اعترف جنرال إسرائيلي بأن "مقاتلي حماس وحزب الله أكثر كفاءة من جنودالجيش الإسرائيلي".
وقال بيني عميدرور الخبير العسكري الإسرائيلي، والقائد السابق للعقيدةالقتالية، ومدرب القادة في الجيش الإسرائيلي، في حوار مطول مع صحيفة معاريف،ترجمته "عربي21" إن هذا اعتراف غير مسبوق ضد الجيش الإسرائيلي، ينبغي أنيقلق جميع الإسرائيليين.
وبرر تقديراته بالقول: "مقاتلو هاتين المنظمتين أكثر احترافية منمقاتلينا، خاصة في مجالات التدريبات، فهم أكبر سنا، ويخدمون فترة زمنية أطول منجنودنا، ويجرون مناورات أكثر مما لدينا".
وأضاف الخبير العسكري: "الجنود الإسرائيليون ينشغلون بمهام شرطية فيالمناطق الفلسطينية أكثر منها عسكرية، ومنذ زمن طويل كان يجب نقل هذه المهام إلىحرس الحدود، لأن جنوده ذوي تأهيل أعلى، ومستعدون للمخاطرة بحياتهم أكثر من جنودالجيش الإسرائيلي".
اقرأ أيضا: كشف تفاصيل جديدة عن "صفقة القرن".. نزع سلاح حماس أولا
وأوضح أن "حرب غزة الأخيرة الجرف الصامد 2014 تعتبر الأكثر ازدراء في تاريخالجيش الإسرائيلي، بقيادة وزير الحرب موشيه يعلون ورئيس هيئة الأركان بيني غانتس،لأننا جندنا جميع مكونات الجيش النظامي وعشرة فرق، فضلا عن لواء كافير، للقيامبمهمة واحدة، وهي القضاء على القذائف الصاروخية من غزة، وفي النهاية لم يتم معالجةهذا التهديد، وخلال العملية تم استبدال الهدف بالقضاء على الأنفاق".
وأشار إلى أنه "خلال 50 يوما دخل المسلحون الفلسطينيون مئات الأمتار داخلإسرائيل، ثم عادوا لغزة، ثم كرروا التسلل، لكن النموذج الأكثر تعبيرا عن فشل الجرفالصامد هي معركة الشجاعية، حيث ذهب الجنود دون حماية كافية، جنود يقتلون داخلناقلة جند، وفيما سارت الدبابات إلى الأمام، لكن ناقلة الجند بقيت عالقة أمامالبيت المفخخ، وظلت تتلقى قذائف الآر بي جي، والجيش لم يقم بأي عملية تحقيق أو فحصلما جرى".
وأضاف أن "الجيش فقد خلال حرب غزة 68 جنديا، ويمكن تشبيه أداءالمقاومة الفلسطينية خلال تلك الحرب بـ"لدغات القناص"، وطالما سقط لديناجنود في حرب غزة، فهذا فشل ذريع لقادة الجيش ووزير الحرب، لأن الهدف كان الحيلولةدون وقوع خسائر بشرية في صفوف الجيش، وأي مقارنة بين حرب الأيام الستة 1967، وحربالجرف الصامد 2014، تعطينا استنتاجا واضحا أن مستوى تأهيل الجيش في تراجع".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي فقدا الروحالقتالية، وهي أول مكون في العقيدة العسكرية، في حرب 1948 انتصرنا بجانب الإمكانياتاللوجستية بسبب هذه الروح، وعصابة البالماخ لم تحسب حسابا كثيرا للخسائر البشرية،ولكن في الحروب التالية بدأت الحسابات تزداد لهذه الخسائر بسبب أخطاء القادة،وإخفاقاتهم غير المهنية، ولذلك تحول الجيش الإسرائيلي إلى جيش راكد، وهذه مسئوليةالقيادة العليا".
وتابع: "في حرب الأيام الستة 1967 واجه شارون حملة ضد منطقة أم الكتفالمصرية، وقدر آنذاك قائد الوحدة شابكا غابيش أن الجيش قد يفقد 300 جندي، لكنشارون لم يتردد، ولم يردع، ونفذ الهجوم، وبلغ عدد القتلى 34 جنديا، وفي حرب لبنانالثانية 2006 طلب قائد الجيش دان حالوتس إنجاز المهمة فقط من خلال سلاح الجو، لكنإطلاق الصواريخ من لبنان لم يتوقف حتى اللحظة الأخيرة".
وأشار إلى أن "الجيش الإسرائيلي فشل في حرب لبنان، رغم أن سلاحالطيران فجر منازل لبنانية كاملة من عدة طوابق في الضاحية الجنوبية لحزب الله،وتبين في النهاية أن الطيران لا يحسم المعارك، لأنه في حروب القذائف والأنفاق لابدمن السيطرة على الأرض، واحتلالها".
وأوضح أن "المقولة السائدة في الجيش الإسرائيلي أن عدوه الأساسي الذييواجهه هو العصابات غير الدولانية، خاصة حزب الله وحماس، ويمكن للجيش التصدي لهما،لكن هذا كلام تافه، فقد أثبتت حربا لبنان الثانية والجرف الصامد أن الجيش لم ينجحبالتصدي لهما".
وختم بالقول أن "الهدوء الأمني حاليا مع مصر والأردن ليس مستقرا إلىإشعار آخر، لأن المقصود بحدود السلام أن تتحول هذه الحدود لما يشبه بلجيكاوهولندا، فهل هذا هو ما قائم اليوم، ليس لنا أي سلام مع أي دولة عربية على هذاالنحو، وليس فقط مع مصر والأردن".
اعتراف جنرال مخضرم
أوري ميليشتاين الخبير العسكري الذي أجرى المقابلة المطولة مع الجنرالعميدرور، أوضح أن "هذا الاعتراف لا يُسمع بالعادة بصوت عال في أوساط الجيشالإسرائيلي، أو من قبل خبراء عسكريين إسرائيليين، أو حتى أجانب، لكن هذا الاعترافلا يتردد مرتين عميدرور للإدلاء به، فهو جنرال مخضرم، عمل في صفوف الجيش أكثر منعشرين عاما".
وأضاف أن "عميدرور من عائلة عسكرية بامتياز، فشقيقه الجنرال يعكوبعميدرور الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي، وشقيقته الجنرالة أهوفا يناي، وهو والدالجنرال بوعاز عميدرور قائد وحدة المظليين في حرب لبنان الثانية، مما يكسب اعترافههذا أهمية استثنائية، وقد أصدر عددا من المؤلفات العسكرية الخاصة بالعقيدةالقتالية في الجيش الإسرائيلي، وعمل بجانب عدد كبير من قادة الجيش مثل إيهودباراك، شاؤول موفاز، أهرون زئيفي فركش، يوسي بيلد، أوري ساغيه".
اقرأ أيضا: وزير الاستخبارات الإسرائيلي يهدد باغتيال نصر الله
وأكد ميليشتاين أن الجنرال دورون روبين كتب عن عميدرور أنه "الجنرالالوحيد في الجيش الإسرائيلي الذي يستطيع النظر في عيون باقي القادة العسكريين،ويعلمهم العقيدة القتالية، لأنه فعلا يعتبر معلما لهم، وفي 1989 أهدى أريئيل شارونإليه سيرته الذاتية بعنوان "المقاتل".
كما وجه رئيس أركان الجيش الأسبق غابي اشكنازي كلاما مهما إلى عميدرور،قائلا: "لا أدري إن كان هناك على الكرة الأرضية رجلا خبيرا مثله في العقيدةالقتالية، وخبيرا في الجيوش النظامية الأجنبية، لعله الوحيد في إسرائيل الذي تطرحعليه أي سؤال في العقيدة العسكرية، فيعطيك إجابة عليه على الفور".
وأوضح أن "عميدرور 83 عاما، شارك بجميع حروب إسرائيل ضد الفلسطينيينوالعرب، وبعد حرب 1973 بدأ يكتب مقالات نقدية عن أداء الجيش الإسرائيلي، تحدث فيهاعن أبرز إخفاقاته والثغرات التي وقع فيها في حروبه، مع أن مشكلة المشاكل لدى الجيشالإسرائيلي أنه ليس احترافيا، لكنه يقترب من جيش هواة، لأن خدمته العسكرية ليستمهنة، فالجندي فور انتهاء التجنيد الإجباري ينتقل لمهنة أخرى في عالمهالخاص".
يقول عميدرور إن "بدايات الأخطاء في الجيش الإسرائيلي تعود للمراحلالأولى لتأسيسه، حين دمج أحد قادة الصهيونية السياسية المعاصرين زئيف جابوتنكسي 30ألفا من مقاتلي العصابات الصهيونية في صفوف الجيش البريطاني خلال الحرب العالميةالثانية لمقاتلة الجيش الألماني بقيادة هتلر، وفي مرحلة ثانية تم دمج مقاتلي عصابةالهاغاناه في المنظومة البريطانية تمهيدا للقتال في حرب العام 1948".
وأضاف أنه "كان لدينا آنذاك ذراع لوجستي كبير سمح للجيش بتحقيقانتصاره في تلك الحرب، لكن الجيش في نهاية الحرب اصطدم بوجود الخط الأخضر بسبب خطأارتكبه ديفيد بن غوريون، وبسبب عدم وجود إستراتيجية لدى الجيش الإسرائيلي، الأمرالذي لا زال غير متوفر حتى اليوم، وتكررت الأخطاء في معظم الحروب التي خاضها الجيشفي 1967، 1973، 1982".
وأكد أنه "منذ البدايات الأولى لتأسيس الجيش الإسرائيلي كان التوجهبالاستفادة من النظريات العسكرية السائدة آنذاك للجيوش الأمريكية والكندية والجنوبأفريقية والسوفيتي، مع أن لدينا جنرالات معدودين على الأصابع ممن خاضوا حروبإسرائيل بطريقة احترافية، أبرزهم يغآل ألون وأريئيل شارون".
مزيد من التفاصيل