تزداد اقتحامات المستوطنين للقرىوالبلدات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، وتحديدا التي تحتوي على مقاماتأثرية وتاريخية، في محاولة للمطالبة بضمها للمستوطنات، على اعتبار أنها مرتبطةبالتاريخ اليهودي.
وتتصاعد أعداد المقامات التي يقتحمهاالمستوطنون ضمن هذه السياسة بشكل تدريجي، ويتفاجأ الفلسطينيون بين الحين والآخرباقتحامهم لمكان أثري جديد وأداء صلوات يهودية فيه، وهو الأمر الذي يحدث كثيرا في"قبر يوسف" شرق ميدنة نابلس.
ورغم تأكيد أهالي المدينة، أن القبريعود للداعية المسلم "يوسف دويكات"، إلا أن المستوطنين يصرون على أنهمقام لسيدنا يوسف عليه السلام، ويؤدون الصلاة فيه بشكل دوري.
"إسلامية بحتة"
وتعتبر بلدة كفل حارس قرب مدينة سلفيتواحدة من البلدات الفلسطينية التي يتم اقتحامها من قبل المستوطنين للصلاة داخل إحدىالمقامات فيها، حيث يعاني أهاليها من هذه الاقتحامات المتكررة والتي تتزامن مع اعتداءاتممنهجة.
ويقول رئيس المجلس المحلي للبلدة عصاممسعود لـ"عربي21" إنه "توجد ثلاثة مقاماتإسلامية فيها، الأول هو مقام ذو الكفل والذي سميت البلدة باسمه، والثاني مقام لخادمصلاح الدين الأيوبي، والثالث مقام صغير يتبع أيضا للعهد الإسلامي".
اقرأ أيضا: نتنياهو: سأفرض السيادة على غور الأدرن إن شكلت حكومة جديدة
ويبين أن المقامات الثلاثة تظهر بشكلجلي بالطابع الإسلامي من خلال القباب والمحاريب؛ ورغم ذلك يستبيحها المستوطنون ويقومونباقتحامها بشكل دوري منذ عام 1967، لافتا إلى أن المقامات تقع في منطقة خاضعة لسيطرةالسلطة الفلسطينية المصنفة "أ" وفقا لتفاهمات اتفاقية أوسلو.
ويوضح مسعود أن المستوطنين يدّعون بأنمقام خادم صلاح الدين الأيوبي يعود لأحد أتباعهم ويسمونه بمقام "يوشع بن نون"زورا، حيث يستخدمون هذه الحجة لاقتحامه وأداء الصلوات الدينية اليهودية داخله.
ويتابع: "رغم الدلالات على أن هذهالمقامات إسلامية بحتة، إلا أن المستوطنين يقتحمونها تحت مزاعم دينية ويحاولون الاستيلاءعليها، حيث تكون الاقتحامات الكبيرة شهريا بمشاركة أكثر من عشرة آلاف مستوطن والاقتحاماتالصغيرة بشكل شبه يومي من قبل عشرات المستوطنين".
اعتداءات متزايدة
ويؤكد مسعود أن "الجهات الفلسطينيةلا يمكنها تغيير أي معلم أو إزاحة أي حجر في هذه المقامات، بسبب منع ذلك من قبل الاحتلال،كما أن هناك تخوفا دائما لدى أهالي البلدة بأن يمنعوا من الوصول إلى منطقة المقامات وأنتتحول إلى منطقة إسرائيلية كما المستوطنات رغم وقوعها داخل حدود كفل حارس".
"ولا يقتصر الأمر على الاقتحامات؛حيث يقوم المستوطنون عادة بالاعتداء على منازل الفلسطينيين في البلدة وتحطيم مركباتهموإزعاجهم بشكل كبير، كما قاموا في إحدى المرات بتحطيم شواهد القبور في مقبرة كفل حارسويعيثون فسادا"، وفقا لما يقوله مسعود.
اقرأ أيضا: الاحتلال يستولي على مساحات كبيرة من أراضي الضفة (خرائط)
ويشير إلى أن "الاقتحامات تتم بحمايةكاملة من قوات الاحتلال التي تقوم باقتحام البلدة قبل المستوطنين، ويعتلي الجنود أسطحالمنازل ويفرضون حظرا للتجول على أهالي البلدة ويخلون المنطقة كاملة من المواطنين،وبسبب اقتحامات المستوطنين لا يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى منازلهم في كفل حارس،إذا كانوا خارجها فيضطرون للمبيت في بلدات مجاورة، ريثما تنتهي اقتحامات المستوطنينوالتي عادة ما تبدأ في التاسعة مساء وتنتهي مع شروق الشمس".
ويقول مسعود إن "موظفا تابعا لوازرةالأوقاف الفلسطينية مسؤول عن تنظيف هذه المقامات والحفاظ عليها، ولكن الاحتلال يهددمجلس كفل حارس بتحويل مسؤولية المقامات للمستوطنين في حال لم يجدوها نظيفة حين يتماقتحامها".
وينوه إلى أن "أعداد المستوطنينالمقتحمين للمقامات تفوق بأضعاف عدد سكان البلدة البالغ عددهم أربعة آلاف نسمة، فيماتتعرض كفل حارس لحرب استيطانية من مصادرة لأراضيها لصالح المستوطنات وشارع استيطانيتم شقه حديثا".
بدوره، يرى الناشط الفلسطيني في قضاياالاستيطان بشار القريوتي أن "الاحتلال يقوم بحملة استهداف لكافة مناطق الضفة،التي يحاول السيطرة عليها تحت ذرائع تاريخية".
تزوير التاريخ
ويوضح لـ"عربي21" أن المستوطنينيقتحمون المناطق التي يرون فيها مصلحة استيطانية ويقومون باستهدافها عبر تزوير التاريخ،ولكن الهدف استيطاني بحت لعمل توسعة للتاريخ اليهودي.
ويعطي القريوتي مثالا حيا لما حصل فيبلدة قريوت جنوب مدينة نابلس والتي بدأ تاريخها من تلة صغيرة اسمها خربة سيلون ومنثم بدأ الأهالي بالتوسع السكاني، ولكن الاحتلال سيطر على هذه التلة وأنشا منها مستوطنة"شيلو" عام 1978 لتصل إلى التهام أكثر من ألفي دونم من أراضي قريوت، حيثكان المستوطنون يقتحمون التلة باعتبار أنها منطقة دينية بالنسبة لهم ولكنهم حولوهاإلى مستوطنة تعتبر الآن واحدة من أكبر مستوطنات الضفة.
ويشير إلى أن الاحتلال أطلق في هذه المنطقةمشروعا سياحيا للمستوطنين انطلاقا من عملية تزوير التاريخ التي يقوم بها في المقاماتالأثرية والإسلامية، حيث يحاول الترويج إلى أن المنطقة هي منع للتاريخ اليهودي وحتىأنه يقوم بالكذب على السياح ورواية قصص يختلقها حول تاريخ المنطقة.
ويردف قائلا: "في كثير من الأحيانيقوم الاحتلال بنشر روايات للسياح أن الفلسطينيين هم من سلبوا الأراضي من المستوطنين،كما قام الاحتلال بتسليط الضوء على المناطق المستهدفة استيطانيا لإيهام العالم أنهامناطق تاريخية للسيطرة عليها وتنفيذ كافة المخططات وتحويلها لأراضي دولة ومصادرتهاضمن سياسة تهويدية معروفة، حتى أن أصحاب الأراضي التي توجد فيها المقامات أصبحوا ممنوعينمن دخولها".
مزيد من التفاصيل