نشر التلفزيون الجزائري الرسمي، أمس الأربعاء، مقطع فيديو تضمن اعترافات أثارت جدلا لشخص قال إنه ينتمي لـ "مجموعة إرهابية" كانت تستهدف اختراق الحراك الشعبي، والتحريض على العصيان المدني، وصولا إلى القيام بعمل مسلح لإسقاط النظام.
وفي شريط اطلع عليه "العربي الجديد" على حساب التلفزيون الجزائري بموقع "يوتيوب"، تحت عنوان "الإرهابي (حسن زرقان المدعو أبو الدحداح جليبيب) يكشف عن مخططات لإثارة الفوضى وضرب إستقرار الوطن"، ذكر الأخير أنه التحق بالجماعات المسلحة عام 1994 في جبال الأخضرية، قرب العاصمة الجزائرية.
وزعم أن التنظيم الذي كان ينشط بصفوفه حاول اختراق الحراك الشعبي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، قائلا إنهم هدفهم كان "نشر فكرنا المسلح والجهادي داخل المجتمع الجزائري عبر المدعو أمير ديزاد والعربي زيتوت ومراد دهينة، وكنا نركز عليهم لتحريض الشباب". وهم ناشطون يقيمون على التوالي في باريس ولندن وسويسرا، وينشرون بشكل مستمر فيديوهات تحريضية ووثائق ومعلومات عن الجيش والمسؤولين في الدولة.
وأضاف "كان لدينا اتفاق مع الأسماء المذكورة، للإطاحة بالنظام، من خلال تحريض شباب الحراك على السلمية، رغم أننا نحن لا نؤمن بالسلمية، لكن فقط لاختراقه وتحويله عبر الدعوة لعصيان مدني، ثم يتحول العصيان المدني للعمل المسلح مثل ما حدث في اليمن وسورية، وفي حال تحول الى ثورة نوفر لهم سلاح".
وزعم كذلك أنه أقدم في بداية الحراك الشعبي على "فتح صفحة في تويتر وقد تم متابعتها من قبل الكثيرين، تواصلت مع نشطاء في حركة رشاد (حركة سياسية تضم ناشطين إسلاميين وقيادات في جبهة الإنقاذ المحظور)، ومع أمير ديزاد (اسمه الحقيقي أمير بوخرص)، وكانت لدي قنوات في يوتيوب خصصتها للحراك قمت من خلالها بالتحريض، كما فتحت قنوات في تلغرام بلغ فيها ألفي متابع".
وكشف زرقان أن "الجماعة (الإرهابية) كلفت عددا من الأفراد، منهم أبو عبد الله، وحسين هريدة المدعو أبو موسى، قاموا أيضا بفتح قنوات على يوتيوب حيث كانت لدينا رغبة في إسقاط النظام بكل الوسائل".
واعتقلت قوات الجيش في 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي زرقان في منطقة جيجل، 340 كيلو متر شرقي الجزائر، بعد تطويقه ومحاصرته في منطقة بها غابات.
وتعمدت السلطات بث هذه الاعترافات، تزامنا مع تصاعد الدعوات في الجزائر، لاستئناف مظاهرات الحراك الشعبي عشية الاحتفال بالذكرى الثانية للحراك، خاصة بعد نجاح التعبئة الكبيرة في مظاهرة الثلاثاء في مدينة خراطة شرقي الجزائر.
وتكثف السلطة والمسؤولين في الحكومة في الفترة الأخيرة، نشر تصريحات تتحدث عن وجود خطط لاختراق وزعزعة استقرار البلاد، في ظل تحذيرات من دعوات التظاهر واستغلال الحراك الشعبي.
لكن اللافت أن بث التلفزيون الرسمي لهذا الفيديو، قابلته ردود مستاءة من قبل الجزائريين وسخرية بالغة في مواقع التواصل الاجتماعي، لكون مثل هذه الأساليب في تخويف الجزائريين هي نفسها التي كان يستخدمها النظام في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لمنعهم من التظاهر والخروج الى الشارع للمطالبة بالحقوق السياسية والاجتماعية. كما أن الحراك الشعبي في الجزائر أثبت سلميته على مدار عامين كاملين.
وتباينت الردود والتعليقات بين المنتقدة لما بثه التلفزيون العمومي، وكتب الإعلامي سمير قلالتة في تعليق على حسابه بموقع "فيسبوك": "سيناريو مفضوح .. وإخراج رديء .. في الجزائر الجديدة !!".
وكتب أستاذ الإعلام في جامعة الجزائر رضوان بوجمعة على "فيسبوك": "المنظومة الاعلامية في الجزائر، أكبر تهديد للأمن القومي، تغييرها مسألة مستعجلة لا تنتظر أي تأخير".
وقال الإعلامي أبو طالب شبوب "علمتنا تجربة التسعينات أن النظام لا يتورع عن أي شيء حين يحس بالتهديد"، فيما اقترح الكاتب الصحافي نجيب بلحيمر أن تكون "الأولوية العاجلة للسلطة الآن يجب أن تكون لتشكيل فريق لقراءة التعليقات على فيديو أبو الدحداح على صفحة التلفزيون، فضيحة مستعارة من عصور بائدة".
ونشر عدد كبير جدا من الناشطين تعليقات ساخرة على ما بثه التلفزيون العمومي من اعترافات، واتخذ المعلقون من كنيته "أبو الدحداح"، و"الدحدحة" كلمة مكررة في كل التعاليق، وكتب إبراهيم بن تومي "الفايسبوك يتدحدح".
مزيد من التفاصيل