طالبت نقابات صحية ومؤسسات حقوقية فلسطينية، اليوم السبت، بضرورة تشكيل لجنة تحقيق حول صفقة تبادل فلسطينية إسرائيلية بشأن لقاحات فايزر، التي سبق للحكومة الفلسطينية الإعلان عنها أمس الجمعة، ثم إلغائها بعد ساعات وإعادة الدفعة الأولى منها لإسرائيل، بعد أن تبين أنها غير مطابقة للمواصفات.
كما توجد مطالبات شعبية وإعلامية بضرورة إطلاع المجتمع والرأي العام على نصّ اتفاقية اللقاحات ومعرفة من هي الجهة التي قامت بهذه الصفقة.
في هذه الأثناء، قالت النقابات الصحية الفلسطينية، في بيان صحافي، إنّ "ما تمّ بخصوص هذه الشحنة لهو أمر غريب ومستهجنن وفيه تأويلات تحتاج لتوضيح أكثر من مجرد مؤتمر صحافي مرتبك، زاد الشكوك حول هذه الصفقة وزاد الشبهات والتساؤلات حولها".
ودعت النقابات الصحية الرئيس محمود عباس إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لبحث حيثيات هذه الصفقة، ووضع تقرير هذه اللجنة أمام الشعب الفلسطيني، للنزاهة والشفافية ومحاسبة المقصرين، إن وجد تقصير، وتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن تبعات هذه الصفقة التي تهدف للمسّ بالأمن الصحي للشعب الفلسطيني، داعية أبناء الشعب الفلسطيني إلى الاستمرار بالمطالبة بالتحقيق في هذه الصفقة التي تمس حياته وعدم تمريرها أو السكوت عليها.
من جهته، طالب الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، في بيان صحافي وصلت نسخة عنه إلى "العربي الجديد"، الجهات الرسمية بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، وبمشاركة ممثلين عن المجتمع المدني، للتحقيق في حيثيات هذه الصفقة، وطالب بنشر كافة المعلومات المتعلقة بإدارة الشأن والمال العام، وبشكل خاص إدارة توفير وتوزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، فيما أبدى "أمان" تخوفه من أثر ما دار حول صفقة اللقاحات على مدى ثقة المواطنين بعملية إدارة اللقاح عموماً، وعلى عملية إقبال المواطنين على تلقيه.
وقال "أمان": "تظهر صفقة تبادل اللقاحات مع سلطات الاحتلال من جديد ضعف الشفافية في إدارة الشأن العام بشكل عام، وفي إدارة جائحة فيروس كورونا بشكل خاص".
وتابع الائتلاف: "من غير المنطق أن يكون مصدر المعلومات الأول في قضية هامة تتعلق بصحة المواطنين الفلسطينيين هو الاحتلال، إذ إنّ المسؤولية تحتم على الحكومة الفلسطينية، متمثلة بوزارة الصحة، القيام بالإعلان عن تفاصيل الصفقة قبل إبرامها تعزيزاً لمبدأ الشفافية".
وأشار "أمان" إلى أنه طالب منذ بدء جائحة كورونا بضرورة تعزيز الشفافية خلال فترة الطوارئ، باعتبارها أحد أهم أدوات تحصين عملية إدارة توفير وتوزيع اللقاح من أية تجاوزات أو استغلال، وذلك بنشر تفاصيل جميع التعاقدات والصفقات التي تتم بين الحكومات والموردين عموماً، وموردي اللقاح خصوصاً، إلاّ أن هذا الأمر ما زال يعاني من ضعف نشر المعلومات حتى الآن.
وشدد "أمان" على ضرورة الإعلان عن الإجراءات التي ستتخذ بحق أي مسؤول أهمل التحقق من سلامة الصفقة، وقال: "عهدنا مراراً وتكراراً سوء نوايا الاحتلال اتجاه حياة الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال التأكد من أنّ الطاقم المشرف على الصفقة قد قام بالعناية الواجبة لفحص سلامة وحدود تاريخ انتهاء اللقاحات في المخازن الإسرائيلية، علماً أن المعلومات العامة، التي نشرت مسبقاً من قبل سلطات الاحتلال، تؤكد أنّ اللقاحات تنتهي صلاحيتها خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري".
وحمّل "أمان" شركة فايزر، الوسيط في هذه الصفقة، المسؤولية عن هذا الخلل "إنّ شركة فايزر أيضاً تعلم بقرب انتهاء اللقاحات الإسرائيلية، فلماذا أوصت بعقد هذه الصفقة، بالرغم من أنها مطالبة بتقديم العناية الواجبة لضمان سلامة اللقاحات".
وتابع أمان: "كما يتحمل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الأكبر، الذي رفض تقديم اللقاحات للفلسطينيين في مرحلة اشتداد الأزمة وانتشار الوباء، بينما يوافق الآن على عملية تبادل في وقت أوشكت صلاحيتها فيه على الانتهاء، مقابل لقاحات جديدة كانت سترسلها شركة فايزر للفلسطينيين بشهر سبتمبر/ أيلول المقبل".
وتأتي هذه المطالبات في ظلّ ما يتردد عن أنّ هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، التي يرأسها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، هي من أبرمت الاتفاق، لكن الشيخ نفى في تغريدة له على موقع "تويتر" هذه الأنباء.
وقال الشيخ في تغريدته: "ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن موضوع اللقاح من إسرائيل عارٍ عن الصحة تماماً، وهو تصيّد بالمياه العكرة، ولا علاقة للشؤون المدنية بهذا الملف وليس من صلاحياتها، ونأمل من وسائل الإعلام توخي الدقة قبل نشر أي خبر يتعلق بعمل الشؤون المدنية".
ورغم تأكيدات الشيخ حول عدم علاقة الهيئة بملف اللقاحات، إلاّ أنّ الهيئة نشرت خبراً في العاشر من الشهر الجاري، على صفحتها الرسمية، حول زيارة الشيخ لوزيرة الصحة مي الكيلة، في مقر وزارة الصحة في مدينة رام الله، وأنه تم الحديث عن مستجدات ملف كوفيد-19 وعن عملية توفير المزيد من اللقاحات للشعب الفلسطيني.
وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية إبراهيم ملحم أكّد، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة مساء الجمعة، إلغاء الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي حول تبادل اللقاح وإعادة الكمية التي تمّ استلامها، الجمعة، إلى إسرائيل، "حيث رفضت الحكومة الفلسطينية تلقي لقاحات تشارف صلاحيتها على الانتهاء".
وأشارت وزيرة الصحة مي الكيلة، في كلمة لها، إلى أنه "جرى إبرام اتفاق لعقد صفقة تبادل مليون جرعة من اللقاح موجودة لدى إسرائيل، مقابل أن تستردها هذه الأخيرة حين وصول حصتنا التي تم التعاقد عليها نهاية العام الجاري، بإشراف من شركة (فايزر). لكن حين وصول الدفعة الأولى من الجانب الإسرائيلي، تبيّن عدم مطابقتها للمواصفات الفنية، وألغيت هذه الصفقة".
مزيد من التفاصيل