قالتصحيفة "نيويورك تايمز" إن الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن يواجه تيارات متداخلةبكثافة فيما يتعلق بالسياسة تجاه إيران.
وأشارتفي تقرير ترجمته "عربي21" إلى أن الغارات الجوية التي أمر بها بايدن ضد ميليشياتشيعية في العراق وسوريا تكشف عن ضرورة التحرك بين استخدام القوة والدبلوماسية كي يستطيعإحياء الملف النووي مع طهران.
فهوبحاجة لأن يظهر استعداده لاستخدام القوة لحماية المصالح الأمريكية وفي الوقت نفسه الحفاظعلى الاتصالات الدبلوماسية الهشة حيث يحاول البلدان التفاوض للعودة إلى الاتفاقية النوويةعام 2015 التي حدت من البرنامج النووي الإيراني.
ويؤكدالمسؤولون الأمريكيون في تصريحاتهم العامة أن الملفين منفصلان. وقال بايدن، الاثنين،إنه تصرف بناء على الصلاحية الدستورية لحماية القوات الأمريكية وشن غارات جوية علىمواقع تستخدم لشن طائرات بدون طيار على القوات الأمريكية في العراق.
وقالالمسؤولون الأمريكيون إن الغارات يجب ألا تؤثر على الدفعة الأخيرة لعودة البلدين للالتزامبالمعاهدة النووية.
وبالنسبةللإيرانيين فالزحف نحو امتلاك القدرات النووية هو جزء من محاولة تأكيد إيران كقوة يحسبلها حساب في الشرق الأوسط وأبعد منه.
وعززتإيران ترسانتها من الطائرات بدون طيار الدقيقة والصواريخ الباليتسية طويلة الأمد والقدراتالعالية في الحرب الإلكترونية والتي كانت كلها بعيدا عن قدراتها وقت توقيع الاتفاقيةفي 2015.
وجزءمن هدف بايدن إحياء الاتفاق النووي هو استخدامه كخطوة أولى من أجل الضغط على إيرانكي تعالج الموضوعات الأخرى، مثل دعمها للحركات الإرهابية في المنطقة وتوسعتها لترسانتهاالعسكرية. وعلى هذه الجبهة، فالغارات التي أمر بها الرئيس يوم الأحد ونفذتها المقاتلاتالأمريكية صباح الاثنين ليس من المتوقع أن تكون إلا نكسة مؤقتة لإيران، بل وهي مرشحةللتصعيد، ففي نهاية يوم الاثنين اتهمت الميلشيات التي تدعمها إيران بإطلاق مقذوفاتصاروخية ضد القوات الأمريكية في سوريا.
وحتىلو نجح بايدن بالاتفاق على إحياء الاتفاق النووي فعليه البحث عن طرق لمعالجة التأثيرالإيراني بالمنطقة، وهو أمر أكد الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي، وبعد يوم منإعلان فوزه أن بلاده لن توافق عليه.
وبهذهالمثابة فالغارات الجوية تؤكد عدد التيارات المتقاطعة التي تواجه بايدن وهو يحاول تشكيلسياسة متماسكة من إيران. فهو يواجه ضغوطا من عدة اتجاهات، من الكونغرس وإسرائيل والحلفاءالعرب، بالإضافة إلى الرئيس الإيراني القادم والذي فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكيةفي 2019 عقوبات بعدما توصلت إلى أنه شارك في لجنة الموت التي أمرت بالقتل الفوري لآلافمن المعتقلين السياسيين قبل أكثر من 30 عاما.
وفيالكونغرس، تساءل بعض الديمقراطيين إن كانت الغارات التي أمر بها بايدن هي شكل مستمرمن الصلاحيات الرئاسية واستخدامها بدون استشارة أو موافقة من الكونغرس.
وقالالسناتور الديمقراطي عن كونيكتيكت كريستوفر ميرفي إن كانت الهجمات الإيرانية عبر جماعاتهاالوكيلة في العراق تصل إلى ما أسماه "الحرب ذات الوتيرة المنخفضة". وقال:"لا يمكنك الإعلان عن بند 2 من سلطات الحرب مرة بعد الأخرى"، في إشارة إلىالبند الذي قال الرئيس إن له حق تفعيله بدون إبلاغ سلطات الكونغرس.
وفيمقابلة مع ميرفي قال فيه إن "الغارات الجوية الانتقامية المتكررة ضد القوات الوكيلةعن إيران باتت تبدو لما نعتبره شكلا من الأعمال العدوانية، وهو ما يحتاج من الكونغرسمناقشة إعلان الحرب أو صلاحيات أخرى تمكن الرئيس من استخدام القوة العسكرية".
وأضافميرفي: "يتطلب الدستور وقانون سلطة الحرب من الرئيس العودة للكونغرس من أجل إعلانالحرب في ظل هذه الظروف". لكن بايدن يقول إن الغارات المستهدفة والمحادثات للعودةإلى الاتفاقية النووية التي خرج منها الرئيس دونالد ترامب تهدف إلى تجنب الحرب.
ويقولالمسؤولون في البيت الأبيض إنه لا نية لهم طلب إعلان حرب ضد إيران أو جماعاتها الوكيلة.
ووصفوزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي يزور أوروبا الغارات بـ"الضرورية والمناسبةوالعمل المقصود الهادف للحد من مخاطر التصعيد. ولكنها ترسل رسالة ردع لا غموض فيها".
وفينفس الوقت فالغارات هي رسالة بايدن إلى الجمهوريين في أمريكا الذين يحاولون تصوير بايدنبالضعف أمام العدوان الإيراني. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن المنطقوراء الغارات بسيط: "يجب أن تتوقف الهجمات ضد قواتنا ولهذا أمر الرئيس بالعملية الليلةالماضية للدفاع عن النفس وقواتنا".
وقالتإن الميليشيات الشيعية أطلقت خمس طائرات مسيرة ضد القوات الأمريكية منذ نيسان/ إبريلوأن الوقت قد حان لرسم خط.
وبالنسبةلبايدن فالكونغرس هو جزء من التعقيدات التي يواجهها في التعامل مع إيران، فقد عبرتالحكومة الإسرائيلية الجديدة عن تحفظ من العودة للاتفاقية النووية التي حاول رئيس الوزراءالسابق بنيامين نتنياهو وقفها وخاطب الكونغرس أثناء فترة باراك أوباما.
والتقىبايدن، الاثنين، مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين التي تنتهي ولايته، وكان لقاءوداعيا لشكره على سنوات من الشراكة مع الولايات المتحدة منها سبعة أعوام كرئيس.
واستغلبايدن المناسبة في المكتب البيضاوي وأعلن: "لن تحصل إيران على السلاح النووي وأناموجود". وكانت محاولة من بايدن للتأكيد على الهدف المشترك نحو إيران وإن اختلفالبلدان في كيفية نزع سلاح إيران النووي. ولكن الخلافات باتت واضحة حول طبيعة الاتفاقيةالجديدة التي ستخرج من المفاوضات بعد ستة أعوام على الاتفاقية الأصلية. فقد تقدمت قدراتإيران وطورت أنظمتها العسكرية بشكل كبير منذ توقيع اتفاقية 2015.
ويعترفالمسؤولون البارزون في إدارة بايدن من بلينكن وإلى من هم تحته بأن الاتفاقية القديمةكان يجب أن تكون "أطول وأقوى" وشملت برامج إيران الصاروخية ودعمها للإرهاب.لكن الفجوة اتسعت الآن، فمن الواضح وبشكل متزايد أن أي اتفاقية شاملة تعالج الشكاوىالأمريكية بشأن السلوك الإيراني يجب أن تضم عددا متنوعا من الأسلحة التي كانت إيرانتعمل عليها قبل ستة أعوام. وتضم الطائرات المسيرة التي تستطيع حمل أسلحة تقليدية وإسقاطهابدقة متناهية وكذا الصواريخ التي يمكن أن تستهدف كل دول الشرق الأوسط وتخوم أوروباوالأسلحة الإلكترونية التي يمكن أن تستخدم ضد المؤسسات المالية الأمريكية وتستخدمهاالقوات الإيرانية بشكل منتظم.
ولمتشمل المعاهدة الأصلية أيا من هذه الأسلحة، صحيح أن هناك اتفاقا منفصلا للصواريخ صادقعليه مجلس الأمن القومي وتجاهلته إيران. وهناك حس متزايد أن على بلينكن أن يشمل فيالاتفاقية الجديدة الكثير من الأسلحة إن أراد الوفاء بتعهده عن اتفاقية "طويلةوقوية".
والسؤالإن كانت إيران ستوافق على التفاوض حول أسلحتها والتكنولوجيا التي توصلت إليها، لكنهناك شعور بأن الأمريكيين لديهم نفوذ حالة تم إحياء اتفاقية 2015 وبخاصة أن إيران بحاجةللحصول على دعم أمريكي في مجال التعامل مع المؤسسات المالية العالمية والسماح لها بتصديرالنفط.
ومعذلك تظل الإشارات المقلقة حاضرة في ظل عدم التحاور مع الرئيس المتشدد لإيران. فقد قررتإيران عدم تجديد رخصة السماح للمفتشين الدوليين إلى منشآتها والتدقيق في الكاميراتالمركبة فيها، وهذا أمر مهم لأن أمريكا بحاجة لأن تقنع حلفاءها في إسرائيل والسعوديةأنه لم يتم حرف أي من الترسانة النووية لأغراض عسكرية في أثناء المفاوضات.
وقالالأمريكيون، الاثنين، إنهم لا يجدون سببا يقودهم للاعتقاد أن الإيرانيين أغلقوا الكاميرات،لكن الإيرانيين يحاولون زيادة الضغط حتى يحصلوا على صفقة بناء على شروطهم فلن تكونللغرب فرصة لمعرفة ما يجري في المنشآت النووية. وهو وضع يهدد باندلاع دورة تصعيد جديدةتحاول الإدارة تجنبها.
مزيد من التفاصيل