أمهل محتجو مدينة الناصرية جنوب العراق، الأحد، حكومة مصطفىالكاظمي 72 ساعة لتنفيذ مطالبهم العشرة، ومنها كشف الجهة التي أمرت بقتل المتظاهرين،وإقالة قائد الشرطة، والتحقيق بقضايا الفساد، وكذلك إلغاء التهم الكيدية والاعتقالاتالتعسفية بحق الناشطين.
وخلال اليومين الماضيين، شهدت الناصرية تصاعدا في الاحتجاجاتالشعبية أسفرت عن مقتل 6 متظاهرين وإصابة أكثر من مئتين آخرين جراء إطلاق الرصاص الحيعليهم، فيما حذرت شخصيات سياسية من تداعيات ما يحصل في المدينة على عموم العراق.
سيناريو الإقليم
تصاعد الاحتجاجات في الناصرية مركز محافظة ذي قار جنوب البلاد،اعتبره رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، مقدمة لإعلان إقليم يكون مركزه الناصرية،محذرا من مخططات خارجية.
وقال المالكي في بيان، السبت؛ إن "ما يجري في ذي قارمقدمة لإعلان إقليم يكون مركزه الناصرية المخطط من جهات خارجية دون أن يكون للمتظاهرينعلم بذلك"، داعيا إلى "الانتباه". وأضاف: "وصلنا إلى مرحلة لاالدولة بقيت لها هيبة ولا تحققت مطالب المتظاهرين".
من جهته، أيد المحلل السياسي العراقي وائل الركابي ما ذهبإليه المالكي بالقول: "كان المشروع الخارجي للتآمر على العراق هو في 2014 عندماأرسلوا تنظيم الدولة، لكنهم لم يصلوا إلى محافظات وسط وجنوب البلاد".
وأوضح الركابي في حديث لـ"عربي21" أن "جهاتخارجية (لم يسمها) بدأت بإثارة أبناء هذه المناطق بذرائع شتى، واستغلال التقصير الحكوميبشكل فعلي وحقيقي من عدم قدرتها على تقديم خدمات، ما أدى إلى خروج طبقة وشريحة من المجتمعفي مظاهرات".
ولفت إلى أن "جهات استغلت هذه المظاهرات السلمية واستطاعواإيجاد مجاميع، سواء من العشائر أو المنظمات الإنسانية والشخصيات المؤثرة من النخبة الشعبية،ليؤسسوا كما فعلوا في اليمن عملية فرز عشائري، حتى تسيطر كل عشيرة على منطقة".
وأردف الركابي قائلا: "على ضوء ذلك، من ثم إما الاقتتالأو الاتفاق على إقامة إقليم لهم، وهذا المشروع وارد وخطير جدا أن تكون الناصرية منطلقا له، لذلك يجب التعاطي معه بحزم وعدم الاستهانة به".
وفي المقابل، رأى الخبير السياسي والقانوني طارق حرب لـ"عربي21"، أن "من ردد موضوع الإقليم أراد أن يبعد الأنظار عنه، بمعنى أن الأحزاب السياسيةالتي عبثت بمقدرات العراق، والناصرية على وجه الخصوص، قالت إن هناك اتجاها نحو الإقليم،وهذا لم يطرحه أحد من أهالي المحافظة".
ولفت حرب إلى أن "الجهات التي طرحت هذا الموضوع (الإقليم)أرادت توجيه الأنظار بعيدا عنها، على اعتبار أن الاحتجاجات التي تحصل ليست ضد الأحزابالفاسدة -أي لسنا نحن المقصودين- في حين أنهم هم المقصودون، والسبب فيما يحصل من احتجاجات".
تصعيد وارد
وبخصوص مدى تصاعد الاحتجاجات وامتدادها إلى محافظات أخرىوسط البلاد وجنوبها، توقع الركابي أن "تشهد الأيام المقبلة تصعيدا في المظاهرات؛ لأن الدعم الخارجي موجود ويريد خلق اقتتال شيعي- شيعي، وربما يمتد إلى محافظات أخرىويصل إلى بغداد في المرحلة الأخيرة، وهذا كله متوقع في عام 2021".
ونوه الركابي إلى أن "واحدة من القضايا المتوقعة لتداعياتهذه الاحتجاجات، هو تأجيل الانتخابات المبكرة المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر، بسبب الوضع الأمني الذي تمربه المحافظات".
ودعا الركابي إلى أن "تتسم مطالب المتظاهرين بشيء منالعقلانية، لا أن تحدد مسارات الدولة من مجاميع ربما تجهل العمل السياسي والإداري،فنحن مع المتظاهرين على أن يكون خروجهم بعيدا عن تقديم خدمة للطرف الآخر ويخدم المشروعالخارجي".
وفي السياق، قال الخبير السياسي طارق حرب؛ إن "المتظاهرينوصلوا إلى مبتغاهم بإنهاء خدمة المحافظ السابق وهذه مسألة كبيرة، لكن الشيء المعقدفي حالات التظاهر هذه في العراق، هو وجود قيادات متعددة، فربما تجد ألف شخص يقولون:أنا أمثّل المتظاهرين".
واستبعد حرب ازدياد وتيرة المظاهرات أو امتدادها إلى محافظاتأخرى في الوسط والجنوب؛ لأن من خرج قبل أيام في النجف أو كربلاء لم يزد عددهم على15 شخصا، وذلك يعني أن التأثير في مدن أخرى شبه منعدم.
كما استبعد "نهائيا" أن يؤثر ما يجري في الناصريةعلى الانتخابات البرلمانية المبكرة، والأمل الموجود هو أن عبد الغني الأسدية -الذيتسلم إدارة المحافظة حاليا بتكليف من الكاظمي- هو رجل عسكري من أبناء المدينة، وبإمكانهأن يصل إلى شيء معين مع المتظاهرين.
وحول بقاء الاحتجاجات مستمرة في الناصرية دون غيرها، قالحرب؛ إن "الناصرية بطبيعتها عصية وتختلف كسكان ومنطقة عن غيرها من محافظات الوسطوالجنوب كليا، لذلك من الصعوبة بمكان ضبطها، وحتى بالتاريخ الحديث لها اعتبار معين،كونها قاومت الإنجليز".
إجراءات حكومية
على ضوء تطورات الناصرية، وجه رئيس الوزراء، مصطفى الكاظميبتشكيل لجنة تحقيقية عليا برئاسة الفريق الركن باسم الطائي، وتتكون من أعضاء من الجيشوالاستخبارات والأمن الوطني للوصول إلى حقيقة ما جرى في الأيام الأخيرة في الناصرية،ويمنحهم أسبوعا واحدا لكشف الحقائق.
وبحسب بيان المكتب الإعلامي للكاظمي، الأحد، فإن قرار تغييرمحافظ ذي قار متخذ منذ أشهر، مشيرا إلى وجود نوع من "التجاذب السياسي" فيمحافظة ذي قار؛ لذلك يجب أن نحل قضية منصب المحافظ.
ولفت إلى أن قرار إقالة المحافظ اتخذ لكي "نبعث رسالةإلى أهلنا في ذي قار بأننا جادون في تحقيق الحلول، وأتمنى من كل الأطراف والفعالياتالاجتماعية والسياسية والعشائرية والنشطاء التعاون مع الفريق عبد الغني الأسدي".
ومن ضمن الإجراءات التي تحدث عنها رئيس الوزراء العراقي"تشكيل مجلس استشاري من تسع شخصيات من أهالي الناصرية، مشهود لهم بالكفاءة والنزاهةوالخبرة، ويكون المجلس مرتبطا بي شخصيا، أتابع من خلالهم احتياجات المحافظة ودعم المحافظالجديد".
وأوضح الكاظمي أنه طلب من عبد الغني الأسدي التواصل مع المتظاهرينوشيوخ العشائر والوجهاء والفعاليات الاجتماعية والسياسية والنخب في الناصرية، ليطرحوامجموعة أسماء مرشحين لمنصب المحافظ، وقال: "طلبنا خمسة أسماء نناقشها في مجلسالوزراء ونختار أحدها".
وتابع: "أنا جئت في وضع عصيب لأوقف حمام الدم وأوقفمخططات تقسيم العراق، وأحمي البلد من نتائج التناحر الأمريكي - الإيراني على أرض العراق، ومن نتائج تناحر الإخوة بعضهم مع بعض وصراعهم، ثم أغادر وأسلم الأمانة لمن تجلبه الانتخاباتالعادلة".
اقرأ أيضا: نشطاء "ذي قار" العراقية يمهلون الحكومة لتنفيذ 10 مطالب
مزيد من التفاصيل