وسط أنباء صحفية عن عودة نجل رئيس الانقلاب فيمصر ضابط المخابرات محمود عبدالفتاح السيسي إلى عمله بالمخابرات العامة لقيادةملفات هامة، فقد نشر موقع "القاهرة 24" الذي يصفه نشطاء بالمقرب من جهاتأمنية، تقريرا مطولا عنه مفندا بعض الاتهامات التي طالته بالعام 2019.
وعلى خلفية تظاهرات أيلول/ سبتمبر 2019، التيدعا إليها المقاول والمعارض المصري من الخارج محمد علي، ضد السيسي وشهدت حشودا شعبية غاضبة، فقد سادت أنباءعن نقل نجل السيسي من عمله كوكيل للمخابرات العامة للعمل بسفارة مصر في روسيا.
وقدم "القاهرة 24"، مستندا ممهورابتوقيع مدير الكلية الحربية بتاريخ 5 آذار/ مارس 2020، يكشف دفعة تخرج محمودالسيسي، ويذكر رتبته الحالية أنه مقدم بالجيش وليس عميدا، لتكون ترقية نجل السيسيالاستثنائية أول التهم التي حاول التقرير نفيها.
ونفى التقرير الذي جاء بعنوان "مقدم أمعميد.. ضابط أم وكيل؟ محمود السيسي وأوجه الحقيقة الغائبة (انفرادبالتفاصيل)"؛ ما أثير عن تولي نجل السيسي وكالة المخابرات العامة على ألسنةمصادر لم يذكر بعضها.
ولكن المثير أن التقرير كشف عن ارتباط نجلالسيسي بأحداث خطيرة، مشيرا إلى أنه كان وسط ميدان التحرير إبان ثورة يناير 2011،وتعامل مع الثوار بشخصية وهمية وقدم لهم الخدمات، وشارك في ضبط جاسوس بالميدان، مارفع من تقديره بالمخابرات حينها.
والواقعة الأكثر إثارة وهي ذكر التقرير الصحفيأن نجل السيسي، له علاقات واسعة بقبائل شمال سيناء وأنه محبوب بشكل كبير لديهم.
ومن ثم تحدث التقرير عن تواجد محمود السيسي،ودوره بسيناء بفترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي، أثناء حادثة رفح الأولى في آب/أغسطس 2012، والتي راح ضحيتها 16 جنديا مصريا وأحيل على إثرها قائد الجيش ورئيسالأركان المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان للتقاعد، وتولى بعدها السيسي قيادةالجيش.
وحاول التقرير نسب أي اتهامات طالت نجل السيسيبأنها دعاية لجماعة الإخوان المسلمين، فيما وصف نجل السيسي بأنه "كعبأخيل" أو نقطة ضعف أبيه، التي ينتقده أعداؤه من خلالها.
"حتمية توريث الجيل الثاني"
وفي تعليقه، قال رئيس المكتب السياسي للمجلسالثوري المصري الدكتور عمرو عادل: "عندما ينفصل قطاع معين عن الشعب للسيطرةعليه وحكمه وممارسة الاستبداد والسرقة تجاهه؛ تصبح فكرة التوريث من داخل العائلاتوالطبقة المسيطرة حتمية".
اقرأ أيضا: استبعاد قاض مصري شارك بقانون ضد التعذيب من منصب كبير
وأوضح السياسي المصري لـ"عربي21"،أنه "مع الوقت تضيق تلك الطبقة وتتضخم إمكاناتها المادية والسلطوية ويصبحالتراجع مستحيلا إلا تحت ضغط شعبي هائل يهدد وجودها".
وأكد أنه "ولذلك فطبيعي سعي الجميع لتوريثالجيل الثاني، كل ما يتمتعون به من سلطة، وأيضا لحماية أنفسهم من اختراقات شعبيةقد تلغي نفوذهم".
وجزم، ضابط الجيش السابق، بأن "محمودالسيسي وغيره من الجيل الثاني من الطبقة الحاكمة نموذج لذلك.. ونحن نرى هذه الصورة بكل القطاعات المرتبطة بالطبقة الحاكمة، حتى أدنىطبقاتها من ناحية السلطة وهم الفنانون".
وتابع: "لكن مع الصراع الموجود على مراكزالسيطرة الكبرى داخل الطبقة الحاكمة والتي تزداد مع الوقت ومع تمركز السلطةوالثروة تظهر معارضات ما من مراكز قوى داخل النظام".
ويعتقد القيادي بالمجلس الثوري بأن "مايحدث مع محمود السيسي ربما يكون أحد هذه المظاهر، ولكن بالنهاية تحل المشاكلمرحليا بإعادة توزيع النفوذ".
ويرى أيضا أن "دوائر توزيع النفوذ حدثتبالفعل في السنوات الماضية وكان محمود السيسي أحد مظاهرها".
وقال عادل، إن "السؤال الأهم: ما القوةالتي يمكن صنعها لمنازعة هذا القدر الهائل من الاستبداد داخل الطبقة الحاكمة؟ وما الذي يجب أن نفعله ليكون الشعب عنصرا فاعلا بهذا الصراع؟".
وأكد بنهاية حديثه أن "هذا الصراع ليس منأجل مصر ولا شعبها؛ ولكن لإعادة توزيع النفوذ داخل الطبقة الحاكمة".
"يفوق جمال مبارك"
وفي رؤيته قال الباحث والكاتب المصري، سيفالإسلام عيد: "لم تكن الأجهزة الأمنية لتبث تقريرا أمنيا بامتياز كهذا؛ لولاوجود اضطرابات فعلية بالأجهزة الأمنية ممثلة بالمخابرات الحربية والعامة، خاصة أنالتنافس واضح بينهما منذ قدوم السيسي".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى"تقارير صحفية تحدثت قبل أيام عن عودة نجل السيسي للعمل بمصر، وأن وجودهبروسيا ليس كما ادعى موقع (مدى مصر) قبل أشهر بأنه ذهب لتنسيق مخابراتي بينالدولتين".
ولفت عيد، إلى "تقرير سابق لصحيفة(نيويورك تايمز) قال إن محمود السيسي، ذهب للتدريب وإن الإبعاد مؤقت ليتمكن منملفات أكبر".
وأكد أن "المعلومة التي يتداولها أكثر منمصدر، هي عودته لإدارة ملفات أكثر خطورة مثل سيناء، وبشكل آخر في ظل حملة أمنيةجديدة، بجانب الملف الإعلامي المثير للجدل، خاصة مع التغيرات التي حدثت مع موجةتظاهرات سبتمبر 2019".
ويعتقد الباحث السياسي المصري، أن "هذا التقريريثبت عوة محمود السيسي، وفيه تحد للرأي العام والفاعلين والذين تحدثوا عنهبالإعلام، وأصبح أيضا شخصا ظاهرا وليس خفيا".
وأوضح أن الهدف من التقرير وتوقيته هو"تبييض صورة نجل السيسي وإيذان بعودته وتلميع له"، متوقعا أن"يظهر بالإعلام والصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي".
وحول استنساخ تجربة جمال مبارك قال عيد: "ربما يتفوق محمود السيسي على نجل مبارك، الذي كان لديه حزب سياسي وكان شخصا مدنيا، لأن الأول مسؤول في الدولة ويعمل بمفاصلها وأكثر الأجهزة حساسية فيها".
مزيد من التفاصيل