قراءة المدن مثلما نقرأ نصّاً - منتديات المطاريد
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَٰهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَٰهٌ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (84) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) "الزخرف"

منتديات المطاريد | الهجرة الى كندا | الهجرة الى استراليا

 


DeenOnDemand


BBC NEWS

    آخر 10 مشاركات

    Arabic Discussion Forum with a Special Interest in Travel and Immigration

    Immigration to Canada, Australia, and New Zealand

    Egypt and Middle East Politics, History and Economy

    Jobs in Saudi Arabia, USA, Canada, Australia, and New Zealand

    العودة   منتديات المطاريد > إعلام وثقافة وفنون > صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح وسائل إعلام مسموع ومقروء ومرئى

    صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح

    قراءة المدن مثلما نقرأ نصّاً


    الهجرة إلى كندا والولايات المتحدة واستراليا

    مواقع هامة وإعلانات نصية

    إضافة رد
     
    أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
    قديم 27th July 2021, 05:41 AM المستشار الصحفى غير متواجد حالياً
      رقم المشاركة : 1
    Field Marshal
     





    المستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud ofالمستشار الصحفى has much to be proud of

    new قراءة المدن مثلما نقرأ نصّاً

    أنا : المستشار الصحفى




    أحياناً نجرّب النظر إلى مدينةٍ من المدن كما لو أنها مراحل من أمكنةٍ وأزمنة متتابعة، بعضها يتلو بعضاً، أو متراكبة يندثر بعضها ويقوم بعضٌ آخر فوق ما اندثر، وهكذا وصولاً إلى الزمن الراهن. ولكنّ هذه النظرة ليست مجرّد مسح فوتوغرافي للجغرافيا المتخيّلة والواقعية، بقدر ما هي قراءة.

    حين تقرأ مدينة بهذا الأسلوب، فأنت تقرأ في الحقيقة نصّاً مكتوباً. وقراءة النص، كما يُقال، ليست مجرّد تلاوةِ سطوره الظاهرة، بل هي ــ في العمق ــ قراءةُ سطوره الغائبة، أو ما بين السطور، في المشهور من القول.

    هذه التجربة مررتُ بها وسجّلتها ذات يوم، وأشعر أنها تستحق التنويه وإعادة الصياغة مجدّداً؛ أي تقديمها كقراءةٍ ثانية. ومثلما تُغري نصوصٌ بالعودة إليها، كذلك تغري المدن، وربما تستنفر ملكاتٍ غابت عند المواجهة الأولى.

    وقفتُ ذات يوم على رصيفٍ بالقرب من بوابة الجهراء المنفردة في الكويت المعاصرة، والقائمة حتى الآن لتُذكِّر أن هاهُنا كان سورٌ طيني يحيط بالكويت، التي ظهرُها إلى البحر، على شكل قوس يحميها من غزو الغزاة وعواصف الصحراء الرملية، وها أنا أقف أمام إحدى بوّاباته. في تلك اللحظة لم يكن ما حولي ينبئ بشيء من هذا الماضي البعيد. وجوهُ الناس تنتمي إلى هذا الزمن، وكذلك المباني الحديثة، ما ارتفع منها قبل عقدين ولم يتجاوز الطبقتين أو الثلاث طبقات، أو ما جاء منذ وقت قريب وارتفع وامتدّ شاهقاً حتى ليُخَيَّل إليك أنه ينطلق عمودياً ليُعانق الغيوم. ولكنّ ذاكرتي سرعان ما تبدأ بحركة عكسية في تخيُّل ما غاب وظلّ ماثِلاً تحت كلّ هذا.

    نشأت البيوت التي بناها العرب والكويتيون نشوءاً عضوياً

    هذه الحشود البشرية على الأرصفة، وفي الدوّار الذي تحوّل إلى حديقة، أكثر وجوهها من الشرق الأقصى، من الفيلّيبين وبنغلادش، وتقف في المكان نفسه الذي تموّجت فيه وجوهُ اصدقائنا المصريين والفلسطينيين في زمن أقدم. لم تختلف الوجوه فقط، بل وحتى البقّاليات والمقاهي وواجهات المحلات، وطريقة الارتياد، ومحتويات هذه المطاعم والبقّاليات.

    وتعود بي الذاكرة إلى مكان أبعد حين لم يكن هذا الفندق قائماً، ولا هذا المَجْمَع، بل كانت هاهُنا بيوتٌ طينية متلاصقة تنفتح على طرق ضيّقة أمام سور وبوّابة ليس وراءها سوى قوافل جمال تتحرّك قادمةً من أعماق الجزيرة العربية.

    هل أعود بالذاكرة إلى مكان أبعد؟ سيحتاج الإنسان إلى ما حفظتْه ذاكرةُ الكتب وذاكرة كبار السن الذين يبدو أن الزمن أوغل بعيداً عنهم وتركهم لا مبالين مع صورهم. ولكنّني أشعر ــ من كلماتهم ــ أنهم لا يُنادمون أشباحاً بل ينادمون أحياءً يتحرّكون ويتحدّثون بالعنفوان نفسه الذي كانوا عليه في ماضي الأيام.

    ها أنا أصل إذاً إلى ذلك الكيان العضوي الذي يُسمّى عادةً المدينة القديمة. هذه العودة لا تحتاج إلى كشطٍ وحكٍّ بالِغَيْن كما لو أننا نُزيل ألواناً وخطوطاً عن قماش لوحة لنصل إلى الرسم الأصلي، إلى المِهاد، فكلّ شيء قائم ومجّسد، وليس مجرّد رسم على قماش لوحة، أو مجرّد خطوط أوّلية.

    في سبعينيات القرن الماضي، كان يمكنني ان أتنقل في منطقة شرق، من فريج إلى آخر، أي من زقاق إلى آخر، وأُبصر تلك البيوت الطينية بمعمارها البسيط. بعضها متآكلٌ بفعل الأمطار، وبعضها متهدّمُ الحوافّ بسبب القِدم؛ وأتّخذُ طريقي إلى البحر، ثم مرسى السفن ذاتها التي تتحدّث عنها كتب الرحّالة الذين مرّوا بالكويت، واشهرهم ذلك المغامر الأسترالي فليرز. وقد أتوقّف لأشاهد الصيّادين العائدين إلى الشاطئ، بعضهم ما زال يُصلح شِباكه مثلما كان يفعل منذ زمن لا تعيه الذاكرة، وإن دلّت عليه بقايا عِظام أسماك وصنّارات معدنية ظهرت بعد تنقيب بعثات الآثار، وبعضهم يدقّ أو يطرق خشبة، أو يقف مراقباً البحارة يهبطون إلى البرّ بأحمال لم أكن أعرف تحديداً ما هيَ.
    لا يمكن لعين حسّاسة إلا أن تنتبه لجمال البسيط والعادي

    في هذه البقعة التي يقول عنها المعماري الفلسطيني الشهير سابا جورج شبر، مخطِّط الواجهة البحرية، إنها الأقسى مناخاً في العالم، تجد نفسكَ، أنت والمدينة، في مواجهة البحر، وتنسى للحظاتٍ ذلك الوجه الآخر الذي لمحته عند بوّابة الجهراء حين اختلطتَ بالقادمين مع قوافلهم وهم يتقدّمون ويدخلون بين ظلال البيوت. ولكنّ هذا لا يعني أن كلّ جزء من هذا الكيان العضوي منفصل عن الآخر. لقد تشكّل جسم المدينة الداخلي استجابةً لحاجات الحياة اليومية. تتقارب أعضاؤه، وتتخلّله فتحات فاصلة تسمح بمرور الهواء الطلق، وتسمح بانتشار الظلال، وتسمح بالحركة بين هذا الحيّ أو ذاك، إلّا أنها تنمو استجابةً للحاجات الأساسية، فتتحوّل إلى تحفة معمارية/ إنسانية.

    قد تدخل أحياءُ هذه التحفة بخطوطها الصامتة في حوارٍ صامت مع مشهد الشوارع الواسعة الآن، مع مشهد المباني الإسمنتية، ثم الزجاجية العالية بفضل اختراع الإطار المعدني واستخدام الزجاج وأخفّ المواد لينتقل ثقلُها من الجدران إلى الأساسات، ولكنّ هذا الحوار بأبجدية مفرداته الأفقية والعمودية، والفراغ الملموم والفراغ الفاره، والطين والزجاج، سيكون حواراً بين غريبين التقيا مصادفة، أو سكن أحدهما شفّافاً وخفيفاً في خيالي، ووقف الآخر حيّاً وملموساً لا أستطيع تجاهله وهو يضغط بثقله، أنا الذي أتحرّك كأنما جزء مني في الظلّ وجزء تحت الشمس الساطعة.

    سأعود إلى الظلّ إذاً، الظل الشرقيّ الذي امتدحه الياباني جونشيرو تانيزيكي، وما زال صداه يتردّد في الثقافة الإنسانية، ليس لأنه أكثر عذوبة وبرودة فقط، بل لأنه يحمل معنى.

    لقد نشأت البيوت التي بناها العربي قديماً، والكويتي خاصّةً ــ ولهذا دلالة مهمّة ــ نشوءاً عضوياً أيضاً تحت ضغط حوافز وضعيّته الاجتماعية والمعيشية، أي تلبيةً لأعرافه وشروط المناخ المحيط بأيامه، وعلى أساس ما توفر من موادّ بناء محلّية في الأغلب الأعم. بيوت لا يأخذها الزهو كلَّ مأخذ، بسيطة، تُشعرك باعتزاز صاحبها بنفسه وقدراته، يجاور بعضُها بعضاً، أي يحمي بعضها بعضاً من عصف الرمال وهبوب الرياح الساخنة.

    البيت بباحته كينونةٌ تدور حولها الحياة الاجتماعية للعائلة. هنا، لا يمكن لأي عين حسّاسة إلا أن تنتبه لجماليات البسيط والعادي الذي يغرم به الشرقي عادةً، من اليابان إلى المغرب؛ سماكة الجدران وبساطتها، وجذوع الأشجار السوداء اللامعة المستخدمة في التسقيف، وحجم النوافذ ومواقعها، وصقل الأبواب والنوافذ.

    هذا هو ما يُسمّى في علم تخطيط المدن، المدينة الطبيعية والمنطقية التي تنمو لتُلائم حاجات السكن، بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من ظلال تعني السكينة والاستقرار والأمان. هذه أشكالٌ لا تنمو بناء على مخطّط مسبق، بل كما تفرض الحاجات الإنسانية. ومع نموّ هذا النمط من المدن وتوسّعه شكلاً ومعنىً، يُصبح تعبيراً عن ثقافة؛ ثقافة الرحلات البحرية، وثقافة الإمعان في الفيافي، والغوص على اللؤلؤ، والمُتاجرة مع كل ما تيسّر من ألوان وأجناس بشرية على امتداد سواحل المحيط الهندي شرقاً وغرباً؛ ثقافة أبوية يحكمها ويُهديها المحرّك الرئيس؛ الدين الاسلامي.

    ما زلتُ حتى الآن بالقرب من البحر، وعلى امتداد الشاطئ أُبصر منازلَ أيضاً وعماراتٍ لبناء السفن. ولكنْ من تمازج منظورين إلى الكويت؛ منظور إنسانٍ قادم على ظهر سفينة، وآخر على ظهر جمل، يتكشّف للناظر أفقٌ تُحدِث فيه نغمتان نوعاً من الطباق؛ بين المنائر وسطوح البيوت المنخفضة، بين خطوط عمودية وأخرى أفقية. وكان لا بدّ من حُدوث العموديّ ليحدّ من رتابة الأفقيّ كما يحدث في كل فنّ.

    صحيح أن صنّاع السفن على امتداد واجهة بحرية لم تتّخذ بعد شكلها الحديث المصنوع والمخطّط، وأصحاب السفن، والتجّار الجالسين على المصاطب أمام بيوت وديوانيات واجهتُها بيضاء مسطحة، لا يشاهدون هذا التناغم الموسيقي بين العمودي والأفقي، وصحيحٌ أنهم لا ينظرون من منظار راكب السفينة وراكب الجمل في آن واحد معاً، إلّا أنهم يشعرون به في أعماقهم اللاواعية. ذلك أنه يماثل طباقاً آخر يعيشونه في حياتهم اليومية، بل ويلتقون به في أية زاوية ومرفأ هبطوا فيه أو جاؤوا منه؛ أعني هذا التعدّد المتنافر والمتناسق في الوقت نفسه، المأخوذ كأمرٍ مسلّم به، أعني تعدّد الأجناس واللغات والعادات والصنائع والألوان، والمنهمك في حوار لا يتوقّف منذ أزمان سحيقة.

    كان يقال لنا دائماً إن أهل المدن التجارية، أهل السواحل، هم الأقلّ تعصُّباً في العالم، والأكثر تفهُّماً للاختلاف بين الناس. في هذه الوقفة البحرية، أمام الشاطئ المشغول بالاستعداد للرحيل، أشعر كَم أنّ هذا صادقٌ ودقيق. وأشعر أيضاً كم أنه يعبّر عن حقيقةٍ من حقائق عالم الموسيقى التي تعزفها عدة آلات مختلفة صوتاً وتكويناً وتأتي مع ذلك متناغمة وكأنها صادرة عن آلة واحدة. لكلّ عازف مع آلته مكانه المستقلّ، وكذلك البشر، ولكنّه مُشاركٌ في القطعة الكلّية.


    * شاعر وروائي وناقد من فلسطين






    مزيد من التفاصيل

     

    الموضوع الأصلي : قراءة المدن مثلما نقرأ نصّاً     -||-     المصدر : منتديات المطاريد     -||-     الكاتب : المستشار الصحفى

     

     


     
    رد مع اقتباس


    Latest Threads By This Member
    Thread Forum Last Poster Replies Views Last Post
    القناة 12 الإسرائيلية: رئيس الموساد كان يعتقد... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 09:39 PM
    شادي رياض لـ"العربي الجديد": سأعمل جاهداً لأكون... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 09:39 PM
    وهبي الخزري يرفض العودة إلى منتخب تونس صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 09:39 PM
    مراسل "العربي الجديد": قصف عنيف من الطيران الحربي... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 09:39 PM
    رئيس الموساد يتهم نتنياهو بعرقلة التوصّل إلى صفقة... صحافة ... إعلام ... سينما ومسرح المستشار الصحفى 0 1 28th March 2024 09:39 PM

    إضافة رد

    مواقع النشر (المفضلة)


    أدوات الموضوع
    انواع عرض الموضوع

    الانتقال السريع

    Currency Calculator
    Your Information
    RSS RSS 2.0 XML MAP HTML


    Powered by vBulletin® Version 3.8.8
    .Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
    (جميع الأراء والمواضيع المنشورة تعبِّر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المطاريد)
    SSL Certificate   DMCA.com Protection Status   Copyright  


    تنبيه هام

     يمنع منعاً باتاً نشر أى موضوعات أو مشاركات على صفحات منتديات المطاريد تحتوى على إنتهاك لحقوق الملكية الفكرية للآخرين أو نشر برامج محمية بحكم القانون ونرجو من الجميع التواصل مع إدارة المنتدى للتبليغ عن تلك الموضوعات والمشاركات إن وجدت من خلال البريد الالكترونى التالى [email protected] وسوف يتم حذف الموضوعات والمشاركات المخالفة تباعاً.

      كذلك تحذر إدارة المنتدى من أى تعاقدات مالية أو تجارية تتم بين الأعضاء وتخلى مسؤوليتها بالكامل من أى عواقب قد تنجم عنها وتنبه إلى عدم جواز نشر أى مواد تتضمن إعلانات تجارية أو الترويج لمواقع عربية أو أجنبية بدون الحصول على إذن مسبق من إدارة المنتدى كما ورد بقواعد المشاركة.

     إن مشرفي وإداريي منتديات المطاريد بالرغم من محاولتهم المستمرة منع جميع المخالفات إلا أنه ليس بوسعهم إستعراض جميع المشاركات المدرجة ولا يتحمل المنتدى أي مسؤولية قانونية عن محتوى تلك المشاركات وإن وجدت اى مخالفات يُرجى التواصل مع ادارة الموقع لإتخاذ اللازم إما بالتبليغ عن مشاركة مخالفة أو بالتراسل مع الإدارة عن طريق البريد الالكترونى التالى [email protected]