تستضيف العاصمة الألمانية برلين، يوم غد الأربعاء،
قمة دولية حول الملف الليبي على مستوى وزراء الخارجية، تناقش عدة ملفات، من أبرزها ضمان إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المقرّر في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وإجلاء
المرتزقة والقوات الأجنبية.
وإضافة إلى الدول المعنية بليبيا، والتي شاركت في القمة الأولى، في يناير/كانون الثاني العام الماضي، تشارك ليبيا في القمة الحالية لأول مرة، من خلال وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، التي أجرت عدة زيارات ولقاءات مع نظرائها في العديد من الدول، آخرها في القاهرة، التي التقت فيها أيضاً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ووفقاً لمصادر مقربة من وزارة الخارجية الليبية، ستحمل حقيبة المنقوش رؤية حكومتها الخاصة للوضع في البلاد، مؤكدة أن الإحاطة التي ستقدمها ستتركز حول ملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، والحدّ من تأثير التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، كونها أقصر الطرق لإنجاح العملية السياسية.
وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ الرؤية الليبية ستتضمن أيضاً مضمون تقارير اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، بشأن استحالة تطبيق بنود الاتفاق العسكري الموقّع، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، من دون إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، مؤكدة أن تلك الرؤية التي تركز على هذا الجانب، ناقشتها المنقوش مع كل المسؤولين الذين التقتهم في جولاتها الأخيرة.
ووفقاً لبيانات وزارة الخارجية الألمانية، فإنّ المشاركين في القمة "سيناقشون التقدم المحرز في العملية السياسية منذ انعقاد مؤتمر برلين الأول في العام الماضي"، لكن أطرافاً خارجية يبدو أنها سعت لاستباق نتائج القمة لتوتير الوضع في ليبيا، بحسب الباحث الليبي في العلاقات الدولية مصطفى البرق.
ويشير البرق، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ حراك اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكري نحو الجنوب، وتعثر فتح الطريق الساحلي، وعرقلة التوصل إلى قاعدة دستورية للانتخابات المقبلة، علاوة على امتناع مجلس النواب عن اعتماد الميزانية للحكومة، كلها من ملامح توتير الوضع.
وبعد إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق وغرب البلاد، الأحد الماضي، عرقل أعضاء الوفد الممثل لحفتر في لجنة 5 + 5، خلال اجتماعها الخامس بمدينة سرت، أمس الاثنين، الخطوة، بل واتهم المتحدث الرسمي باسم قيادة مليشيات حفتر، أحمد المسماري، بأنّ ظهور الدبيبة للمشاركة في إزالة السواتر الترابية بالطريق الساحلي، مهرجان "مدفوع الثمن"، في تصعيد جديد ضمن مواقف قيادة حفتر تجاه الحكومة.
وكلها مساعٍ تجاوزها الوقت، وإن وقفت وراءها ودعمتها دول كبرى كروسيا، أو حضرت خلالها دولة كالإمارات، بحسب رأي البرق، الذي قال إنّ "المجتمع الدولي مصرّ على تنفيذ خطة على مراحل لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية"، معتبراً أنّ "الانخراط الأميركي الكبير، وعلى مستوى عالٍ، يشير إلى رغبة دولية لحسم ملف المرتزقة".
ويلفت البرق إلى العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابة، "مثل هل ستقبل الدول الأفريقية برجوع المرتزقة الذين قاتلوا في صفوف حفتر؟ وهل ستصنف فاغنر الروسية ضمن القوات الأجنبية؟ وماذا عن سلاح المرتزقة الأفارقة، هل سيعود معهم؟ وإذا تقرر تجريدهم من السلاح، من سيشرف على ذلك؟ وماذا عن القوات التركية التي تتواجد وفق اتفاق رسمي وشرعي؟"، مؤكداً أن لقاءً دولياً على هذا المستوى من المؤكد أنه وضع تصورات للإجابة عن كل هذه الأسئلة، وأن إجلاء المرتزقة والقوات الأجنبية سيمرّ بمراحل لضمان المغادرة السلسة من دون إضرار الدول المتدخلة بمصالح بعضها البعض.
أما الباحثة الليبية في الشأن السياسي هنية فحيمة، فلا ترى أن القمة ستفاجئ الرأي العام بأي جديد، قائلة إنّ "مجموع نتائج الزيارات واللقاءات الدولية يوضح رغبة دولية في حسم ملف المرتزقة والقوات الأجنبية، وهو ملف تتعامل معه تلك الدول بحسب مصالحها". وأضافت: "قبل أيام، زار وزير الدفاع التركي (خلوصي أكار) فرقاطة تركية قبالة طرابلس، وأكد أن قوات بلاده ليست أجنبية، و"فاغنر" لا تعترف روسيا بوجودهم، والدول الأفريقية لن تقبل بأفراد حركات التمرد، فكيف سيتم حسم الملف من دون مراعاة مصالح الكبار والمتدخلين؟".
وتضيف فحيمة: "حفتر تحرك نحو الجنوب، ما يعني أنه يتحرك في وسط مجموعات المرتزقة الأجانب، فلماذا لا يساءل على هذا، ولا يعلن المجتمع الدولي أنه من جلب المرتزقة ومن يحميهم ويطرد من خرج عن سيطرته، منهم"، مشيرة إلى أن سياسة المجتمع الدولي تجاه ملفات الأزمة الليبية "لا تزال غير واضحة".
وتعبّر فحيمة عن تفاؤلها في حال نجحت القمة في تثبيت وقف إطلاق النار، والحيلولة دون تفجر الأوضاع مجدداً في البلاد.
مزيد من التفاصيل