتضان المشغّل لأجنّبه السقوط على الأرض. حرصت على وضعه في مكان آمن، والتحقت بباقي العائلة.

    كان أبي يحاول أن يختار لنا غرفة بأعمدة جيّدة، وقرّر أن يوزّعنا على الأركان، خشية أن يسقط السقف على رؤوسنا. ومع الصاروخ الثالث، كان أبي قد أتمّ عملية حسابية طويلة.

    قال: "لدينا كيس طحين وكيس رز. أعتقد أننا نحتاج إلى اثنين آخرين"، ثم أخبرنا أن صديقه حارث قرّر أن يتبرّع له بكيس رز قبل خمسة أيام، عندما كانوا يتحدّثون عمّا بوسعهم فعله إذ ما اندلعت الحرب من جديد. لكن أبي كان يفكّر بحقيقة هذا الوعد، لأن أهمية الرز قبل القصف ليست كأهميته بعده. لكني لم أكن أدرك أهمية تلك الحسبة أبداً، لماذا نحتاج إلى طن من الطحين، وطن من الرز، لم أكن أعرف كم ستطول الحرب، وإلى ماذا ستحيلنا.

    تنهّد أبي ثم قال: "بعد أن تهدأ الأصوات وتخفت حدّة القتال، سنستعد لملء الأكياس".

    وبالفعل، بعد أن تلاشى الصوت، أخرج أكياس البلاستك الكبيرة، الأكياس التي لم أعرف سبب شرائها حينها، وبدأنا ننفّذ الأوامر ونقوم بملئها بالماء، أتذكّرها جيّداً... كانت شفّافة بعمق متر، ثمّ أحكمنا إغلاقها ووضعناها في جهاز التجميد المعطوب منذ سنتين. تحوّل في النهاية تابوتاً لأكياس الماء، بعد ملء الاكياس الذي لم أفهم أيضاً أهميته.

    سألتُ أُمّي: لماذا نفعل كل هذا؟

    قالت: ستطول الحرب وسينقطع الماء، وتتوقّف الدولة عن إعطاء الرز للمواطنين وتحدث الكارثة.

    فسألتها: ألن تنتهي الحرب قريباً؟

    أجابت: لا ستطول كثيراً.

    كان أبي يتجوّل في حوش البيت ممسكاً يده اليمنى باليسرى خلف ظهره، ويردّد تميمة أو دعاءً. سمعته يقول: "يا رب الغيوم البيضاء اجعل عدوّنا فتّاكاً هذه المرّة، لا توقعنا مع عدو يساوينا في القوة وطول البال". ثمّ أردف: "رغم أنّنا لم نكن أصحاب بال طويل، لكن القائد الذي حفظته أنت من كل المعارك والأزمات صاحب مزاج عال في التعامل مع الحروب. حفظتَه من الموت، ولم تحفظ رفاقي الجنود من الألغام".

    استجاب صاحب الغيوم لدعاء أبي هذه المرّة، ربما خشي أن يغضب منه، فهو لا يودّ أن يخسر آخر قلب يحبّه في هذه المدينة، رغم أنه لم يعبأ لخسارة كل الناس هنا بعد الحرب الأخيرة التي طالت ثلاثة عشر عاماً. انتهت الحرب سريعاً، ودخلت الدبّابات إلى المدينة وصفّق لها الناس ورشقوها بالورود. وبعد مضي شهرين من الحرب، لم يتذكّر أحد الماء الحيّ داخل التابوت. وفي ظهيرة صيفية، بعد أن خلد الجميع إلى النوم، ذهبتُ إلى الجاهز وأخرجت الأكياس من هناك، مياه الحرب الغالية لم تعد ذات قيمة في تلك الظهيرة، حملتها إلى السطح، ثمّ ثقبت الأكياس بتسديدات خاطفة بالحصى من على بعد خطوات حتى انساب الماء على الأرض بسرعة. كانت لعبة جميلة جدّاً، إلّا أنها لن تتكرّر دائماً. تُلعَب مرّةً واحدة بعد كل حرب.

    ورغم أن الحرب انتهت، إلّا أنَّ سكّان المدينة، إلى الآن، يتّفقون على أن ماء الحرب أغلى من ماء السلام، وكلّما استُذكرت قصص الحرب أمامهم يتقافزون من أماكنهم ، وكثيراً ما يركض أحدهم إلى المخزن للتأكُّد من كمية الرز في البيت. أصبح هذا أشبه بهوس جماعي.

    بصراحة، أشتاق لتلك الحروب، صحيح أن الناس يكرهونها، لكنني أحبّها. لو تعود الحرب ثانية، لنأكل رزّ الحروب اللذيذ ونشرب ماء الأكياس الغالي.

    مرّةً كنت أتحدّث مع أمّي وأقول لها إنني عندما أكبر، سأفتتح مطعماً يقدّم وجبات الحروب، وأعيّن أبي مستشاراً للطبّاخين، لأنه يجيد الطبخ. تعلم ذلك في جبهات القتال. أخبرني في إحدى حكاياته عن نوعية الأطعمة التي يتناولها المسلّحون هناك... واحدة تدعى "الخميعة" وهي خبز وزبدة وحليب، وهناك "المحروك أصبعه" وهو بقايا خبز مع البهارات ومرق السمن. سأقدّم في لائحة الطعام كل تلك الأكلات، وربما سأضيف لها "المسموطة" لقرب اسمها إلى دلالات الحرب، مع الشاي المرّ.

    أمّي متفائلةٌ، وقد أخبرتني أنها تشعر أننا سننجح في ذلك، فالناس هنا دائما ما يشعرون بالحنين للحرب.

    أبي مثلاً عمره اثنان وثلاثون سنة، قضى منها ستّة عشر عاماً في الجبهة على الحدود يأكل "الخميعة" ويترقّب قدوم العدو، وهو يشتاق إلى نصف عمره الذي قضاه خلف أكياس الساتر، فعندما يتذوّق "الخميعة" في البيت يقول: "هاي الخميعة تسوى عمري كلُّه".

    قلت لأمي إذن لنفتتح المطعم ولنصنع خميعة مدهشة إلى الحدّ الذي تستهدف به ذاكرة الزبون لا معدته.


    * كاتب من العراق







    مزيد من التفاصيل

     

    الموضوع الأصلي : مطبخ الحرب     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : المستشار الصحفى

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    اتهامات جديدة تلاحق تونالي في قضية المراهنات صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:56 PM
    توقيف طالب ينشط في قضية مستحقات الجامعة اللبنانية صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:56 PM
    ربع رائع لمؤشرات الأسهم الأميركية.. ومستويات... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:56 PM
    السودان: "الدعم السريع" تختبر الحكم عبر "إدارة... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:56 PM
    جنود إسرائيليون ينشرون لقطات لهم بملابس داخلية... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:56 PM

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)


    أدوات الموضوع
    انواع عرض الموضوع

    الانتقال السريع

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]