كانت بداية هذه الشراكة من خلال البرنامج الفني ذي الصبغة السياسية، "لنا مع رابعة"، الذي اقتصر على تقديم حفل وحوار فني في ساحات المحافظات السورية، ضمن موجة البرامج السورية الساعية للدلالة على انتصار النظام وعودة الحياة لطبيعتها. الثاني كان "قصة حلم". برنامج حواري ترفيهي غريب، يبدأ بحوار مع فنان سوري أو لبناني ذي شعبية، قبل أن يقحم فيه قصصاً عن اللاجئين السوريين في لبنان. ثالث هذه البرامج كان "حكايتي" الذي قدمته على "لنا بلاس"، وحولت فيه مسارها تماماً، ليكون برنامجاً حوارياً سياسياً، متخليةً تماماً عن قالب برامج المنوعات الفنية التي اقترن اسمها به.
View this post on Instagram
ورغم أن برامج الزيات السابقة مع "لنا" كانت متخمة بالرسائل السياسية، وتطرح تساؤلات حول العِبَر اللاأخلاقية التي نستخلصها منها، إلا أن كل واحد منها كان يتمتع ببنية واضحة وهوية خاصة مضبوطة بسياق متماسك.
وهذا ما يفتقده برنامجها "شو القصة؟"، فهو لا يمكن تعريفه سوى أنه برنامج حواري، تستضيف فيه الزيات شخصيات من مختلف المجالات، للحديث عن قصصهم الشخصية، بأسلوب أشبه بالتحقيق الجنائي. إذ تلعب الإعلامية دور المحقق الذي يوجه الاتهامات للضيوف.
ويصعب فهم طريقة اختيار ضيوف البرنامج، فحتى اللحظة استضافت الزيات أربع شخصيات، وهم: امرأة متحولة جنسياً، ومدرس جامعي ذكوري متطرف ينادي بتعدد الزوجات وتقييد حرية المرأة رفقة زوجته، ورجل مثلي الجنس، بالإضافة للفنانة الفلسطينية السورية نادين سلامة.
View this post on Instagram
حضور مثليين ومتحولين جنسياً على شاشة سورية يعتبر سابقة ونقلة نوعية في برامج المنوعات السورية، لكن من المعيب وضع هذه الشخصيات في ذات الخانة مع أشخاص ذكوريين متطرفين، والأسوأ أنه قد تم التعاطي مع هوياتهم الجنسية كتُهم وأمراض يجب عرضها لإدانتها ومعالجتها، شأنها بذلك شأن الذكورية وتعدد الزوجات والانحلال الأخلاقي.
وعلى الرغم من استعراض الزيات تعاطفها في بداية كل قصة، إلا أن الأسئلة التي كانت توجهها لضيوفها تبدو كارثية بكل المقاييس؛ سألت ضيفها المثلي إذا كان قد زار طبيباً أو أنه يفكر في تلقي علاج، وأدارت حوارها مع المتحول لتبحث عن إجابة لسؤال واحد: من يجب أن ندين في هذه الحالة؟ المتحول أم عائلته؟ لتؤكد بكل لحظة أنها لا تتقبل هذه الاختلافات في الأشكال والميول. الأسلوب نفسه اتبعته في حوارها مع المدرس الجامعي الذي أطل على الشاشة ليتباهى بتعدد علاقاته، واصطحب زوجته لتعلن رضوخها، فهي استهجنت هذه الحالة أيضاً، لكنها لم تعتبر الذكورية مرضاً، ولم تشِر إلى المشاكل التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة ضمن الحدود الشرعية التي استخدمها ضيفها مرجعاً وحجة. اكتفت بانتقاد مفهوم الخيانة الزوجية، من دون أن تنسى إعلان احترامها لضيفها والطريقة التي يعيش فيها حياته الخاصة، كما أن الحوار لم يخلُ من تقارب وجهات النظر، خصوصاً عند الحديث عن الأدوار الاجتماعية للرجل والمرأة.
View this post on Instagram
أما مقابلة نادين سلامة فبدت مختلفة للغاية من جهة السياق، إذ قسم الحوار فيها إلى شقين رئيسيين: الأول خُصص للحديث عن طفولة الممثلة وحياتها الشخصية ووالدها المعتقل في السجون الإسرائيلية. والثاني للحديث عن دورها في مسلسل "شارع شيكاغو".
ورغم اختلاف البنية، إلا أن الزيات لعبت دور المحقق نفسه، فتعاطت بالشق الأول مع الهوية الفلسطينية كتهمة، وعرّجت خلال المقابلة إلى الحديث عن موجة التطبيع العربية، وأشارت إلى أن الفلسطينيين لا يمكنهم انتقاد أو استهجان تطبيع العلاقات، طالما أن البعض منهم يعيشون في فلسطين أو يزورونها، ويخضعون فيها لقوانين الاحتلال.
View this post on Instagram
وحاولت الزيات إدانة سلامة التي أشارت إلى قيامها بزيارة فلسطين في وقتٍ سابق، واتهامها بالتناقض واللامنطقية، إلى أن أوضحت سلامة الطريق الذي سلكته لفلسطين، من خلال العبور من مصر بطريقة غير شرعية.
عندما وجدت الزيات نفسها غير قادرة على الرد ومجابهة حجج سلامة، حولت الموضوع بشكل كلي لتدخل بالشق الثاني من المقابلة؛ فوضعت سلامة على منصة الإدانة مرة أخرى، وانهالت عليها بالأسئلة والاتهامات الأخلاقية، لتحاكمها على مشاهد القبل في مسلسل "شارع شيكاغو".
أسئلة الزيات بدت في هذه الفقرة غاية في الابتذال، فبدأت بالسؤال عما إذا كانت سلامة تخجل من دورها، وإذا كانت قد فكرت في أولادها عندما مثلت مشهد القبلة. وهكذا، حتى سألتها إن كانت قد شعرت بالإثارة الجنسية عندما قبلّت الممثل وائل رمضان. هنا أنهت سلامة الحوار الذي تمكنت ببعض اللحظات أن ترفع من قيمته بسبب حضورها وطرحها الجريء والصادق لأفكارها.
مزيد من التفاصيل