تحدث كاتبان إسرائيليان عنالفشل الأمني، بعد نجاح ستة أسرى فلسطينيين من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع، الذي يعدأشد السجون الإسرائيلية تحصينا.
وقال الكاتب أمنون لورد فيمقال نشره بصحيفة "إسرائيل اليوم"، إن تمكن ستة أسرى فلسطينيين منالتحرر من أكثر السجون الإسرائيلية حراسة عبر نفق أرضي، يؤكد هشاشة وضعفالمنظومة الإسرائيلية، مضيفا أنه "من الأفضل لإسرائيل ألّا تحتفل بعدتمكنها من إعادة اعتقال عدد من هؤلاء الأسرى".
ونبه بأن "هناك العديد منالدروس المريرة من قضية الفرار من سجن "جلبوع" تلمس كل المنظومات التي يتعلقبها أمن إسرائيل، وهذه ليست قصة يمكن أن نسقطها فقط على مصلحة السجون أو على المجندةالتي غفت".
وأشار لورد إلى أن "مسارالتفتيشات يظهر أن زكريا الزبيدي ورفاقه توجهوا لمركز الجليل، ويحتمل ألا يكونوا حاولواالوصول إلى المناطق أو عبور نهر الأردن، ولكن إلى أن يعتقل الاثنان المتبقيان أو يصفيا،لن نعرف".
رسالة للفلسطينيين
وأضاف: "المسافة التي قطعها الزبيدي وشريكه عراضة عن السجن لا تزيد عن15 كيلو مترا، وفي هذه المنطقة، التي بين الناعورة، أم الغنم و"كفار نيتسر"،كانت هناك مواجهات وحالة من التوتر" أثناء العدوان الأخير على غزة الذي بدأ في10 أيار/ مايو الماضي".
ولفت الكاتب إلى أنه في فترةالعدوان الإسرائيلي على غزة، الذي استمر 11 يوما، "أغلقت محاور وخربت سيارات فيتلك المناطق، بينما كانت الشرطة الإسرائيلية تشارك في الأحداث كمسجلة إحصاءات".
وقال: "السؤال الآن، ماهو الأخطر؛ فرار بسيط واستغلال فرصة دون تخطيط ذكي؟ أم عملية فرار يشارك فيها مساعدونمن داخل السجن ومن خارجه؟".
وأوضح أن "المسافات التيقطعوها، بين 15 - 30 كيلو مترا، تدل على أنه لم تنتظرهم أي سيارة في الخارج، وعمليةالقرار هذه تدل على الجسارة، وتثبت انعدام أداء منظومة الحبس والحراسة".
ورأى أن "العملية حملترسالة للفلسطينيين ولعرب الداخل، أن المنظومة الإسرائيلية ضعيفة، وقابلة للاختراق، وخائفةمن استخدام قوتها وصلاحياتها، وكل واحد يحاول أن ينهي ورديته بسلام، وهذا هو مرض كلمنظومات الإنفاذ والأمن، وقبل كل شيء جهاز القضاء".
اقرأ أيضا: كاتب إسرائيلي: الأسرى الستة زادوا التحام الفلسطينيين
من جانبه، قال الخبير الإسرائيلييواف ليمور إن "هروب الأسرى الفلسطينيين الستة من سجن جلبوع شكل فضيحة لمصلحةالسجون الإسرائيلية، وكشفها عارية أمام الإسرائيليين، ما يستوجب ضرورة البدء بعمليةالتصحيح، صحيح أن العملية تكتسب مبالغة لافتة، لكن الخلل الذي رافق أداء مصلحة السجونلا يقل خطورة عنها، ومن الواضح أن السيناريوهات المحتملة متزايدة، بسبب العديد من علاماتالاستفهام التي رافقت السلوك الإسرائيلي".
وأضاف ليمور في مقال بصحيفة"إسرائيل اليوم"، ترجمته "عربي21"، أنه "رغم إلقاء القبض علىعدد من الأسرى، لكن الأحداث التي ستترافق معها سيكون لها وزن كبير، خاصة الطريقة التيستحاول بها المنظمات الفلسطينية الاستفادة من الوضع، والديناميكيات التي سيتم إنشاؤهاعلى الأرض، فأي شخص تعرض في السنوات الأخيرة لقصص من واقع السجون الأمنية، يجب أن يفهمأن هناك شيئًا فاسدًا للغاية حصل داخل السجن الإسرائيلي".
وأوضح أن "هناك جملة إخفاقاتسبقت عملية هروب الأسرى، بدءا بحالة التراخي التنظيمي لمصلحة السجون، وتعيين الأشخاصغير المناسبين للوظائف الخاطئة، وتجاهل الإرشادات، وثقافة الاستدراج والاختباء والهرب،وتوجيه النقد الخارجي على الكنيست والحكومة، رغم أن وزير الأمن الداخلي عومر بارليفيطاله جزء من المسؤولية، فلا يجوز أن يبقى مسؤولا وهو يجلس خلف مكتبه، هذا مزعج للغاية،لأنه ضعيف في مواجهة الجريمة المتصاعدة في الوسط العربي"، وفق قوله.
وأشار إلى أننا "أمام سلسلةمن السلوكيات الإسرائيلية الفاشلة التي تسببت بهذا الإغفال، ما زاد من دعوات تشكيللجنة تحقيق برلمانية للتحقيق مع مصلحة السجون، رغم أن هذا التحقيق سيتحول إلى"سيرك" اتهامات بين الائتلاف والمعارضة، وفي الوقت ذاته فإن هيكلية مصلحةالسجون بحاجة لإصلاح جذري، بما فيها درجة ملاءمتها لأداء مهامها، وميزانيتها ونوعيةقوتها البشرية، وإدارتها العليا وسلوكها، والثقافة المنحرفة للغاية، التي تقترب منالفوضى التي تعمل فيها".
مخيم جنين
وأكد أن "بعض هذه الإخفاقاتليس من مسؤولية مصلحة السجون مباشرة، بل يقع على عاتق الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة،لأن السجون الإسرائيلية شهدت نهجا متراخيا يعرفه الجميع منذ سنوات، بسبب خشية إسرائيلمن أي مواجهة مع الأسرى، واليوم بعد هذا الهروب ستحاول مصلحة السجون إصلاح هذه الأعطالوالأضرار الهائلة التي تسببت في هذا الفشل، وفي الوقت ذاته منح هالة من الشرف والمجدترافقت مع هروب الأسرى".
وأضاف أن "الأجواء مشبعةببخار الوقود، ولا تحتاج لمتفجرات إضافية لإشعال احتراق كبير، وأي تحرك إسرائيلي سيتمتجاه الأسرى سيكون له عواقب بعيدة المدى، لأن قضية أكثر من أي قضية أخرى لها إمكاناتمدمرة، كونها محل إجماع مطلق في الشارع الفلسطيني، لعلها تزيد عن مجمل القضايا السياسية،فلا تكاد توجد عائلة فلسطينية ليس لها أسير، أو لا تعرف أسيرًا، وبالتأكيد كلهم سعداءبهروب الأسرى، وإذلال إسرائيل، وهذه نقطة البداية للإدارة الأمنية للأزمة الحالية".
وأكد أن "كون معظم الأسرىمن مدينة جنين شمال الضفة الغربية، فيمكن الإشارة إلى أن هذه المدينة ومخيم اللاجئينفيها أصبحت كيانًا مستقلًا إلى حد كبير، ومنفصلا عن السلطة الفلسطينية، التي تخشى قواتهاالأمنية من دخول المدينة ومخيمها، وعندما فعلوا ذلك قبل أسابيع لمصادرة مركبات غيرقانونية، وصل مسلحون لمركز الشرطة، وفتحوا النار، واستعادوا المركبات، فيما قتل ستةفلسطينيين في اشتباكات بين المسلحين وقوات الجيش خلال تنفيذ حملات اعتقالات".
وأوضح أنه "من أجل إحباطأي اشتباكات متوقعة في المدينة، هناك حاجة لدرجة عالية من التنسيق مع السلطة الفلسطينية،فجنين ليست تحت سيطرتها الكاملة، لكن مثل هذا التنسيق سيعمل على احتواء الأحداث فيشمال الضفة الغربية، ومنع تسربها لقطاعات أخرى فيها، ورغم تسجيل أحداث عنف في رام اللهوالخليل، لكنها لا تزال تحت السيطرة، وفي حال زاد مستوى المواجهات، فسيحتاج الجيش لزيادةقواته، ولكن دون استخدام القوة المفرطة؛ خشية ارتفاع الخسائر".
ولفت إلى أن "السلطة الفلسطينيةستحاول الابتعاد عن التعاون الأمني العلني والمفتوح مع إسرائيل، حتى لا يُنظر إليهاعلى أنها متعاونة في موضوع الأسرى، وهي قضية توافقية في الشارع الفلسطيني، لكن وراءالكواليس لها مصلحة في القيام بذلك، فالفوضى وتقوية التنظيمات المسلحة تهددها أولاًوقبل كل شيء، ومستقبلها في الضفة الغربية".
مزيد من التفاصيل