أثار احتفال نقل موميات ملوك وملكات الفراعنة الذي نظم مؤخرا، جدلاكبيرا بين المصريين، ما بين مؤيد له باعتباره واجهة لمصر ودعاية للسياحة المصرية، وتأكيدعلى دور مصر التاريخي والثقافي، وما ببن رافض لهذه الصورة من البذخ والإنفاق، في ظلمعاناة المواطن اليومية.
وفي هذا السياق طالب عدد من السياسيين والحقوقيين بضرورة إعادة توظيفمثل هذه النفقات في تخفيف معاناة المصريين، وأكدوا في تصريحات لـ"عربي??" أنه كان من الأولى الاحتفال بالإفراج عن المعتقلين وذويهم، بدلا من المبالغةفي حفل نقل هذه الموميات، رغم تفهم بعضهم لما جرى ومساهمته في تنشيط السياحة التي تعرضتلأزمة حقيقية مؤخرا.
وفي سياق تعليقه أبدى عضو جبهة الإنقاذ سابقا والناشط السياسي مجديحمدان تفهمه لهذا الحدث للدولة المصرية في هذا التوقيت، خاصة بعد أزمة السياحة عقبانتشار فيروس كورونا. لكنه في المقابل أكد في حديثه لـ"عربي??" أن هناك أولوياتملحة كان يجب الالتفات لها، وهي التخفيف من الأعباء على المصريين، خاصة الأزمات الأخيرةولو بشكل بسيط في ظل ظروف قاسية تواجه المواطن المصري بشكل يومي.
وبخصوص الربط بين هذا الاحتفال وملف الإفراج عن المعتقلين قال حمدان:"كنت أتمنى الإفراج عن المعتقلين في احتفالية كبيرة موازية لهذه الاحتفالية".
وفي نهاية حديثه قال إن مصر مطالبة بتصدير مشهد من هذا القبيل في هذهالمناسبة، مؤكدا أن افتتاح طريق الكباش والمتحف الكبير يجب أن يصدر بشكل طيب وقوي للخارج،لأن مثل هذه المتاحف وهذه الآثار هي ملك الشعب المصري وستبقى كذلك ويذهب الحكام، وتظلمصدرا مهما من مصادر الدخل، مع مراعاة أنه يجب أن تكون تكلفة هذه الاحتفاليات تطوعيةوتبرعات وليست من مال الشعب.
"أدوات للإلهاء السياسي"
أما رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"مصطفى خضري فيرى أن حفل افتتاح متحف الحضارة هو أحد أدوات الإلهاء السياسي التي يستخدمهانظام السيسي بشكل دوري؛ وذلك لإعادة توجيه الرأي العام الداخلي بعيدا عن الأزمات التيتسبب فيها النظام عن عمد أو عن فشل.
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "ذلك النظام الذي لم يبخلعلى تلك البروباجندا بملايين الدولارات؛ تسبب قبل أيام في كارثة عالمية بتوقف الملاحةفي قناة السويس لستة أيام متتالية نتيجة لعدم شرائه لقاطرة حديثة تساعد في تسيير السفنالعالقة في القناة، وقبلها وبسبب رفض نظام السيسي الصرف على تطوير السكك الحديدية؛كانت كارثة قطار سوهاج الذي خلف عشرات الشهداء ومئات المصابين كأحد الحوادث الدوريةفي الفترة الأخيرة".
وحول عما إذا كانت الآثار الفرعونية أحد مصادر الدخل السياحي يبرر كلما جرى قال خضري: "لا يوجد مخطط اقتصادي رشيد في نظام السيسي؛ ولا يوجد برامجاستثمارية وزمنية للأحداث الاقتصادية في مصر بما يحقق الاستفادة المثلى على المستويينالداخلي والخارجي، فالمهم عند رجال الجنرال السيسي؛ هو صناعة بروباجندة زائفة تحققله حالة العظمة التي ينشدها، خاصة بعد أن سحبت الأجهزة السيادية بعض الملفات الهامةكماء النيل والحدود البحرية والقضية الفلسطينية والصراع الليبي من يده، وذلك بعد تسببهفي كوارث سياسية واستراتيجية سيدفعها المصريون بكل أطيافهم".
"حقوق الإنسان وكرامته أساس الدولة"
من جهته قال الباحث الحقوقي أحمد العطار: "مما لا شك به أن الاعتمادعلى السياحة باعتباره واحدا من أهم أركان الدخل القومي للدولة المصرية شيء مهم، بالتاليمن الطبيعي والمنطقي قيام الدولة المصرية بالاهتمام بالتاريخ والآثار الفرعونية، ولكنعلينا أن نتذكر أن المواطن المصري هو أساس الدولة و بدونه تنهار الدولة وبدون حصولهعلى حقوقه وحريته ينهار أحد أهم أسس الدولة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي??": " في المقابل فإن استخدامالدولة المصرية الأسلوب القمعي في التعامل مع المواطنين، وجعل الخوف والرعب والاعتقالهما أساس علاقة النظام بالمواطنين، يساعد وبشكل كبير على انهيارها حتى ولو أنفقت الدولةالملايين من أجل تحسين صورتها والدعاية لقيم لا أساس لها على الواقع".
كما انتقد عدد من الكتاب والفنانين هذه الاحتفالية.
وقال الكاتب الصحفي جمال سلطان: "سخاء مع الموتى وبخل مع الأحياء".
وفي تغريده لها بعنوان "موكب المومياوات" قالت الكاتبة الصحفيةمي عزام إنها تتمنى أن ترى في مصر الاحتفاء بحقوق الأحياء أيضًا.
أما الفنان عمرو واكد فقال في تغريده له: "بالنسبة لي مش هينسينيإنه ما زال هناك معتقلون بسبب آرائهم السياسية".
اقرأ أيضا: داعية مصري يعلق على موكب المومياوات ويثير جدلا
مزيد من التفاصيل