لا تنتهي المآسي التي يعيشها النازحون في مخيمات الشمال السوري، فقد انجلت العاصفة المطرية وظهر من بعدها جرح كبير وفاجعة حلّت على سكّان الخيام، إنهم عاجزون ضعفاء بلا حول ولا قوة لمواجهة المياه الباردة ودرجات الحرارة المتجمدة في خيامهم الرقيقة الممزقة التي لا تحفظ حتى درجة حرارة أجسادهم، مع غياب وسائل التدفئة.
ثلاثة أيام من الأمطار والرياح كانت كفيلة بالتسبب بأضرار بالغة في هذه المخيمات. وفقاً لإحصائيات صدرت عن فريق "منسقو الاستجابة" اليوم الخميس، ففي 228 مخيماً في مناطق شمال غرب سورية، يقطنها 34876 عائلة، لحقت الأضرار بـ11987 عائلة في هذه المخيمات.
وأوضح الفريق أنّ أهم الخطوات في الوقت الحالي لمساعدة هذه العوائل المنكوبة، "تكمن في العمل على تجفيف الأراضي ضمن المخيمات والتجمعات وسحب المياه بشكل فوري وطرحها في مجاري الأنهار والوديان، وعدم الانتظار حتى يتم جفافها بشكل طبيعي بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية (البساط المائي) في المنطقة، إضافة للبدء بشكل فوري بعد تجفيف المنطقة بإنشاء شبكتي صرف صحي ومطري في أغلب المخيمات والبدء بالمخيمات المتضررة والانتقال تباعاً إلى الأخرى".
ومن الخطوات أيضاً، بحسب الفريق "العمل على إنشاء حفر وخنادق في محيط المخيمات بشكل عام ومحيط كل خيمة بشكل خاص، بحيث توفر تلك الحفر سداً أولياً لامتصاص الصدمة المائية الأولى الناجمة عن الفيضانات. بالإضافة إلى رصف الطرقات ضمن المخيمات والطرق المؤدية لها بحيث تؤمن سهولة خروج العائلات إلى خارج المخيمات المتضررة، والقدرة على عمليات الاستجابة والإخلاء من المنظمات والهيئات الإنسانية".
وناشد الفريق، في بيانه، جميع المنظمات والهيئات الإنسانية المساهمة "تأمين الاحتياجات العاجلة للنازحين والمهجرين ضمن تلك المخيمات، كما الطلب من كافة الفعاليات المختصة في المنظمات والهيئات الإنسانية العمل على تحقيق الاستقرار الأولي للمهجرين والنازحين من خلال العمل على إصلاح الأضرار الناجمة عن الهطولات المطرية، وإصلاح شبكات الصرف الصحي والمطري، والعمل على رصف الطرقات ضمن المخيمات والتجمعات بشكل عام".
وتضررت عدة مخيمات بشكل كبير بسبب الأمطار، وبدأت موجة نزوح منها باتجاه المساجد ومراكز الإيواء، بسبب انخفاض درجات الحرارة والمياه التي مازالت تغمر خيامهم.
وبيّن النازح من ريف حماة الشرقي عثمان أبو خالد (44 عاماً) والمقيم في مخيم كفر عروق شمال غربي إدلب، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ الوضع لا يحتمل في المخيم، خاصة بعد غرق الخيام بالماء، فالمخيم بني في أرض زراعية تتحول لمجرى مائي مع هطول الأمطار بغزارة، والعوائل التي غمرت الأمطار مياه خيامها غادرت المخيم، منها التي لجأت لأقارب لها في مخيمات أو مدن قريبة ومنها التي حاولت نقل الخيمة لمكان آخر لم تصله المياه.
وأكد مصدر إعلامي، لـ"العربي الجديد"، أنّ سكان مخيم الثانوية بالقرب من بلدة حربنوش، اضطروا لمغادرته، كون خيامه مازالت غارقة بالمياه. حيث إنّ المخيم مقام في أرض زراعية، غمرت مياه الأمطار خيام النازحين داخله مع ساعات الفجر أول أمس الثلاثاء، وأجبر نازحو المخيم على حمل ملابسهم فقط، دون أن يتمكنوا من نقل الأغطية والمواد الغذائية التي كانت لديهم في المخيم.
ووفقاً للمصدر، اتجهت كثير من عوائل المخيم لمخيمات قريبة مقامة في مناطق مرتفعة لم تغرق بسبب مياه الأمطار، لتتشارك الخيام مع العوائل النازحة فيها.
من جهة أخرى، أوضح مارك لوكوك وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، في بيان، أمس الأربعاء، أنّ الأمم المتحدة لم تتمكن من المضي قدماً في المهمة الإنسانية الأولى عبر المعابر والتي كان مخططاً لها من دمشق إلى إدلب، حيث لا يزال الطرفان من كلا الجانبين غير قادرين على الاتفاق على تشكيل البعثة.
We will continue to use every opportunity we have to deliver aid to those most in need in Syria.
That will require adequate funding, improved access, and an end to the violence that has tormented Syrians for nearly a decade. https://t.co/mxGMYHSDhO pic.twitter.com/9rlaEXLOhM
— Mark Lowcock (@UNReliefChief) January 20, 2021
وكانت العملية الإنسانية التي نسقتها الأمم المتحدة قد ساعدت 7.6 ملايين شخص شهرياً في المتوسط في جميع أنحاء البلاد في عام 2020. وهذا يمثل زيادة بنحو 20% مقارنة بعام 2019.
مزيد من التفاصيل