إذا كانت العلوم الاجتماعية - من التاريخ إلى العلوم السياسية مرواً بعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد والأنثروبولوجيا وعلم التربية وغيرها - تقيم مشروعيّتها على مقولة أنها تحاكي من خلال المفاهيم النظريات الواقع، فإن أي تغيّر في هذ الأخير يعني بالضرورة أن تغيّرات في هذه الحقول المعرفية.
هذه الفرضية هي منطلق عمل جماعي صدر مؤخرً بالفرنسية بعنوان "عالم اليوم: العلوم الاجتماعية زمن كوفيد-19"، وهو عمل صدر عن "منشورات سيونس بو" وأشرف عليه ثلاثة باحثين هم: مارك لازار وغيوم بلانتان، وإكزافييه راغو.
يشير التقديم إلى أن الأحداث الكبرى - ومنها الجائحة العالمية - تفرض رؤية العالم من زوايا جديدة، وهي بالتالي تخلق إضاءة على "غير المقكر فيه"، كما تقدّم دعوة ضمنية لتطوير أدوات المعرفة بحيث تصبح قادرة على مواجهة ما كان يعتبر غير مفهوم.
يعتبر الوباء الذي ظهر في لصين نهاية العام الماضي نموذجاً نادراً لـ"حدث عالمي"، حتى أن بعض الباحثين وصفوه بأنه أكثر حضوراً في الأذهان من مرور الكرة الأرضية بحرب عالمية، حيث تظهر العلوم الاجتماعية أنها مالت جميعها نحو التفكير في نقطة واحدة وهو ما لا نجد حدثاً سابقاً عرف نفس الاهتمام حتى تلك الأحداث التي اكتسحت وسائل الإعلام مثل حرب فيتنام أو حروب البلقان بداية التسعينيات أو أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
يُجمع المشاركون في الكتاب على أن جائحة كورونا خلقت طلباً على العلوم الاجتماعية في فترة كان هناك تشكيك فيها خصوصاً منذ إطلاق دعوات التقشّف في الحياة الأكاديمة إثر الأزمة الاقتصادية العالمية منذ 2008، ثم مع صعود تيارات شعبوية لمواقع القرار والتي كانت تجد في البحث العلمي خطراً على توسّعاتها.
من جهة أخرى، يشير الباحثيون أن كثرة المنتج المعرفي حول انعكاسات فيروس كورونا على المجتمعات قد يخلق حالة من الفوضى الفكرية تعيق أي استثمار للأبحاث حولها، وتجعلها بلا معنى وهو ما يدعو الباحثين إلى توحيد الكثير من منهجياتهم ومفاهيمهم.

مزيد من التفاصيل