حال أهالي مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين، في العاصمة اللبنانية بيروت، ممن يعيشون على مساحة تضيق بهم وبالوافدين إليه، من حال أهالي معظم المخيمات في البلاد. فالوضع المعيشي الصعب يلقي بثقله على الناس، وكنتيجة للظروف الاستثنائية التي يعيشها لبنان ازدادت الأزمة تفاقماً، ما أثر بشكل مباشر على الفلسطينيين الذين فقد معظمهم أعمالهم.
هذا المخيم يعيش فيه عدد ملحوظ من النازحين السوريين، وكذلك الفلسطينيين الذين نزحوا عن سورية، ويعتبر من المخيمات الأشدّ فقراً، إذ إنّ بنيته التحتية غير صالحة، كما أنّ هناك بيوتاً لا تدخل إليها أشعة الشمس، وهي غير صحية للسكن، كما أنّ هناك بيوتاً لا يصح العيش فيها في أيام الشتاء، فسكان عديدون لا يملكون أغطية تقيهم البرد، أو فرشاً للنوم. ازداد الأمر تفاقماً بعدما شهد لبنان انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، التي ما زالت مستمرة، ما أثر في معظم الناس، أكانوا لبنانيين أو فلسطينيين، إذ إنّ معظم العمال طاولتهم قرارات صرفهم من العمل، أو العمل بدوام جزئي، عدا عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية. ولهذا السبب، فقد باتت نسبة الفقر في المخيم كما يقول بعض المسؤولين نحو 80 في المائة.
وهكذا، وبنتيجة الظروف الصعبة التي يعيشها أهالي المخيم، فقد اجتمعت مجموعة من الشباب على إطلاق حملة للتبرعات التي يمكن أن يحصلوا عليها من أطباء ومهندسين ومقتدرين من أهل المخيم ليقدموا للسكان حصصاً تموينية، وليست بالضرورة تبرعات مالية، بل مواد غذائية.
يقول علي أبو عبد الله: "أنا واحد من مجموعة من الشباب الذين اتفقنا على جمع التبرعات للعائلات المحتاجة من أهل المخيم، وقد أطلقنا على المبادرة اسم حملة أهل الخير، وهي مبادرة فردية، وليست باسم أيّ فصيل، وما دعانا لهذا العمل هو الحس الوطني وواجبنا تجاه أهالي المخيم الذين أنا منهم. هذا القرار أتى في ظل تقصير الفصائل الفلسطينية، والأونروا، فهناك العديد من العائلات التي تعيش في المخيم في أمسّ الحاجة، وليس لديها ما يسدّ حاجتها اليومية، وبعض العائلات الأب فيها عاطل من العمل، ما يعني أنّها لا تتمكن من تأمين أدنى الأشياء التي تحتاجها الأسرة في حياتها اليومية، ولا يستطيع الأب تأمين معيشة عائلته".
يتابع: "بدأنا بزيارة بعض الأشخاص الذين يعتبرون في المخيم من المرتاحين مادياً من أجل التبرعات، وركزنا من ضمن هؤلاء على الأطباء، الذين قصدنا عدداً كبيراً منهم، واللافت أنّ هناك أطباء لبنانيين ساهموا بشكل كبير في تأمين مبلغ ساهم بشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية، والتي تشمل الأرز، والسكر، والزيت، وغيرها من اللوازم الضرورية، لتشمل المساعدات عدداً كبيراً من السكان من دون أيّ تصنيف سوى حاجتهم". يضيف أبو عبد الله: "حملتنا جالت على العيادات في المخيم، واستطاعت جمع تبرعات جيدة. كذلك، جالت على الأشخاص الذين لديهم مصالح في المخيم أو خارجه، بمن فيهم أصحاب مولدات الكهرباء، وغيرهم ممن نعتبرهم من المتمولين الصغار، الذين لديهم محلات وبيوت في المخيم يعملون على تأجيرها". يشير إلى أنّ الحصص الغذائية في ازدياد، لأنّ الهدف تأمين حصص تموينية لأكبر عدد ممكن من العائلات المحتاجة، كما أنّنا بعد إحصاء تلك العائلات نعمل على توزيع الحصص من خلال الذهاب إلى بيوتهم، وعدم إجبارهم على المجيء إلى مركز ما، لتسلّم الحصة الغذائية، وذلك حرصاً على كراماتهم".
بعيداً عن حملة أهل الخير، بادر عدد من المؤسسات إلى تقديم بعض المواد العينية للسكان المحتاجين، لكنّها كانت محدودة ولأشخاص معدودين. كذلك، عملت "جمعية البراعم للإغاثة" بجدّ، على توزيع مساعدات، من دون أيّ تفرقة.
يتابع أبو عبد الله: "مبادرتنا وغيرها تنمّي روح التكاتف بين الناس. نظمنا حملات سابقة مع غيرنا من الجهات، لا سيما مع نزوح فلسطينيي مخيم اليرموك (جنوبي دمشق) إلى مخيم شاتيلا، فعملت المؤسسات على تقديم المساعدات للعائلات، لكن في ذاك الوقت كان هناك دعم من الفصائل. اليوم يختلف الأمر فجمع التبرعات يعتمد على الأفراد، ونحن سنبقى مستمرين في العمل على جمع التبرعات حتى نتمكن من تقديم المساعدات إلى أكبر عدد ممكن من العائلات".
يشير إلى أنّ المبادرة لجأت إلى وسائل التواصل الاجتماعي للترويج: "لست مع فكرة استخدام هذه الوسائل، ولا أهتم بها، لكنّني اكتشفت أنّ استخدامها ساهم في زيادة عدد الأشخاص المتبرعين، وهي نقطة مهمة جداً للحملة".
مزيد من التفاصيل