في خطوة لاقت استحسان وإشادة الكثيرين، أطلق المركز الإعلامي للأزهر الشريف، حملة جديدة تحت عنوان «جنة»؛ لمناهضة العنف ضد الأطفال والتوعية والتذكير بحقوق الطفل على والديه ومجتمعه، وذلك تحت رعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف.
وبحسب البيان، فإن الحملة تسلط الضوء على أهم أسباب العنف ضد الأطفال وطرق علاجها، بهدف تعزيز القيم الدينية والمجتمعية المكتسبة في مجال حقوق الطفل، وذلك في إطار الدور الدعوي والتوعوي الذي يضطلع به الأزهر الشريف، ويتضافر مع دوره التعليمي والديني.
وتتضمن الحملة مجموعة من الفيديوهات القصيرة، التي تتناول أسباب العنف ضد الأطفال، مع توعية الآباء والقائمين على التربية بكيفية التعامل الأمثل وتوفير البيئة الصحية والنفسية السليمة للأطفال، وسيتم نشر تلك الفيديوهات عبر صفحات الأزهر الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعتمد الحملة بجانب فيديوهاتها القصيرة على عقد ندوات توعوية للتعريف بحقوق الطفل، تحت عنوان «حقوق الطفل في الإسلام».
وتأتي تلك الحملة، بعد أيام قليلة من وفاة الطفلة «جنة»، التي ماتت إثر التعذيب على يد جدتها وخالها في محافظة الدقهلية، حيث أثارت قضيتها الرأي العام وأحدثت ضجة واسعة خلال الأيام الماضية.
محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان والمحامي بالنقض والدستورية العليا، قال إن الحملة التي أطلقتها مؤسسة الأزهر جيدة والكل يرحب بها ويتمنى لها النجاح والتوفيق، لكنه شدد على ضرورة أن يكون عملها مختلف عما قدمه وطرحه السابقون وإلا ستكون بلا جدوى ولا فائدة.
وخلال حديثه لـ«المصريون»، أضاف «البدوي»، أنه وقت الزخم المجتمعي حول قضية ما يقوم البعض ويطلق الحملات، غير أنها لا تقدم شيء بعد ذلك للمجتمع ولا تطرح أفكار وخطط لحل القضية ولتوعية المواطنين، ما يجعلها مستمرة.
وأشار إلى أن مؤسسة الأزهر تتمتع بمصداقية عالية، وبالتالي لابد أن تقدم أطروحات ومنهجية واضحة للمساعدة في حل قضية العنف ضد الأطفال، التي يحاربها المجتمع منذ عشرات السنين ورغم ذلك مستمرة.
رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، قال إن فكرة نشر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة للمؤسسة، لن تأتي بجديد ولن تساعد في حل القضية، مشيدًا في الوقت ذاته بفكرة الحملات التوعوية.
ونوه بأن التواصل الاجتماعي مع الأهالي وخاصة في الأماكن والمناطق البسيطة سيكون له مردود إيجابي، حيث سيستجيب المواطنين وسيكون لديهم قابلية للحوار والمناقشة، بعكس الفيديوهات.
وقال إن عملية التلقين بلا جدوى، أما الحوار المجتمعي الذي يتيح معلومات وخبرات جديدة ويُعرف المواطنين بقانون الطفل وما يجب القيام تجاههم أفضل، مردفًا: «تعريف المواطنين ببعض الممارسات الخاطئة التي يقومون بها تجاه الأطفال كل يوم دون أن يدركوا خطورة ذلك سيكون أفضل ومردودة إيجابي للغاية، ونتمنى في النهاية بالطبع النجاح للحملة».
أما، الدكتور عوض إسماعيل عميد كلية الدراسات الإسلامية بنين بجامعة الأزهر، قال إن العنف مرفوض بكافة صورة وأشكاله سواء للصغار أو الكبار أو حتى الحيوان، مؤكدًا أن الإسلام يرفضه تمامًا ولا يقبل، وهناك أحاديث كثيرة تنهي عن هذه الأفعال.
وأوضح «إسماعيل»، في حديثه لـ«المصريون»، أن مهمة الأزهر توجيه الناس وتوضيح وبيان القيم والأخلاق الدينية بشكل عام وما هو مرفوض، ومن ثم أطلق تلك الحملة لأداء هذه الدور التوجيهي، مؤكدًا أنه سيكون للحملة آثار إيجابية واستجابة وقبول من جانب المواطنين.
عميد كلية الدراسات الإسلامية بنين بجامعة الأزهر، أشار إلى أنه من ضمن حقوق الطفل المعاملة بالرفق واللين والرحمة، مشيرًا إلى أن السنة النبوية حثت على ذلك والرسول أكدها.
وتابع: «عن أبي هريرة، قال: قبّل رسول الله ? الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله ? ثم قال: من لا يَرحم لا يُرحم»، لافتًا إلى أن ذلك الحديث يشدد على الرفق بالأطفال ومعاملتهم بلين.
ولفت إلى أن العنف بات موجودًا على نطاق واسع داخل بيوت كثيرة، لذا كان من الضروري لمثل هذه الحملات؛ للحد منه.
إلى هذا، قال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن حملة «جنة» التي أطلقها المركز الإعلامي للأزهر الشريف تهدف إلى منع تكرار حوادث العنف ضد الأطفال والاعتداء عليهم، خاصة بعد تكرارها مؤخرًا، وذلك من خلال العمل على زيادة الوعي في مجال رعاية الأطفال وحمايتهم من الآثار السلبية الصراعات الأسرية.
وأوضح «المهدي» خلال مداخلة هاتفية مع برنامج «ست الستات»، المذاع على قناة صدى البلد، أن هناك أخطاء كبيرة يرتكبها الآباء والأمهات أثناء تربية أولادهم.
أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، نوه بأن ذلك يتم عندما يلجأون إلى العنف، معتقدين أن ذلك تربية وتقويم للسلوك، لكن هذا التصرف يؤدي إلى نتائج عكسية؛ لأن الطفل يعتبر كائن رقيق وحساس جدًا لأي ممارسة عنيفة.
واعتبر الدكتور محمد المرسي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، الحملة التي أطلقها الأزهر الشريف، خطوة مهمة في السعي نحو التوعية بالقيم والأخلاق التي أصبحت غائبة في المجتمع باعتباره مؤسسة تمثل قيمة دينية وسطية مهمة تؤثر على الأفراد بشكل كبير.
وأضاف «المرسي»، في حديث له، أن الدين له تأثير كبير على تفكير ومعتقدات المجتمع المصري، وتدخل الأزهر الشريف وعلماؤه في هذا الشأن يلعب دورًا مهمًا في توعية المجتمع.
أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، لفت إلى أن هذه المسؤولية لا تقع على الأزهر فقط، بل على المؤسسات التعليمية والثقافية ومؤسسات الأسرة بما يساعد في تعديل السلوكيات والأخلاقيات التي أصبحت شبه منعدمة.
مزيد من التفاصيل