كيف أنسى؟ وكيف لا أنسى؟ - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > إعلام وثقافة وفنون > صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح وسائل إعلام مسموع ومقروء ومرئى

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    كيف أنسى؟ وكيف لا أنسى؟


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 17th September 2020, 09:21 AM المستشار الصحفى غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    Field Marshal
     





    المستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud of

    new كيف أنسى؟ وكيف لا أنسى؟

    أنا : المستشار الصحفى




    الانفجار في مرفأ بيروت أصاب ذاكرتي بجحيم مزدوج، فأنا من جهةٍ لا أريد أن أنسى. ليس فقط لأن المناخ العام يدعو إلى عدم النسيان. أو لأن علبة باندورا الذاكرة التاريخية فُتحت على مصراعيها. بدءاً من تأسيس لبنان منذ مائة عام، وقبله أحياناً، وانتهاء بعشرات السنوات التي مرّت على هذا التأسيس. ليس المناخ فقط الذي رفع شعار "لن ننسى" درعا واقيا من تفلّت من مسؤولية التفجير، ومن محاسبة مرتكبيه. واستنادا إلى تاريخ قريب، صُنعت خلاله كل أنواع الآثام التي اقترفها أولئك المسؤولون، بالاعتماد على نسيانها.

    "لن ننسى" خارج من صدور ما زالت تتألم وتتشرّد وتجوع وتعطش. لم تنتهِ من حِدادها بعد. ليس هذا كله وحسب. إنما أيضاً، لأن التذكّر سهل عليّ. يحضر من دون فرض. من دون صورة أو مشهد أو كلمة. نابع من أعمق الأعماق. عفوي، ميسّر مناله. حاضر على مدار الليل والنهار. ولا شيء في الخارج ينسيني إياه. فإذا خرجتُ... ما أراه من موت واضح للمدينة، بدكاكينها ومقاهيها وطرقاتها. ما ألمسه من وجوه الذين أصادفهم، غرباء كانوا، أو مارّة، أو معارف. ما تبعثه المدينة من روائح اليأس والنفايات.. وفوقهم الحريق الكبير في المرفأ، بعد شهر على انفجاره.. كل هذا لا يساعدني إلا على التذكّر.

    صور التذكّر وملحقاتها كثيفة غزيرة. قوتها في جوهريتها، في تلخيصها البليغ لعجزنا المزْمن

    ثم التذكّر فيه نعمة وجدانية. يعذّبني، فأدخل في وعد الغفران على إثمٍ لم أقترفه. أو نوع من المطهر، بين الجحيم والجنة. على عدم خسارتي عزيزا قريبا. على أن أولادي وأحفادي في الخارج، وقد نجوا بحياتهم ومستقبلهم. على أن بيتي لم يتهدَّم، وزجاجه لم يتناثر في أركانه. خسارتي الوحيدة كانت انتكاسة صحية طفيفة. لذلك لا أريد أن أنسى. أريد أن أبقى على شعوري الأوّلي إزاء هول كارثة الانفجار ومستتبعاته. نوعا من الوفاء. في الانسجام بالتذكّر، ثمّة مازوشية ملحمية. ثمّة رغبة بتعذيب النفس، بغية تطهيرها من ذنب البقاء على قيد الحياة. وثمّة وعدٌ بأن يُحمَل التذكر على أكتاف آلاف السنوات. مثل واقعة كربلاء، الملحمية الأخرى، التذكّر هنا فيه رغبةٌ بتوريث حدث الانفجار إلى أجيالٍ لم تولَد بعد. إلى ما بعد القرون الآتية.

    في هذا النوع من التذكّر إغراء وجداني أيضاً. يعذّب النفس صحيح، لكنه عذابٌ عذْب. يطمئنني، يسكن روحي بوعود العدالة التي ستأتي يوما ما، فتحضر بهجة خافتة، مثل شمعة مضاءة بعيدة وسط ليل حالك، متخيلة، مؤجّلة، غير مؤكدة. ولكنها كافية لتجعلني أتحمّل كل هذا الحزن، كل هذا التذكّر. لذلك تطيب لي الجنازات المتلْفزة. هي الحالة "العقلانية"، المبرّرة المقنعة، لتذكّر الكارثة وترك الدموع تنهمر. أرى الأمهات فيها، يصل صوتي الباطني إليهن، بأنني أنا أيضا مفجوعة، ثكلى، بأن ابنها هو ابني. وكأنني بذلك أقوم بالواجب، بأدنى الواجب. بواجبٍ مستحبّ، ومطلوب.
    التذكّر إغراء وجداني أيضاً. يعذّب النفس صحيح، لكنه عذابٌ عذْب

    ولكنني، من جهة أخرى، أحتاج أن أنسى، فالتذكّر يضع كتلة صلبة غليظة على صدري. يمنعني من التنفّس، ويشوّش عقلي. بعون هذه الكتلة، ترتبك الدنيا في رأسي. ويحضر الضجيج. وألوان الانفجار. كأن الزلزال يحصل الآن. بتفاصيله؛ بالهزّة الأرضية، بالعصف، بالصوت الرهيب، بصريخ الجيران، بدخانه الملوّن، بالصور الأولى الصادرة عن مكانه. فيلم مكرَّر مئات المرّات في النهار الواحد. ومُعاد في الليالي التي حلّ عليها الأرق. التذكّر يثقل جسمي وخطواتي. أمشي ببطء، فحِمل الكتلة الصلبة ليس هيّناً. إنها مرهِقة، سوداء، تفوح منها رائحة الحريق. والتذكّر، بهذا الوزن، بهذه الغَلَظة، يحرمني من حريتي. أو بالأحرى، من حريتَين: حريتي الجسدية، من أن أمشي، أتحرّك، أخرج، أسافر. وحريتي الداخلية، بأن أطلق العنان لتفكيري، أو تخيلي، أو أمنياتي. مثل سجن مطلوب. أو أغلال، تلجم كل حركتي، فيصيبني الهلع الذي يتغلَّب في لحظة واحدة على اللذة المازوشية.
    التذكّر يحيلنا إلى حقيقة المهانة التي نحن فيها. إلى الوهن والانكسار

    ما يفضي بي إلى صميم العجز. عدم النسيان يصيبني بالعجز. لا أستطيع شيئاً. أنا لا شيء. وغيري من المواطنين كذلك، على الأرجح. التذكّر يحيلني إلى حقيقة المهانة التي نحن فيها. إلى الوهن والانكسار. صور التذكّر وملحقاتها كثيفة غزيرة. قوتها في جوهريتها، في تلخيصها البليغ لعجزنا المزْمن. هي تستدعي الذاكرات الأخرى. تبعثها إليّ، تريدني ربما أن أفهم هذا العجز. فتجرّني إلى السؤال القديم، سؤال النهضة العربية: من أية خطيئة سياسية نبدأ لنفهم عجزنا وتأخّرنا العظيمَين؟
    ما يحدث يجرنا إلى السؤال القديم، سؤال النهضة العربية: من أية خطيئة سياسية نبدأ لنفهم عجزنا وتأخّرنا العظيمَين؟

    عند هذا الحدّ، أفتقد إلى سعادتي الداخلية التي تصنعها أبسط المخلوقات، أو النسمات الصيفية، أو الأغاني. أحاول أن أستردّ هذه السعادة، أشتهيها، أبحث عن أسبابها البسيطة هذه. فأستمع إلى الموسيقى، رفيقة دروبي اليومية، فلا أفلح. لا أستطيع أن أتحمّلها أكثر من خمس دقائق. عديمة الفائدة، تلك الموسيقى التي أضفتُ إلى ربرتوارها مقاطع بديعة اكتشفتها في أثناء المشي.. عبثاً أحاول، ولكن كيف لي أن أنجح، وأنا ما زلت مصرّة على عدم نسيان ما جرى؟

    لم أجد جوابا على هذه المعضلة الوجدانية التي أصابتني بعد الانفجار. لماذا هو بالذات؟ ربما لأنه لخص في أقل من دقيقة واحدة، كل ما كان على الذاكرة أن تحفظه من مأساة ومهازِل مستديمة. ومن أسئلة طرحها الانفجار: كيف كنا عائشين قبله؟ لا أعني الثورة التي حصلت قبله بأشهر. ولكن السنوات. على الأقل سنوات ثلاثين بعد انتهاء الحرب الأهلية. وأحيانا السنوات المائة التي بلغها لبنان هذا العام.

    ويبقى السؤال الثاني: كيف لي أن أعيش من دون أن أنطفئ شيئاً فشيئاً، مع هذا الصراع بين الرغبة بالتذكّر والرغبة في عدم التذكّر؟ بين التذكّر من أجل الحياة والنسيان من أجل الحياة أيضا؟ بحثتُ، فوجدتُ نصاً للفيلسوف الإيطالي توما الأكويني (القرن السادس عشر)، يتلخص في تلك الجملة الواحدة: "الزمن الحاضر هو في الواقع ثلاثة أزمنة: الحاضر المعني بالماضي، والحاضر المعني بالحاضر، والحاضر المعني بالمستقبل".




    مزيد من التفاصيل

     

    الموضوع الأصلي : كيف أنسى؟ وكيف لا أنسى؟     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : المستشار الصحفى

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    توغل واسع للفقر في اليمن... ملايين الأسر تحت... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 18th April 2024 01:31 AM
    الأردن: إسرائيل تشن حرب تضليل ضد "أونروا" للقضاء... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 18th April 2024 01:12 AM
    ابنة الغنوشي: والدي رفض الخضوع لطغيان قيس سعيد في... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 18th April 2024 01:12 AM
    سابقة.. لاعب ملقا يبيع قميصه لمشجع مقابل 50 يورو صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 18th April 2024 01:12 AM
    إقالة وزير الخارجية السوداني علي الصادق من منصبه صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 18th April 2024 01:12 AM

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)


    أدوات الموضوع
    انواع عرض الموضوع

    الانتقال السريع

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]