ما بعد سقوط الكومبين (20) - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > إعلام وثقافة وفنون > صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح وسائل إعلام مسموع ومقروء ومرئى

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    ما بعد سقوط الكومبين (20)


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 15th April 2020, 11:01 PM المستشار الصحفى غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    Field Marshal
     





    المستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud of

    new ما بعد سقوط الكومبين (20)

    أنا : المستشار الصحفى





    لم أكن بحاجة إلى نظرات محمود المحذرة من التمادي مع حسن والتلبيخ في أمه، لأدرك أنني تسرعت فيما قلته، لكني كنت غاضباً من مماطلة حسن طيلة الأسبوع الماضي في إحضار النجار لحل مشكلة باب الحمام، وهو ما اضطرني في كل مرة أستحم فيها لرفع الباب من مستقره على الحائط وإسناده على جزء من الفراغ الذي يفترض أن يملأه، لكي أستحم، لا أقول مطمئناً فقد كان وجود الأبراص كفيلاً بالقضاء على اطمئناني، ولكن لإيهام نفسي بأنني أمتلك قدراً من الخصوصية، يميزني عن العيال الذين يستحمون بلابيص في النوافير، وحين استمعت إلى حسن وهو يتحدث عن ترتيبات زفافه وسفره، شعرت بالخديعة، وأدركت أنه لن يكون هناك نجار ولا تصليح ولا يحزنون، لأن الأقدار ساقتني إلى حسن في الوقت المناسب، فقرر استخدامي لكي يتخلص من تأنيب ضميره له بعدم ترك أمه تعيش لوحدها.

    ومع أنني لم ألبّخ في حسن وأمه بما فيه الكفاية، إلا أن رد فعلي كان ينبغي أن يكون أكثر انضباطاً لكي لا أثير أزمة عاصفة مع حسن، خاصة أن باب الحمام كان مشكلتي الوحيدة مع الشقة التي تزايد ارتياحي إليها، بشكل رآه محمود وناجي غير متسق مع حالتها ومنظرها، لكنني جربت منذ أن سكنتها إحساساً غريباً بالنشوة، حين أفتح باب البلكونة في ساعات العصاري وأدخل إليها ماشياً على ركبتي، خوفاً من السقوط في الشارع، لأترك نفسي لذلك المزيج المدهش من الأصوات المتنافرة الذي لم أجد له مثيلاً في كل ما سكنته من شوارع وأحياء.

    تضاعفت مشاعر ارتياحي للشقة، حين أثبتت الزيارات المتوالية إلى المناطق المحيطة بها، أن حسن كان محقاً في الحديث عن عبقرية مكان الشقة، وما يحيط بها من معالم "لها في القلوب معالم"، وحتى (ميدان الشُّرفا) الذي حدثنا عنه حسن بتفخيم حين جئنا إلى الشقة، ثم اتضح أنه ليس ميداناً كسائر الميادين، بل مجرد جنينة صغيرة مدفونة وسط شارعين ضيقين، إلا أنني وقعت في غرام تلك الجنينة المنبثقة من قلب الطوب والأسمنت، خصوصاً أن أحد البيوت المجاورة لها، ذكرني ببرج بيزا المائل، بسبب ميله الدائم في الفراغ دون أن يقع أو يعتدل، لكنه لم يكن له حظ برج بيزا، لأنه كان مكوناً من أربعة أدوار لم يكن سكانها يشعرون خلال جلوسهم الدائم في بلكونات البيت بأي مشكلة، وقد كان ميدان الشُّرفا وبرج الجيزة المائل بعضاً من التفاصيل المتوالية التي جعلتني أشعر أنني أسكن في مكان عجيب يمتلك طاقة إيجابية سحرية، بدليل أنني بعد ثلاثة أيام فقط من سكني في الشقة، تخليت عن كسلي المستمر الذي دفعني لتأجيل أحلامي بكتابة القصة، ولم أكتب فقط قصة طويلة، بل وعدداً من القصائد، خاصة أنني وقتها كنت في خضم ما كنت أظنه أول تجربة عاطفية في حياتي، ولذلك تعاملت مع الشقة بوصفها (وادي عبقر) الذي يتوقف تحقيق أحلامي الأدبية على السكن فيه والتغاضي عن عيوبه.

    لذلك ولذلك كله، كنت قلقاً من أن تؤدي هبّتي ولوية بوزي في وجه حسن، إلى أزمة تطيح بي من الشقة، خاصة أن حسن حرص بخبث على تذكيري بأن أمه تسكن في شقتها، وأن مسألة بقائه معها من عدمه لا تخصني، لذلك حرصت على أن يخرج المزيد من الكلام من فمي بشكل منضبط ومحسوب، فلا يُفهم منه قلقي من غضب حسن، لأنه سيشتمّ ذلك القلق بغريزته ككلب من كلاب الدروس الخصوصية المدرّبة، وسيستغله لصالحه أسوأ استغلال، ودون أن أهدر فرصة التأكيد على طبيعة علاقتي بأم حسن كما أتصورها، لأنهي أي أحلام قد تراود حسن في أن ألعب دور الونيس أو الجليس لها، وبعد أن أدرت كل هذا في دماغي بسرعة برقيّة، قطعت الصمت الذي طال، فقلت إنني أشكر الأستاذ حسن على لطفه وتفكيره في مستقبلي، لكنني في الحقيقة لست راغباً في السفر بعد التخرج لأنني بدأت العمل الصحفي بالفعل، مضيفاً أنني أبارك له على الشغلانة الجديدة التي أسأل الله أن يتمها عليه وعلى عروسته بخير، لكنني مهتم بالتأكيد على أن ظروفي الدراسية العصيبة واضطراري للجمع بين الدراسة والعمل في الصحافة، ربما يجعلني غير متواجد في الشقة لفترات طويلة، وبالتالي لن أتمكن من أداء أي مهام أو طلبات للحاجّة بعد سفر حسن، مثل إحضار ما تحتاجه من السوق، أو اصطحابها إلى أي مشاوير من أي نوع مثل مشاوير الدكاترة، أو مشاهدة التلفزيون معها حين تحتاج إلى من يؤنسها في وحشة الشقة التي غاب عنها ابنها، مؤكداً على أن السنة الدراسية الثالثة التي أخوضها هي الأصعب على الإطلاق، بسبب وجود عدة مشاريع بحثية يتوقف عليها نجاحي من عدمه، ومع ذلك سأكون سعيداً حين تأتي الأجازة الصيفية في عمل كل ما تطلبه مني ست الكل التي هي في النهاية في مقام أمي.

    تحولت نظرات محمود الزائغة والمتوترة إلى نظرات إعجاب بقدرتي على تحويل دفة الكلام لكي تناسب مصلحتي، خاصة أنه أيضاً لم يكن يحب أن يتورط في مهام أو طلبات تخص أم حسن، أما حسن فقد ظل محتفظاً بنفس مقاس وأبعاد ابتسامته اللزجة التي استقبل بها هبّتي السابقة، وأخذ شفطة كبيرة من كوباية الشاي، ثم مد يده ليكبش حفنة من اللبّ، وحين استفزني صمته فحاولت مواصلة حديثي، رفع يده الممتلئة باللبّ عالياً، متمسكاً بابتسامته اللزجة وهو يقول لي: "وحّد الله بس يا عزيزي"، ومع أن "عزيزي" هذه كانت تَعِدُ بتصعيد ما، إلا أن حسن أعقبها بتأكيده على أنه يقدر كل ما قلته، وأنه يتفهم ظروفي الدراسية، إلا أنه لم ولن يتوقع أو يرجو قيامي بأي أعباء تخص والدته، لأن أخاه وأخته وعداه بأنهما سيتناوبان على زيارتها يومياً، وأنني قد لا أكون رأيتهما خلال الأسبوع الماضي، لأن ظروفاً قهرية منعتهما من المجيئ لزيارة أمهما، لكنهما كانا يزورانها بانتظام قبل ذلك، ومع أنني لم أسأل أصلاً عن أي تفاصيل تخص أخويه وعلاقتهما بأمه، إلا أنه بادر إلى الحديث عن أخيه الذي أوشك على الانتهاء من تشطيب وتجهيز شقته الكبيرة في المقطم، والتي سيفرد فيها غرفة خاصة للأم، ومع أن الحديث عن تشطيب الشقق أعاد إلى ذاكرتي الهجص الذي قاله حسن عن تجهيز شقة الزوجية، إلا أنني وجدت الكلام منطقياً هذه المرة، لأن أي أبناء مهما كان جحودهم وعقوقهم، لن يستسلموا ببساطة لبقاء أمهم وحيدة مع شخص لا يعرفونه، ولذلك سيبادرون إلى استضافتها أو حتى وضعها في دار مسنين، هذه مشكلتهم، وحينها ستخلو الشقة لي، وسأتمكن من تنفيذ ما كنت أحلم به قبل قليل، ولم تكن تلك على أية حال أول ولا آخر مرة يخيب فيها ظني الحسن في الناس.

    لم يطل استبشاري بحديث حسن عن أخويه وزياراتهما المؤكدة لأمه، فقد توقف فجأة عن الإجهاز على ما أتى به من بسبوسة وجوافة ولب، وقال بعد لحظات صمت مربك، إنه آسف جداً، لأنه لم يقل لي الحقيقة كاملة فيما يخص أخويه، وأنه على رأي الفيلم الشهير "بتاع إحسان عبد القدوس وأحمد زكي"، لم يكن يكذب علي أنا ومحمود بل كان يتجمل، لأن الحقيقة مخجلة بالنسبة له، ولذلك حرص على إخفائها عن جميع المقربين منه، باستثناء شريكة حياته، لكنه شعر بخجل أكبر، حين ذكره ضميره أنني بالتأكيد سأعرف الحقيقة، وحينها سأغضب منه وأشعر بالخذلان، وهو أمر لا يرضيه، لأنه يريد أن يكون صريحاً معي من هنا ورايح أياً كان موقفي مما سيقوله.

    كان محمود قد شعر أن هناك توريطة قادمة، فقرر الهروب من نظراتي التي قد تلعنه هو ومَجايَبه السوداء، وأخذ يبحلق في السقف على طريقة معمر القذافي، لأجد نفسي "محدوفاً" في قلب قصة طويلة عريضة حكى فيها حسن عن سعاد أخته الكبرى التي كذب حين قال إنها تأتي لزيارة أمه بانتظام، مع أنها لم تعتب بقدميها هذه الشقة من قبل، بل وتوقفت زياراتها لأمها قبل عامين بعد خلاف حاد مع حسن، وأن أخته لم تهتم بمعرفة المكان الذي يسكن فيه هو وأمه، بعد أن تركا بيت العائلة المتداعي، وكل ما فعلته لإراحة ضميرها، هو القيام بإرسال مبلغ شهري لدعم الأم، تعطيه لأخيه الأوسط جمال والذي يكبره بخمسة أعوام، ومع أنه لم يكن يريد أن يحصل من أخته على مليم، إلا أنه شعر أن قبول المبلغ الشهري يمكن أن يهدئ من غضب أمه عليها، فلا تدعو عليها دعوة لن تدفع سعاد ثمنها، بل سيدفع ثمنها أبناؤها الذين هو في الآخر خالهم، والخال والد، حتى لو كان أولاد أخته ولاد كلب، وبالطبع لم أقل له لا أنا ولا محمود إن قبوله المبلغ الشهري من أخته، يعود إلى نتانته وموته على السحتوت.

    كان سبب خلاف حسن مع سعاد، أنها انحازت إلى زوجها الوسخ، الذي استولى على أموال المرحوم أبيه، وبنى بها عمارة فخمة في شارع الهرم، تسكن سعاد وزوجها وأبناؤها في دور كامل منها. لم يراع زوجها أن الأب ربّاه وكبّره في خيره، وجعله ذراعه الأيمن واستأمنه على حاله وماله، خاصة بعد أن أخذ التعليم العالي ولديه جمال وحسن وأبعدهما عن مهنة الأب الذي أفنى حياته في تجارة الخردة، ولم يكن يحب لأبنائه أن يرثوا شقاء مهنته، فتخرجت سعاد محاسبة، وتخرج حسن مدرساً، وتخرج جمال مراقباً جوياً في مطار القاهرة، ووصل إلى مكانة مرموقة في وظيفته التي تخرب المطارات من غيرها، ومع أن علاقة حسن بأخيه كانت أفضل من علاقته بأخته، إلا أنه صارحني بجملة ما صارحني به، "فأنا مش غريب يعني"، أنه لا زال يشعر بمرارة، لأن جمال لم يتخذ موقفاً حاسماً ضد سعاد التي باركت استيلاء زوجها على أموال وممتلكات الأب التي اتضح أنها لم تكن مقتصرة على مخزن خردة ضخم في السبتية، فقد كان الأب يمتلك كذا مغلق خشب وكذا ورشة نجارة وحدادة وثلاثة مقاهي في مناطق متفرقة من القاهرة والجيزة، وكلها مشروعات كان زوج سعاد هو الذي اقترحها لتوسيع نشاط الأب، ولذلك اعتبرها جزءاً من حقه وعرقه، وقرر وضع يده عليها عقب رحيل الأب المفاجئ.

    أخذ حسن شفطة كبيرة من كوباية الشاي، ثم أطلق زفرة أكبر نبهتني إلى أن وجهه يعرف ملامح أخرى غير الابتسام اللزج، وقال إنه لم يكن يمانع أن يأخذ زوج أخته حقه بالأصول، لكنه للأسف افترى وقرر أن يرمي لجمال وحسن الفتات، فرفض حسن ذلك، وطلب أن يأخذ حقه على داير مليم، وإلا فالله الغني، أما جمال فقد قرر أن يرضى بقليله، ولا يدخل في معركة قضائية مع سعاد وزوجها، وما دفعه إلى ذلك أنه منسحق تماماً تجاه زوجته التي تعمل في وظيفة إدارية مرموقة في مطار القاهرة، وتنتمي إلى عائلة كبيرة من عائلات مصر الجديدة، ولذلك كانت منزعجة دائماً من مهنة الأب وأسلوبه، ولذلك شجعت جمال على أن يأخذ ما يجود به زوج أخته، ليكملا شراء شقة على المحارة في "أنضف حتة في المقطم" التي اعتبرت أن السكن فيها أشيك من العباسية التي دخلت على جمال في إحدى شققها، خاصة أن السكن في المقطم تحول إلى موضة عقب زلزال 1992.

    لم يغضب حسن فقط من موقف أخويه، بل غضبت أيضاً أمه التي رأت أن آخر عنقودها ظُلم ظلماً بيّناً، فحرّمت على نفسها زيارة بيت ابنها وابنتها، لتضغط عليهما، فتواجه سعاد زوجها الحرامي، ويقف جمال مع أخيه ضد سعاد وزوجها، لكن ذلك لم يحدث، وحين آل بيتهم القديم للسقوط عقب الزلزال، أصرت على أن تسكن مع حسن أياً كان مكان السكن الذي تسمح به ظروفه، ورفضت كل رجاءات واقتراحات استضافتها لدى جمال وسعاد اللتين ظلت غاضبة عليهما، لكنها استجابت لتوسلات حسن بألا تدعو عليهما، لأن أي مصيبة تحدث لهما، سيطرطش خراءها في النهاية على حسن وأمه.

    ومع أن الأم بالتأكيد لم تكن ستدعو على ابنيها بجدية، فقد كان مظهرها يوحي بأنها أم طبيعية، حتى لو دعت على ابنها، ستكره من يقول آمين، لكنها شعرت بغصة حين رمت سعاد طوبتها، واكتفت بإرسال مبلغ نقدي لها والاطمئنان عليها من بعيد لبعيد، على عكس جمال الذي استمات في إرضاء أمه، وزيارتها بانتظام، حتى وإن ظلت عابسة في وجهه، ومكتفية بالرد على أسئلته بهز رأسها أو لوي شفتيها، ولذلك سامحته وأخذته على عيبه، وتأثرت حين قال لها فور معرفته باضطرار حسن للسفر، أنه سيزورها بانتظام عقب سفره، حتى ينتهي من تشطيب شقته لتنتقل للسكن معه، وهي سُكنة لن تطول في رأي حسن أكثر من شهور، أو عام على أقصى تقدير، لأنه ينوي بعد الاستقرار مع عروسته، أن يتخذ الإجراءات اللازمة لانتقال أمه لكي تسكن معه، فتحقق حلمها بزيارة جديدة للكعبة وسيدنا النبي، خاصة أنه سيحتاج إليها بعد أن تنجب رحاب أول أبنائهما، لكي تتمكن رحاب من الالتزام بمهام وظيفتها الموعودة، وقد أعادت التفصيلة الأخيرة تذكيري بشخصية حسن، الذي اتضح أنه يخطط لكل شيء، بما فيه الاستفادة من خدمات أمه كمربية في الوقت المناسب، ولا يمانع في تركها قبل ذلك، لتسكن في شقة محدوفة في حارة جيزاوية مع شخص غريب.

    كانت القصة التي حكاها حسن مغرية بطرح عشرات الأسئلة التي كان لساني يأكلني لكي أسألها، لكنني قاومت رغبة السير في رمال إن لم تكن متحركة بشكل مهلك، فلن ينوبني منها إلا العَفَرة ووجع القلب، وقررت أن أقاطع حسن لأطلب الذهاب إلى الحمام، لأختلي بأبراصه قليلاً، وأفكر في الموقف الأمثل الذي ينبغي إعلانه رداً على ما قاله حسن، مع أنني قبل أن أذهب إلى الحمام وبعد أن عدت منه، لم أجد موقفاً أمثل من التمسك بالسكن في الشقة حتى ينتهي العام الدراسي، وأكون قد نجوت من خوازيقه، فأبدأ البحث عن شقة أفضل في أي من الحواري المجاورة التي أحببتها من أول نظرة، وأصبحت أحلم بالعيش فيها بقية عمري، وعندها سيكون على حسن وأخيه حل مشكلة أمهما كما شاءا، ومن يدري ربما استخدم أخوه خبرته في منع تلبيس الطائرات ببعضها، وقام بعقد صلح تاريخي بين أخته وأمه أو أخته وأخيه، فتقرر الأم صيام ثلاثة أيام تكفيراً عن حنثها بقسمها ألا تدخل بيت ابنتها أبداً، أو يصوم زوج الأخت الحرامي، ويعلن ندمه على حلفانه بالطلاق على زوجته لكي لا تدخل بيت أخيها، أو يأخذهم الله جميعاً في داهية، ويتركوا لي الشقة، فلا أضطر إلى الشحططة من جديد وأنا أنقل كتبي إلى شقة جديدة.

    وقبل أن أترك الحمام، وأعود لمواصلة حديث الذكريات مع حسن ومحمود الذي انشغل خلال غيابي القصير بالإجابة على أسئلة حسن المتلاحقة عن أبيه الذي لا يتوقف عن إزعاج الجميع، وأخته رانيا التي لم يعد يراها من زمان، وعن زوجة أبيه التي يسمع عنها كلاماً سلبياً من حماه وزوجته الذين آلمهما إسراع الأب للزواج بعد وفاة شريكة حياته، ترامى إلى مسمعي صوت بكاء مكتوم انبعث من داخل غرفة حسن القريبة من الحمام، وكان واضحاً أنه صوت الأم التي أزعجها بالتأكيد فتح دفاتر العائلة القذرة أمام غريب مثلي، أو حتى أمام نسيب من بعيد مثل محمود، أو لعلها رأت أن ذلك القرار كان ضرورياً لكي يكون سكني معها على بينة، لكن الكلام قلّب عليها المواجع، وذكرها بخيبة أملها في ابنتها البكرية التي رمت أمها رمية الكلاب لتسكن في شقة مستواها أحقر بكثير من المستوى الذي عاشت الأم فيه طيلة حياتها، وبخيبة أملها في ابنها جمال الدلدول الذي كان يمكن لموقفه الحاسم أن يسرع في حل الأزمة، ومن يدري ربما كانت تبكي أيضاً على خيبة أملها في دلوعتها حسن الذي نسي انحيازه لها، وقرر أن يجري وراء أول عظمة رميت له في بلاد النفط، دون أن يحرص قبل ذلك على الإصلاح بين أمه وأخته، لعلها تنقلها للسكن معها في شقة من شقق عمارة الهرم الفخمة، أو يجبرها على ذلك بعد تهديدها بتجريسها وسط الأهل والأقارب، أو أي تصرف كان يمكن أن يتخذه قبل أن يسافر ويثبت لها أنها آخر همه.

    ....

    نكمل الأسبوع القادم بإذن الله.





    مزيد من التفاصيل

     

    الموضوع الأصلي : ما بعد سقوط الكومبين (20)     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : المستشار الصحفى

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    قانون الشركات في بريطانيا: ما المستجدات التي طرأت... أخبار بريطانيا وأيرلندا المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:06 PM
    اللاجئين في بريطانيا يمكن أن يضيفوا المليارات إلى... أخبار بريطانيا وأيرلندا المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:06 PM
    War on Gaza: We were lied into genocide. Al... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:06 PM
    Jordan: Thousands of protesters surround Israeli... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:06 PM
    Mysterious airstrip built on strategic Yemeni... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 04:06 PM

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)


    أدوات الموضوع
    انواع عرض الموضوع

    الانتقال السريع

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]